"دقاق ونحات ومبيض محارة"، فئات مهمشة تندرج تحت مسمى "عمال التراحيل"، والتى تعانى بشكل يومى من الجوع والإهمال والفقر، بل والاضطهاد أيضًا، الذى يتمثل فى تجاهل الحكومة لهم، منذ أن ظهروا على سطح الأرض لم يعرفوا معنى للرفاهية، حتى السعادة تتلخص بالنسبة لهم فى رضاهم عن أنفسهم بعد قضائهم لساعات عمل شاقة إن وجد فى مقابل مادى بسيط، آتوا من مختلف الأقاليم على أقدامهم ليجوبوا شوارع المدينة المستنيرة، مقهورين تحت أشعة الشمس وفى غيوم البرد القارس بميدان المطرية، فلا يراهم إلا الفقراء، ولا يشعر بهم إلا المهمشين، وعلى ما يبدو أن سيارات المسؤولين فى مصر لا تمر على الشوارع التى يمكث بها الفقراء، أو بمعنى أدق لا يفضلون النظر إليهم حتى ولو بعين الرحمة.
حكاوى وغناوى قد تميل إذنك إلى سماعها معهم، فقط إن كنت إنسانًا، فأنت تتعامل مع مواطنين، وأنت فى حالة شك حول إن كانت الدولة تعترف بهم كمواطنين أم لا، يمتلكون قلوبًا نقية، فأحلامهم تتلخص فى الحصول على عمل يومى لسد حاجات البيوت، وكسب رضا الله، والاقتناع بما قسمه لهم من نصيب.
يخرج عمال التراحيل يوميًا من محافظات عديدة للتجمع فى تمام السادسة والنصف صباحًا بميدان المطرية، يجلسون بالساعات وبالأيام وربما بالشهور أيضًا منتظرين الفرج، حتى يأتى مقاول الأنفار يستأجر البعض منهم طبقًا لمواصفات بدنية وقوى جسدية وعمرية خاصة، فكلما كنت شابًا أصبحت فرصتك أكبر، وكلما كنت كهلًا أصبحت مثل خيل الحكومة "بينضرب بالرصاص"، تظل منتظرًا من يرأف بحالك وظروفك ويضمك إلى عماله.
عدسة "مبتدا" التقت العديد من العمال، وأجرت معهم حوارًا مفتوحًا دون قيود، للاطلاع على مشكلاتهم ونشرها بكل حرية، لعل وعسى أن تهبط الرحمة على قلب مسؤول، ويرفع شكواهم، ويضعها محل اهتمام بجوار مشكلات المستثمرين ورجال الأعمال.
وقال أحد أعضاء أسرة التراحيل إنه على مدار عام ونصف العام، يتواجد يوميًا منذ الصباح أملًا فى الحصول على عمل بشكل يومى، بعد أن تأثر عمله بالتطورات التى طرقت على الساحة المصرية منذ 4 أعوام مضت، وعدم تمكنه من الحصول على قوت يومه، مطالبًا الحكومة والمسؤولين بالتدخل لإنقاذهم، قائلا: "شوفولنا شغل عايزين نأكل عيش، لو سرقنا هتقولوا علينا بلطجية".
وأوضح عامل آخر أنه انتظر بالميدان 6 أشهر للحصول على فرصة عمل، قائلًا: "شيل عننا الماية والكهرباء، هى الناس اللى بتاخد 3 و4 آلاف جنيه بياخدوهم ليه".
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com