ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

أزمة عقل «١٥»

بقلم د. مراد وهبة | 2014-11-24 10:54:52

وهذا نص كلمتى التى ألقيتها فى مؤتمر «تحالف كوبنهاجن» الذى انعقد فى القاهرة فى الفترة من ٥ إلى ٧ يوليو ١٩٩٩، وذلك احتفالاً بذكرى وفاة لطفى الخولى:

اسمحوا لى، فى البداية، أن أوجه تحية شكر ليس أعمق منها إلى اللجنة المنظمة لهذا المؤتمر إذ طلبت منى أن أتحدث إليكم عن المناضل المبدع لطفى الخولى. وأغلب الظن أن الذى دفع اللجنة إلى هذا المطلب هو أننى الوحيد من بين أعضائها الذى لازمته فى تأسيس مجلة «الطليعة» عند صدورها فى يناير ١٩٦٥ وفى تأسيس «التحالف الدولى من أجل السلام العربى الإسرائيلى» فى يناير ١٩٩٧.

وأظن أن هذه الزمالة تسمح لى بالإجابة عن السؤال الآتى:

كيف كان يفكر لطفى الخولى؟

فى عبارة موجزة يمكن القول بأن لطفى الخولى يتميز بأنه صاحب رؤى مستقبلية يؤسس الواحدة بعد الأخرى ويتجاوزها إذا ما تجاوزها الواقع المتطور. وأدلل على ما أقول بمرحلتين أساسيتين فى تاريخ نضاله السياسى وهما «مجلة الطليعة» و«التحالف».

صدرت مجلة «الطليعة» باقتراح من الرئيس جمال عبدالناصر لكى تعبر عن الأيديولوجيا الاشتراكية للنظام السياسى إلا أنها أضافت إلى هذه المهمة مهمة التعبير عن الحقوق المشروعة للثورة الفلسطينية. ولكن سرعان ما وجد لطفى الخولى نفسه فى خضم الصراع بين اليمين واليسار داخل النظام الناصرى. الأمر الذى أدى إلى اعتقاله أكثر من مرة. ومع ذلك فقد استمر رئيساً لتحرير «الطليعة» حتى جاء الرئيس السادات فوجد لطفى الخولى نفسه مرة أخرى فى صراع مع السادات عندما طلب منه أن يكيف «الطليعة» مع سياسته المسماة «الانفتاح الاقتصادى». ورفض لطفى التكيف فعيَن الرئيس السادات إحسان عبدالقدوس رئيساً لمجلس إدارة مؤسسة الأهرام التى كانت تصدر عنها «الطليعة» وذلك فى مارس ١٩٧٥. وكانت الغاية من تعيينه إبلاغ لطفى برغبة السادات فى غلق «الطليعة». ورفض لطفى تنفيذ هذه الرغبة واستجاب إحسان لهذا الرفض فأُعفى من منصبه وعُين بدلاً منه يوسف السباعى فى يوليو ١٩٧٦.

ودار الحوار التالى بين لطفى وإحسان:

قال لطفى: إحسان... لماذا لم تغلق «الطليعة»؟

أجاب إحسان: أنا لست غبياً حتى أغلق «الطليعة»، لأن مَنْ يغلق «الطليعة» يدفع ثمناً باهظاً.

وقد أغلق يوسف السباعى «الطليعة» فى مارس ١٩٧٧. وفى فبراير ١٩٧٨ اغتيل يوسف السباعى. واكتأب لطفى عند سماعه لهذه النهاية المأساوية. وأغلب الظن أن هذه النهاية قد أحدثت تأثيراً فى بنيته النفسية والعقلية، بالإضافة إلى التغيرات الجذرية التى أحدثتها زيارة السادات إلى القدس فى نوفمبر ١٩٧٧ وانهيار الاتحاد السوفييتى فى بداية التسعينيات.

فى هذا الإطار التفت لطفى الخولى إلى ضرورة الاستغناء عن إدارة الصراع الأيديولوجى بالعنف وسفك الدماء. ومن ثم اندفع إلى تغيير رؤيته المستقبلية فعثر عليها فى «تحالف كوبنهاجن» الذى كان هو أحد مؤسسيه.

وقبل موته بشهر دار حوار بينى وبينه:

قلت: ما انطباعك عن عداء المثقفين العرب لـ«تحالف كوبنهاجن»؟

أجاب: تخلف.

قلت: وماذا عن حال جسمك؟

أجاب: جسمى وَهَن، ويبدو أنه لم يعد صالحاً للحياة.

وأظن أن هذا الحوار يفسر لنا السبب الذى من أجله امتنع لطفى الخولى عن الذهاب إلى الطبيب فى أيامه الأخيرة. وهذه هى «مفارقة لطفى الخولى»، وهى مفارقة يمكن صياغتها على هذا النحو: «إنه شهيد الحياة والموت معاً».

والسؤال بعد ذلك:

ما الذى دفع لطفى الخولى إلى اشتهاء الموت؟

نقلا عن المصرى اليوم

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com