السينما تجعلك تشعر وكأنك تعيش أكثر من حياة مع كل فيلم جديد تُشاهده، هكذا كان يقول المخرج الأمريكى روبرت ألتمان، وهذا تحديداً ما أشعر به مع كل دورة جديدة من دورات مهرجان القاهرة السينمائى الدولى منذ عام ١٩٩٢، حيث الدورة السادسة عشرة للمهرجان، خلال فترة رئاسة الكاتب القدير سعد الدين وهبة، رحمه الله، فمنذ هذا التاريخ وأنا أتابع المهرجان فى دوراته المتتابعة، وفى عام ١٩٩٤ شرفت برئاسة تحرير واحدة من الصحف التى تصدر على هامش المهرجان، وكانت تحمل اسم «ليالى مهرجان القاهرة»، والمعنية بتغطية أحداثه وفعالياته، إضافة إلى بعض التحليلات السينمائية لأفلام المهرجان، وكذلك حوارات مع أهم ضيوفه، ومازلت أذكر القاهرة التى لا تنام من أجل متابعة أفلام المهرجان، والطوابير البشرية التى كانت تُغلق شارع عماد الدين وجميع شوارع وسط البلد.
قد ينتقد البعض ما سأكتبه، وقد لا يروق للبعض الآخر ما سأتحدث عنه، لكنه شعور لا أستطيع أن أخفيه، وهو شعور المؤامرة، وكيف نشعر جميعاً بأن كلاً منا عدو للآخر دون أى مبرر لذلك، وهذا ما رأيته جلياً يُحيط بالدورة الـ٣٦ من مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، فأنا فعلياً لا أعلم من يُحارب من! لكنى شعرت بأن هناك حرباً حقيقية، ولا أعرف من يتآمر على من، لكنى شعرت بوجود مؤامرة حقيقية لإفشال المهرجان أو لجعله يبدو فاشلاً، رغم أن هذا غير حقيقى على أرض الواقع، فعروض الأفلام أُقيمت فى مواعيدها المحددة مسبقاً، النشرة اليومية باللغتين العربية والإنجليزية لم تغب يوماً، الضيوف، الندوات، المؤتمرات الصحفية، ملتقيات الصناعة والصحافة والنقاد، حلقات البحث، العروض الخاصة، الاحتفال بمئوية المخرجين العظماء بركات ولانجلو، تكريم الفنانة القديرة نادية لطفى، السجادة الحمراء يومياً، حفلات توقيع الكتب، كل شىء تم كما أُعلن عنه، إضافة إلى الحضور الجماهيرى، وهذا هو المهرجان، أو ما يجب أن يُسأل عنه المهرجان.
ولو كنا نتحدث عن حفل الافتتاح وما شهده من اضطراب، فأنا أعلم أن إدارة المهرجان منذ أن أعلنت عن إقامته فى القلعة والختام تحت سفح الأهرامات أعلنت هيئة تنشيط السياحة مسؤوليتها الكاملة عنهما، ورصدت لهما ميزانية تُقدر بمليونى جنيه، رغم أن هذا لا يعفى المهرجان من مسؤوليته عن تلك الحالة من الاضطراب التى لا أنكرها، لكنها لم تكن بحجم الهجوم الذى واجهه المهرجان فى اليوم التالى، والصحف التى تصدرت عناوينها المهرجان وسوء التنظيم، وكأننا نتآمر على أنفسنا، أو أعداء لأنفسنا، لأن هذا المهرجان مهرجاننا وليس مهرجان الأعداء، وحتى نكون منصفين فى الحكم عليه يجب أن نضعه فى ظروفه الحقيقية، فالمهرجان تعطل العام الماضى نظراً للظروف الأمنية، ويُقام هذا العام أيضاً فى ظروف خاصة، ويجب أيضاً ألا نكتفى بتسليط الضوء على السلبيات التى قد يواجهها أى مهرجان فى العالم، ونذكر الإيجابيات التى أهمها أن المهرجان أُقيم.
وعلينا أن نتذكر أن مهرجان القاهرة السينمائى الدولى أول مهرجان سينمائى فى المنطقة العربية، مهرجان القاهرة الذى أُختير عام ١٩٩٠ فى تقرير الاتحاد الدولى لجمعيات المنتجين السينمائيين ضمن أهم ثلاثة مهرجانات للعواصم، وجاء فى المركز الثانى بعد مهرجان لندن السينمائى.
■ كلمة شكر:
لكل نبضة حب ساهمت فى نجاح المهرجان، لكل نبضة أمل فى عيون الشباب الذين تطوعوا للعمل فى المهرجان، لإدارة المهرجان، وعلى رأسها الناقد القدير سمير فريد، رئيس المهرجان، الذى تلقى سِهام النقد صامداً فى صمت لا يُحسد عليه، ولم تخرّ عزيمته، لأنه كان مؤمناً منذ البداية بأنه سيخوض تلك المعركة التى أعتقد أنه خرج منها منتصراً.
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com