ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

مفكر يرصد 8 ملاحظات حول فيديو «بيت المقدس»

المصرى اليوم | 2014-11-15 19:35:10
أبدى شريف يونس، أستاذا التاريخ بجامعة حلوان، عدة ملاحظات على فيديو أنصار بيت المقدس الإرهابي، التي بثته الجمعة، وأعلنت فيه مسؤوليتها عن حادث كوم الكواديس الإرهابي، قائل: «الملاحظة الأولية المهمة هي أن الفيديو في مجمله يوجه رسالته لطرفين لا ثالث لهما: رسالة أولى لجنود الجيش لحثهم على الفرار وعدم طاعة الأوامر بغرض تفكيك الجيش».
 
وأوضح «يونس»، في صفحته على «فيس بوك»، مساء السبت: «ورسالة تقع في المرتبة الثانية موجهة لأهل سيناء، لا تتماهى معهم ولا تدعي حتى تمثيلهم بل تحرضهم أيضا على عدم الولاء بذكر مظالمهم (بنفس بنود وألفاظ النشطاء تقريبا)، مع تهديد (المتعاونين) منهم، بعرض فيديو لقتل اثنين من هؤلاء رميا بالرصاص من الخلف، ولكن لا يبدو فعلا أنها رسالة موفقة، ليس لأنه لم يُبذل فيها جهد، فقد أُعدَّت بعناية من قبل خبراء، لكن لأن التنظيم الذي أصدرها فقير بشكل شامل بحيث يصعب أن يصدر منه ما يفوق ذلك».
 
وتابع: «من حيث الوصف، يتضمن الفيديو (ومدته نصف ساعة) مقاطع من عمليات إرهابية عديدة، وتصاحبه أصوات مخنثة، بعض أغانيها تضمنت تعدد أصوات (بوليفوني) على الطريقة الغربية، لكنها رتيبة الألحان وفقيرة المضمون (وسنعرض لذلك لاحقا)، كما تتضمن كلاما فقهيا قليلا وآية أو اثنين لإضفاء الشرعية على محتويات الفيديو، في خطاب موجه للسيناويين أساسا».
 
وأضاف في ملاحظاته: «أولا، لا يملك التنظيم أية رسالة يوجهها للشعب المصري، بل اقتصر على تهديد المجندين وتخويف أسرهم، ولا يبدو أن هذه المسألة عرضية، بل نابعة من أن تركيبة التنظيم لا تعرف أصلا معنى كلمة شعب من الأساس، المصريون هم بشكل ضمني هنا عبارة عن كم غُفل، أهميته فقط في أنه يمد «الجيش» برجال، وكأن هذه الواقعة لا تحمل تاريخا وحضارة وتطورات لا يستطيع من صنعوا الفيديو أن يدركوها، مجرد إدراك. وهكذا يقال للجنود (مع محاولة إرهابهم بالفيديوهات)، أنهم لا (ناقة) لهم ولا (جمل) في المعركة، وهو ما يمكن أن نسميه الفلسفة السياسية للنوق والجمال. وجدير بالذكر في هذا الصدد أن المتحدث باسم التنظيم لم يتورع عن الكذب، ككل إسلامي آخر، فادعي أن التنظيم لم يهاجم في البداية سوى (رؤساء الكفر منكم)، ولم يلجأ لقتل الجنود إلا لأنهم (لم ينتهوا)، متناسيا أن «عمليته» الأولى ضد الأفراد كانت في عهد مرسي ضد مجموعة جنود أثناء إفطار رمضان».
 
وأردف: «ثانيا، وبناء على ما سبق، الفكرة الجوهرية هي تحطيم شيء غير مفهوم بالنسبة لهم، هو الدولة، وتسريح جيشها، وبعد ذلك يكون لكل حادث حديث. هذا التصور اللاسياسي تجري التعمية عليه بإعلان البيعة للبغدادي، وقبول اعتبار التنظيم مكلفا من قبله بحكم «ولاية» سيناء، في محاولة لإضفاء معنى ما على حرب طويلة يخوضها تنظيم لا يملك أبسط إمكانيات تصور نفسه كبديل للدولة المصرية، ولا حتى للجيش الذي يريد تحطيمه، ولا حتى على سبيل الخيال».
 
وواصل: «ثالثا، الخيال «السياسي» المسيطر على الفيديو هو تصور يوتوبيا قائمة على حكم «المسلمين» للعالم كوحدة واحدة ليمرح المسلمون (لا البشر) في الأرض بلا قيود بعد إسقاط الحدود بين الدول، والانتماء هو للتنظيم وكافة عمليات الإرهاب الإسلامي في المنطقة، وبمجرد الإيمان بهذا الخيال، يعتبر هؤلاء أنفسهم حاملين لـ«سيف رشيد»، ويجعل لهم «منهجا».
 
أشار إلى أنه «رابعا، العلاقة الوحيدة التي يقيمها الفيديو بين هذا الخيال والواقع هي القتل، ليس فقط بالصور التي يجري عرضها، بل في أناشيد المخنثين المملة التي تربط دائما بين القتل والمجد. مثلا «نسقي الهدى من دماء الوريد ليشرق في الكون [بحاله] مجد تليد». لا توجد أية رؤية، مثلهم في ذلك مثل بقية فصائل الإسلام السياسي، وهنا، مرة أخرى، أهمية برقع الخلافة ليخفي في هالته الأسطورية (في عقولهم) هذه البربرية ويمنحها معنى».
 
واستكمل: «خامسا، لا يقدم التنظيم أي مطالب سياسية أو محلية، لا «للسيسي» ولا لـ«جيشه» ولا بطبيعة الحال للشعب المصري.. مُعلنا أنه سيواصل الإرهاب ومركزا فقط على هدف «النصر». التنظيم ليس لديه أي تصور حتى لسيناء نفسها سوى هذا الكلام عن «الخلافة» و«حكم الشرع» وما إلى ذلك، وعلى خلاف ما قد تكون الرسالة التي أراد إرسالها، فإنه بذلك، وبما سبق، لم يطرح على البلاد والجيش والسيسي سوى حل وحيد: إبادة التنظيم، سادسا: في إطار هذه المواجهة الصفرية، يريد التنظيم من هذا الفيديو أن يُحدث وقعا إرهابيا (تخويفيا) فعالا، لكنه من حيث لا يدري أضعف رسالته. فقد جمع أولا مقاطع من عدد كبير من العمليات التي قام بها، وتكشف عنايته بذلك عن اعتماده الكبير على الآثار النفسية للفيديو كبديل عن قدراته القتالية. ولم يحاول الفيديو أن يقدم أي تصور لمشاهديه عن نمو التنظيم أو انتشاره، بما يكشف عن كونه عصابات مختبئة، لا تمثل سوى نفسها، ويمتلئ الفيديو بالتهديدات الجوفاء، من قبيل قدرة التنظيم على هزيمة 10 جيوش مثل «جيش السيسي»، وأن المعركة «لم تبدأ بعد» و«الباقي أدهى وأمرّ»، والتغني بقدرة «سيناء» على قهر الأعداء وأنها «أرض الأسود»، وما إلى ذلك».
 
وأردف: «سابعا: اهتمت الثواني الفقهية القليلة بأمور تكشف عن أنها تشكل مشاكل للتنظيم. فجرت العناية بتبرير قتل الجنود، وتفنيد شبهة أنهم «أبرياء» لأنهم ينفذون الأوامر فحسب، واستُعين في ذلك بفتوى لابن تيمية، هي في ذاتها متهافتة أيضا، كما انتقد «العلماء» الذين ينتقدون «المجاهدين»، بكلام عام ينطبق عليه لفظ «المعايرة» العامي المصري. كما أكد أن تحرير بيت المقدس (وهو الاسم الأصلي للتنظيم) يبدأ بالتخلص من السيسي في مصر، ثامنا: الفيديو كله مؤلم بتوحش المشاهد ودموية صانعي الفيديو نفسه، لكن لعل أكثر ما أزعجني هو لقطات قليلة عن إساءة الجنود المصريين لمعاملة المشتبه فيهم، بركلهم وما إلى ذلك، وفي غير مكان احتجاز (ومن هنا أمكن التصوير)، من الناحية العملية البحتة، فإن الجيش المصري، إما أن يقدم نفسه كقوة قاهرة أكثر عنفا، بمشاهد عنف علنية، وإما أن يقدم نفسه كقوة سامية أرفع بكثير من البقايا الآدمية العاملة في التنظيم. هذا لا يعني الرفق واللين، بل يعني الانضباط واتباع الوسائل المنهجية في الاستجواب والحصول على المعلومات، وفي كل الأحوال لا يجوز ترك التعامل في هذه الأمور لمشاعر كل مجموعة من الجنود أو الضباط».
 
واختتم قائلًا: «وإجمالا، الفيديو إلان لطبيعة الحرب الدائرة، أنها حرب وجود، يراهن على الهبوط بالبلاد وجيشها إلى مستوى هذه العصابات، بخيالها المريض عن الجِمال والنوق والسيف ودم الوريد وما إلى ذلك، وخيالاتها السياسية المريضة، وتوحشها إلى حد الانحطاط».
 
لقد حول التنظيم اسمه مدعيا تولي «ولاية سيناء» نيابة عن البغدادي. لكن السؤال الحقيقي ليس هو قيام الولاية من عدمه، بل استمرار وجود هذا التنظيم من عدمه. من حسن الحظ أنه لا يوجد أي مورسي في السلطة في هذه اللحظات. بطبيعة الحال ثمة أخطاء، وأصلا حرب العصابات تجربة جديدة هنا.. لكن التهاون في تأييد الجيش الآن ليس سوى تواطؤ مع البرابرة.
 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com