مركبة فضائية سابحة في غياهب السموات، شد وجذب وهدوء نسبي، تطلعات وترقب أمام أجهزة المراقبة.. كلها أشياء عايشها الجيل الحالي داخل فيلم خيال علمي، كعادته أجنبي، وبعد سنوات من سماع حقائق الوصول إلى سطح القمر واكتشاف حجر رشيد وآثار ذلك، وما على شاكلتهم من الأحداث العلمية الكبرى في طي حكاوى السابقين.
حان للحاضرين معايشة حدث علمي ضخم يحدث لأول مرة، خلال عملية المسبار الفضائي روزيتا Rosetta، الذي أطلقته وكالة الفضاء الأوروبية في 3 مارس 2004 لاستكشاف مذنب "شوريموف - غيرازيمنكو"/67P، حيث تعتبر أول عملية هبوط لمركبة فضائية على سطح مذنب.
منذ عام 2005، تتبلور فكرة الوصول إلى المذنبات، حيث أرسلت ناسا مركبة "ديب إمباكت" التي أطلقت المسبار "impactor" البالغ وزنه 370 كيلو جراما، والذي نجح في مهمة الالتحاق بالمذنبComet 9P/Temple 1، واستطاع المسبار اكتشاف سطحه وحفر حفرة فيه، بعدها قامت ناسا بإعادة توجيه "ستار داست" لإلقاء نظرة على الحفرة التي حفرها "impactor"، أظهرت جميع هذه البعثات أنه لا يزال هناك الكثير لتعلمه من المذنبات وعنها، على عكس ما كان يعتقد "فريد ويبل" عالم الفلك في جامعة هارفارد عام 1950 على أنها "كرات ثلج قذرة"، وفي عام 2006 أرسلت وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" مسبار "ستار داست"، الذي جلب بعض العينات من غبار المذنبات إلى الأرض.
وظل اهتمام العلماء بالمذنبات يتزايد، حيث لا تزال نظرية حصول الأرض في وقت مبكر على مياهها من جليد المذنبات تلاقي رواجا بين العلماء، ويعتقد بعض الباحثين أن المذنبات أيضًا جلبت المكونات الكيميائية للحياة على الأرض، وفقًا لموقع "روسيا اليوم".
تتلخص أهمية الوصول إلى هذا المذنب، في أن المذنبات تُعد أجرامًا بدائية، فالغازات والغبار والجزيئات العضوية الناتجة عنها لم تتغير كثيرًا منذ نشأتها جنبًا إلى جنب مع نشأة المجموعة الشمسية منذ 4.6 مليار سنة، اعتقد العلماء أن لديهم أدلة قوية حول أصولها، ويُعتقد أن المُذنبات أوصلت جزءًا كبيرًا من المياه إلى الأرض، وربما الأحماض الأمينية، واللبنات الأساسية للحياة، وفقا للوكالة العربية لأخبار الفضاء والفلك.
ذكر الموقع الرسمي للرحلة العلمية "روزيتا" أنه مثلما كان اكتشاف حجر رشيد عام 1799 مفتاح حضارة قديمة، شرعت وكالة الفضاء الأوروبية في إطلاق المركبة الفضائية روزيتا لفتح أسرار "أقدَم اللبنات الأساسية للنظام الشمسي - المذنبات"، وأنها تسمح للعلماء بالنظر إلى الوراء 4600 مليون سنة، والعودة لعصر لم يوجد بها غير كواكب وسرب كبير من الكويكبات والمذنبات، وتكون مفتاحًا لكثير من الأجوبة والمعلومات المتعلقة بالنظام الشمسي، وأصل المياه على كوكب الأرض، وربما أصل الحياة ذاتها أيضا، من خلال إجراء بعض الابحاث على مادته وخواصه الكيميائية والفيزيائية وإرسال المعلومات إلى الأرض.
بعد الصور الملتقطة تم اكتشاف أن المذنب ليس بيضاوي الشكل، كما كان يعتقد علماء الفلك من قبل، لكن شكله يشبه كرة القدم الأمريكية، ويضم جزءين متصلين بواسطة عنق، يشبه طائر البط، كما أوضح موقع "روسيا اليوم"، فيما يعتبر مشروع روزيتا هو الأحدث في سلسلة لقاءات المركبات الفضائية بالمذنبات، وقبلها كانت مركبة وكالة الفضاء الأوروبية "جيوتو"، التي مرت عام 1986 على بُعد 600 كيلومتر فقط عن المذنب الأكثر شهرة "هالي"، ولكن الصور المرسلة من "جيوتو" لم تكن على المستوى المطلوب، وفقا للوكالة العربية لأخبار الفضاء والفلك.
أما عن "المسبار فيله".. فالمسبار هو السفينة الفضائية الآلية، التي لا تحمل على متنها أي إنسان، وعادة ما تكون تحت سيطرة التحكم عن بعد، سيبدأ عمله فور تثبته على سطح المذنب، ويبدأ حينها في التقاط صورة بانورامية لما يحيط به، باستخدام آلات التصوير الصغيرة الموجودة عليه، ثم يشرع، بعد نحو ساعة من ملامسة السطح، في بدء التجارب العلمية على السطح، وستستغرق تلك التجارب نحو 60 ساعة.
وستواصل "روزيتا" دراسة المذنب بواسطة معداتها الـ11، وتستخدم أيضًا ما يصلها من بيانات يرسلها فيله، وستساعد البيانات في تحديد البنية الداخلية للمذنب، وستستخدم الحفارات، والأفران، وآلات التصوير، والمجسات الموجودة على فيلة في تحليل كل شيء من مكونات السطح، ودرجة الحرارة، وحتى وجود الأحماض الأمينية - وهي مكونات أساسية في كيمياء الحياة.
وأوضحت "بي بي سي" المعدات التي يحملها "فيله" وهي: "آلات تصوير"، يحمل المسبار نظام تصوير CIVA وبه آلات تصوير تلتقط صورًا بانورامية لسطح المذنب، وخلال هبوط فيله ستلتقط آلات التصوير صورا للمذنب، ثم تأخذ صورًا عن قرب عند بلوغه السطح. و"مجس النواة" سيستخدم المجس موجات الراديو لسبر البنية الداخلية لنواة المذنب، "الأقدام المسمارية" التي ستحفر مسامير لولبية في الأقدام مخصصة لحفر الثلوج سطح المذنب لتأمين تثبيت المسبار فيلة، وقد تنشأ مشكلات بسبب طبيعة السطح، سواء أكانت ناعمة جدا
أم خشنة جدا، "أداة أخذ العينات"، ستحفر لأكثر من 20 سنتيمترا عمقا من سطح المذنب، وتجمع عينات، ثم تحملها إلى معدات المعمل الموجود على المسبار COSAC وPTOLEMY لتحليلها، "الحربة" فور بلوغ المسبار سطح المذنب ستطلق حربة لتثبيته على سطحه، ومنعه من الترنح بسبب ضعف الجاذبية على المذنب، "مجس السطح MUPUS" تستخدم مجسات موجودة في مثبت المسبار فيله، وفي الأجزاء الخارجية منه، في قياس الكثافة، والحرارة، والعوامل الأخرى على سطح المذنب أو تحت سطحه.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com