ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

الحتمية فى الدراما وفى السياسة

بقلم على سالم | 2014-11-12 18:00:03

 يونيو (حزيران) ٢٠١٣، جريدة «المصرى اليوم» تقيم احتفالا فى فندق سميراميس لتكريم بعض الكتّاب. كنت جالساً بجوار صلاح دياب، مؤسس الجريدة، كنا نتحدث عن سياسة الجريدة فى المستقبل القريب، فقلت له: هل تريد أن تعرف العنوان الرئيسى فى جريدتك فى صباح ٥ يوليو (تموز) القادم؟ سيكون.. «نقل محمد مرسى إلى سجن العقرب شديد الحراسة». نظر لى فى دهشة واستغراب ولم يعلق. حدث بالطبع أن نفذ حكم التاريخ فى محمد مرسى وجماعته فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣، السؤال هو: هل هى القدرة على التنبؤ؟ أم أننى أتمتع بقدر من الشفافية أعطانى القدرة على التنبؤ بمصير الرجل؟ أم هو حدس قوى للغاية؟

 
الواقع أنه لا هذا ولا ذاك، فى شهر يونيو ظهرت جماعة من الشبان قالوا إنهم يقدمون للمصريين فرصة للتمرد على حكم جماعة الإخوان، وإن المطلوب الآن هو عدم ممارسة أى شكل من أشكال العنف فى تحقيق مطالبهم، وعلى رأسها أن تقوم حكومة مرسى بعمل انتخابات برلمانية ورئاسية جديدة، وعلى كل مواطن يريد الاشتراك فى حركة التمرد هذه أن يحرر بذلك توكيلا فى الشهر العقارى، وأن يتجمعوا فى شوارع القاهرة. يبدو أن القرف من حكم الجماعة تفجر فى قلوب المصريين جميعا فى لحظات بعد هذه الدعوة. اندفع الناس فى كل مكان لتحرير هذا التوكيل. كان من السهل علىّ أن أتخيل المشهد التالى طبقا لقواعد الحتمية الدرامية؛ عشرات الملايين فى ٣٠ يونيو ستصل إلى القاهرة، سيرفض الرئيس مطالبهم، سيكون المشهد التالى هو الانفجار الكبير، ستشتعل مصر كلها بالعنف.. اختياران كانا أمام الجيش: أن تتفجر مصر كلها وأن يأخذ الجيش نصيبه من خسائر هذه الانفجارات، وهو الاختيار الذى لجأ إليه فيما بعد الجيش اليمنى، أما الاختيار الثانى فهو أن يقولوا للنظام مع السلامة. هذا هو ما يحتمه تسلسل العمل الدرامى.
 
نحن لم نخترع قواعد الدراما، الحياة هى التى أهدتنا إليها، وهى تشبه إلى أبعد الحدود قانون نيوتن الشهير، أن «لكل فعل رد فعل مساوٍ له فى القوة ومضاد فى الاتجاه». ولكن المشتغل بالسياسة بالطبع ليست بداخله مخازن ممتلئة بالقواعد الدرامية والقوانين الرياضية، قبل ذلك كله لا بد أن يكون صاحب بصر وبصيرة تجعله يعرف طبيعة الفعل وما سينتج عنه من أفعال.
 
الحتمية الدرامية الآن تخبرنا بأن عدوانا وشيكا إسرائيليا سوف يحدث على قطاع غزة. لندرس المشهد الأول.. شاب يدهس جماعة من الإسرائيليين فى القدس محدثا ببعضهم إصابات جسيمة، بعدها على الفور يصرح أحد زعماء حماس بأن الفاعل ينتمى لحماس (على عهدة الـBBC).. هذا هو المشهد الثانى.. وبتحليل كلمات هذا المشهد سنجدها تقول للطرف الإسرائيلى: «نعم.. نحن الذين قمنا بدهس مواطنيك.. ماذا.. ماذا تقول؟ إن فى ذلك انتهاكا للاتفاقية التى وقعناها معكم برعاية المصريين.. وهو انتم بتراعوا اتفاقيات..! اعتبرها زى ما تعتبرها.. وأعلى ما فى مدرعاتكم اركبوه». ماذا فى تصورك سيكون المشهد التالى من الجانب الإسرائيلى؟
 
ويظل السؤال المحير هو: لماذا تطوع المسؤول فى حماس بقول هذه المعلومة الخطيرة للغاية؟.. أقصد الخطيرة على أهل غزة.
 
(نقلا عن الشرق الأوسط)
 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com