البابا يرفض التدخل السياسي للكنيسة ويصر على دورها الوطني
كتب – نعيم يوسف
كنيسة وطنية
"الكنيسة المصرية لها تاريخ كبير من الوطنية وعلى أكتافها قامت الحركة الوطنية"، كلمة أكدها الدكتور محمد البدري، سفير مصر لدى روسيا، خلال استقباله للبابا تواضروس الثاني، في زيارته إلى العاصمة الروسية موسكو، تعبيرا عن وطنية الكنيسة والبابا.
اليوم.. الثلاثاء، الرابع من نوفمبر، يوافق مرور عامان، على اختيار البابا تواضروس الثاني، رأسا للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، عن طريق القرعة الهيكلية، ليبدأ فصلا جديدا في وطنية الكنيسة القبطية على أيدي بطريركها الـ118 من سلسلة بابوات الإسكندرية وهو البابا تواضروس الثاني.
الخروج من السياسة والدور الوطني
استهل البابا تواضروس الثاني، مرحلة رئاسته للكنيسة بالإعلان عن عدم تدخل الكنيسة في السياسة دون التخلي عن دورها الوطني، حيث واصل البابا نتائج القرار الذي اتخذه معلمه الأنبا باخوميوس، قائمقام البطريرك بالإنسحاب من تأسيسية الإخوان للدستور، ليعلن أن الكنيسة لديها بعض التحفظات على الدستور الجديد، وأن الأقباط في مصر والخارج لهم كامل الحرية بالموافقة أو رفض الدستور الجديد، الأمر الذي نتج عنه رفض الأقباط لدستور الإخوان.
الرد على أحداث الكاتدرائية
لم تمر عدة شهور، وفي مطلع شهر أبريل من عام 2013، تم الاعتداء على الكاتدرائية المرقسية عقب تشييع جثامين شهداء الخصوص منها، وسط انفلات أمني وإهمال واضح جدا، وهنا جاءت تصريحات البابا القوية التي قال فيها: "أن حق الشهداء في رقبة المجتمع والدولة"، وأن "الأمور اللي جرت عدت كل الخطوط الحمراء والتقصير وسوء التقدير والاهمال واضح جدا في التعامل مع الأزمة، وده أمر يسببلنا ألم كبير، ومشاعر المسؤولين لا تكفي أبدا لأن الأمور وصلت إلى حالة من التسيب والفوضى". وأضاف أن الرئيس اتصل به ووعده بتوفير الحماية للكاتدرائية ولكن "على أرض الواقع لم نجد ذلك"، مشيرا إلى أن ما جرى "لم يحدث في أسوأ العصور".
لم تمر على هذه الحادثة أكثر من شهران، إلا وكان البابا وشيخ الأزهر، في ضيافة الرئيس ليستنجد بهم لمنع المواطنين من الخروج في مظاهرات 30 يونيو، فجاء رد الأزهر والكنيسة مطابقا، وصادما للرئيس الإخواني، وهو أن المواطنون أحرار في المشاركة أو عدمها.
لم
الدعوة لمظاهرات تمرد
قبيل مظاهرات 30 يونيو بيوم واحد قال البابا: "مصر تحتاج كل المصريين اليوم : نفكر معا ..نتحاور معا ..نعبر معا عما في قلوبنا تجاه الوطن ولكن بﻻ عنف ، بلا اعتداء ، وبلا دم ،صلوا من اجل مصر".
ثم قال في يوم الـ"تمرد"، قال البابا "كل مصري دمه غالي . أرجوك يا مصري شارك وعبر ولكن احترم الأخر"، واستشهد بالأية التي تقول: "في مزمور 23 : ان سرت في وادي ظل الموت ﻻ اخاف شرا ﻻنك انت معي". مضيفا، "الوعود اﻻلهية كثيرة حاول ان تتذكرها واقرأ معي سفر يشوع الاصحاح 1 للاطمئنان"، وذلك بسبب التهديدات الكثيرة التي كانت تلاحق الأقباط وتحذرهم من المشاركة في المظاهرات ضد الإخوان.
وعقب المهلة التي أعطاها الجيش لكل القوى السياسية، لمدة 48 ساعة قال البابا: "تحية اجلال وتعظيم إلي ثلاثي مصر العظيم : الشعب ..و.. الجيش ..و.. والشباب.. عاشت بلادي حرة قوية".
وفي يوم 2 يوليو كتب البابا عبر حسابه على "تويتر": "ما اروع الشعب المصري وهو يسترد ثورته المسلوبة بأسلوب حضاري فائق الرقي ، بفكرة " تمرد " وشبابها المضحي العظيم..أنا أصلي من اجل جميع أهل مصر".
المشاركة في بيان عزل مرسي
في الثالث من يوليو، وعقب إعلان الفريق السيسي القائد العام للقوات المسلحة عزل الرئيس الإخواني، ووضع خارطة الطريق قال البابا: إنها لحظة فارقة في تاريخ الوطن، وهذه خريطة للمستقبل التي أعلنها القائد العام للقوات المسلحة باتفاق كل الحضور، وضعنا فيها كل العناصر التي تضمن سلامة الطريق لك المصريين، وضعت باخلاص قلبي، ومحبة شديدة للوطن وبرؤية للمستقبل القريب والبعيد، وضعها ناس مخلصون للوطن للحل الظرف الراهن دون اقصاء احد" مؤكدا، "لقد اجتمعنا تحت علم مصر الذي يضمنا جميعا".
الاعتداء على الكنائس من الإخوان
قام الإخوان المسلمون وأنصارهم، عقب فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة بتوجيه غضبهم إلى الأقباط، واعتدوا عليهم، وهنا عقب البابا قائلا: "ده ثمن الحرية" إحنا تم الاعتداء على أكثر من 100 موقع وكنيسة بصورة بربرية إضافة إلى أكثر من 1000 بيت ومحل عمل، بصورة شرسة وغير طبيعية أعادتنا إلى عصور الغابات، والهدف هو الوقيعة بين المسلمين والمسيحيين، ولكننا منتبهون لذلك".
الدعوة للاستفتاء على الدستور
"نعم تزيد النعم"، كلمة أثارت جدلا واسعا، بعد أن قالها البابا تواضروس، قبيل الاستفتاء على الدستور الجديد، إلا أنه أصر عليها وكررها، ما دفع الأقباط للتوجه بكثافة للتصويت بـ"نعم" على الدستور، فجاءت نتيجة الاستفتاء مبهرة للجميع.
عدم دعم مرشح رئاسي بعينه
خلال الانتخابات الرئاسية وفي احتفالات عيد القيامة قام الموجودون بالكاتدرائية بالتصفيق الحاد للمرشح عبد الفتاح السيسي، وتصفيق ضعيف للمرشح حمدين صباحي ما دفع البابا إلى التصرف بحكمة وقطع التصفيق للسيسي، في إشارة إلى عدم الدعم من الكنيسة لأي من المرشحين.
دعوة للمساهمة في بناء مصر
وعندما أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي، عقب توليه الحكم، عن العديد من المشاريع، طالبا دعم المصريين، قال البابا عقب لقائه: ": أوجه دعوتنا لكل الاخوة المصريين مسيحيين ومسلمين بالداخل والخارج خاصة رجال الأعمال ورجال الفكر بضرورة أن نشترك معا بفكر واحد فى استعادة قوة الاقتصاد المصري. مشروع قناة السويس مفاجأة سارة جاءت بعد تولى الرئيس بشهرين فقط. الأمر الذى يدفعنا كمصريين للمشاركة فى صندوق تحيا مصر. وأدعو كل المصريين للبعد عن السلبية والتحلي بروح الإيجابية والمشاركة بما يصب فى النهاية لصالح مصر".
دعم في زياراته الخارجية
خلال زياراته وجولاته الرعوية الخارجية، يحمل البابا دائما معه الوطن في قلبه ليكون سفيرا لـ"مصر الجديدة"، التي يبنيها أبناؤها ويتصدون لكل الأخطار الخارجية والداخلية، ليعلن أن الأقباط هم جزء من الوطن، ومن أبرز ما أقواله بهذا الشأن، رده على أحد الصحفيين الروسيين عندما سأله: ألا تريدون أن تكون للأقباط دولة مستقلة في مصر؟؟ فرد البابا: "أقدامنا تمشي على الأرض وفكرنا في السماء".
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com