بقلم حنان مفيد فوزى
عبرنا القناة.. لم نكن مجموعة من الإعلاميين والفنانين والسياسيين ورجال الدين، كنا مجموعة من البنى آدميين المصريين الفخورين بإنجاز قومى وطنى على أرض الواقع، أعادنا إلى الأيام البواسل التى حفرناها وأممناها وانتصرنا.
ومع كامل احترامى للوزارات التى وجهت لنا الدعوة واستخرجت لنا التصاريح، والشخصيات القيادية التى كانت فى شرف استقبالنا بالإسماعيلية، لكن فرحتنا كانت أكبر وأعمق باحتفاء الدراويش لنا من أبناء المدينة وأجنادها وعُماليها الذين يلتحفون بترابها وكأنهم عجينة حية مجسمة من العزة والكرامة،
هؤلاء الأبطال الحقيقيون بمعنى القول والفعل ينغمسون فى مهمتهم تحت سطوة الشمس الحارقة، فى قلب صحراء موحشة بإخلاص وتفانٍ وصبر وعزيمة لا تعرف الكلل ولا تستسلم للملل، والرجولة الحقة تختبر فى أقسى وأقصى المواقف، وهم نبت أصيل من جدر صلب، يثمر نهار كل صباح ومساء كل ليل على الجبهة أروع وأغلى ملحمة للكفاح. فى الأزمنة القديمة، كانت كلمة السر للحفر والتأميم ديليسبس، أما فى الحاضر والمستقبل فكلمة السر للعبور
العصرى والاستقرار الحياتى هى «ديليسبسيسى»، وهو عبدالفتاح الذى يكمل مسيرة تأميم الناصر وعبور السادات وصبر مبارك، رجل يعى جيداً الثابت والمتغير التاريخى والجغرافى وخلفه نمور مصرية تتحدى المستحيل بقلوب مؤمنة مطمئنة بجزاء الله، لقد طُرح مشروع تنمية قناة السويس ثلاث مرات من قبل، مرتين فى عهد مبارك فى حكومتى كمال الجنزورى وأحمد نظيف، والمرة الثالثة كانت فى حكومة هشام قنديل أثناء حكم محمد مرسى حتى شاءت الأقدار وانكشفت وبانت كلمة السر ديليسبسيسى، فكانت إشارة البدء للحفر والبناء الذى سيفتح آفاقاً أرحب وأعمق وأعلى لأهم شريان ملاحى عالمى
لتتحول المنطقة من مجرد معبر تجارى إلى مركز صناعى ولوجيستى لإمداد وتموين النقل والتجارة الدولية، وليس هذا فحسب، بل سوف يسهم فى خفض فترة عبور السفن لقناة السويس بنحو ٦ ساعات مما سيضاعف طاقة القناة الاستيعابية إلى ما يزيد على ٩٥ سفينة يومياً، مقارنة بمتوسط حجم الحركة الحالى الذى يدور حول ٥٠ سفينة يومياً، وبالتالى سيزيد فى نمو إيرادات القناة بما يمكن أن يصل إلى ١٢ مليار دولار عند وصول حجم حركة السفن
الفعلى إلى الطاقة الاستيعابية الجديدة، وهذه الإيرادات سوف تصب فى مصلحة مصرنا الغالية، حيث تتضمن خطة تنمية القناة ٤٢ مشروعاً، منها تطوير طرق القاهرة- السويس، والإسماعيلية، وبورسعيد إلى طرق حرة وإنشاء نفق الإسماعيلية المار بمحور السويس للربط بين ضفتى القناة شرقاً وغرباً،
وإنشاء نفق جنوب بورسعيد أسفل قناة السويس لسهولة الربط والاتصال بين القطاعين الشرقى والغربى لإقليم قناة السويس، بالإضافة لتطوير ميناء نويبع كمنطقة حرة، وتطوير مطار شرم الشيخ وإنشاء مأخذ مياه جديد على ترعة الإسماعيلية حتى موقع محطة تنقية شرق القناة لدعم مناطق التنمية الجديدة،
إلى جانب بناء مستشفى عالمى دولى لتقديم الخدمات الطبية للسفن المارة والمناطق الجديدة بأكملها، وورش لصناعة السفن والتجديد الشامل، ومحطات لتموين وشحن السفن العملاقة، وأرصفة لتفريغ وتحميل البضائع وإعادة التصدير، وإقامة وادى السيليكون للصناعات التكنولوجية المتقدمة ومصانع الحاويات وقرى سياحية ومنتجعات على بحيرات جانبية، مما سيؤدى إلى خلق مجتمعات سكنية وزراعية وصناعية جديدة. ولمن لا يدرى هناك أيضاً مخطط جاهز للتنفيذ خاص بتنمية قطبى قناة السويس الشمالى والجنوبى.
يستهدف تنفيذ مشروعات استثمارية متعددة فى قطبى القناة الشمالى فى شرق بورسعيد، والجنوبى فى السخنة وخليج السويس، سواء كانت مشروعات مينائية أو لوجيستية أو صناعية أو أنشطة القيمة المضافة، ستخلق مجتمعات عمرانية أسوة بتجربة جبل على فى دبى وسنغافورة وهونج كونج، وإذا كان الديليسبسيسى قد اختصر خطة الحفر وما يترتب عليها من تنمية، والتى تستغرق ثلاث سنوات إلى عام واحد سيشهد افتتاحه فى ٦ أغسطس ٢٠١٥.
وتحيا جمهورية مصر العربية.
نقلآ عن المصري اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com