بقلم د. غادة شريف
لا أخفيك سرا عزيزى القارئ، أننى عندما فكرت فى كتابة مقالة الثلاثاء الماضى بعد استماعى لكلمة السيسى فى حفل أكتوبر كنت متأكدة أننى سأفقد علاقاتى بكثير من الشخصيات الهامة التى أجِلها وأحترمها، لكنى كعادتى كتبت وخلِيتها على الله، ففوجئت بعد نشر المقال بمكالمات تحيينى عليه، ومنها تلك الشخصيات التى توقعت فقدان صداقتها!.. سألت أحدهم وأنا متعجبة: «معقول المقال عجبكم ومش زعلانين؟!»، فأجابنى: «ده مقال يعجب أى
شخصية محترمة واحنا الحال المايل ما يعجبناش»...أحد تلك الشخصيات أكد علىّ بضرورة ألا أخاف أو أتراجع عن كشف كل ما أراه خبيثا، واستخدم تعبيرا جديدا علىّ وهو «تطعيم معركة»، الذى يطلق على التدريبات العنيفة جدا التى يتلقاها جنود الصاعقة حيث يصبح ما يواجهونه على أرض المعركة بسيطا جدا إذا قورن بما تلقوه فى تدريباتهم، وأخبرنى بأننى بإقدامى على كتابة تلك المقالة تلقيت تطعيم معركة فلن يهزنى أى هجوم يقابلنى..
سعدت جدا بتلك المؤازرة لكن أكثر ما أسعدنى عندما أخبرنى أحد تلك الشخصيات أنهم على دراية بكل شىء، وأن لديهم تفاصيل أخرى مزعجة أكثر مما ذكرت فلما سألته: «طب ما تقولوا لسيادة الريس، مش لازم برضه يعرف حقيقة ما يجرى؟»، فكانت الإجابة: «اطمنى، هيعرف فى الوقت المناسب».. هنا يا حمادة شعرت أننى زى ما أكون عطشان وشربت،
وزى ما أكون هفتان وأكلت، زى ما أكون حران وولعت التكييف، كده يعنى!.. هناك شخصيات عامة أكدت لى أن تساؤلى الذى ختمت به المقال يسأله الكثيرون بالفعل، بينما آخرون أضافوا لى معلومات لم أكن أعرفها عمّن ذكرتهم بالمقال، فأدركت كم أصبت فى توقيت كتابة تلك المقالة.. من صدى تلك المقالة أيضا أنه فى نفس اليوم خصصت إذاعة مونت كارلو ساعة كاملة من حلقة برنامجها «حياة وناس» الذى يذاع عصرا عن تردى الإعلام المصرى، وبالطبع استخدموا مقاطع «ردح» للمذيعات الثلاثة والمذيعين الذين ذكرتهم بالمقال.. فأدركت كم أن هؤلاء الردّاحين يلقون على وجه مصر ماء نار!
* مساء الأحد الماضى، بينما كانت عيون المصريين معلقة بشاشات التليفزيون انتظارا لمعرفة عواقب ما حدث من شغب بالجامعات صباحا، وكان يأكلهم القلق وهم يتساءلون هل يذهب أبناؤهم للجامعات فى اليوم التالى أم لا، هل ستترك «فالكون» المهمة أم لا، كيف دخلت تلك الشماريخ، هل هناك قصور فى التفتيش أم لا، إذا بالتوك شوز كلها عدا واحد فقط تتجاهل تماما ذكر تلك الأحداث بينما تقيم الزفة لمؤتمر إعمار غزة!!.. هذا التعتيم الإعلامى الشامل الذى حدث فى البرامج أكد لى أننا عدنا لعهد التعتيم الإعلامى فى الستينيات..
لكن يبدو أن هناك من يتعامل مع الإعلام بفكر مخابراتى عفا عليه الزمن، وبغباء شديد تجاهل أن فى كل بيت طالبا فى الجامعة حكى لأهله تفاصيل ما حدث من شغب، خاصة أن هناك مواقع تواصل وفضائيات عالمية، وتجاهل أن تلك الأسر لديها تساؤلات تنتظر إجابات، وتجاهل أن شعب ثورتى يناير ويونيو ستستفزه تلك الأساليب الستينية!..
هناك من قرر أن نهلل «بالأمر» لمؤتمر غزة مثلما فعلنا بزيارة السيسى لنيويورك، لأنه يعتقد أن الشعب عسكرى فى قشلاق فلابد أن يطيع الأمر!..ما هذا الغباء المستكوفى؟.. لقد كان طبيعيا أن نحتفى بزيارة السيسى للأمم المتحدة لكونها أول مواجهة بين السيسى وزعماء العالم بعد ثورة يونيو، لكن أن يقرر من هو عديم الخبرة الإعلامية أن تتكرر بالأمر نفس الزفة بعدها بأسبوعين فقط فهذا يجسد رغبة محمومة لدى بعض الأشخاص فى إحاطة السيسى بهالة من التمجيد والتقديس، مما سيتسبب فى سحب رصيده، وهذا ما حذره منه الكاتب الكبير الأستاذ هيكل!..
شوف يا حمادة، واضح كده إن الرئيس السيسى لازم يغير العتبة ويعدل الحال المايل!
نقلآ عن المصري اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com