ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

خوفي وحزني على مصر

بقلم: أحلام اكرم | 2014-10-17 11:48:59

تمر المنطقة العربية بأحلك أوقاتها.. الحرب المستعرة على أراضيها. لاأحد يستطيع التكهن بنهايتها ولا بفداحة تكاليفها البشرية.. أو إعادة إعمارها؟؟؟ لا أحد يستطيع التكهن في ما إذا كانت ستنجح في إستئصال الفكر المتطرف.. الذي تنامى وعشعش في عقول الكثير من البسطاء.. وحتى البعض من المتعلمين والمثقفين.. كيف لإنسان تعوّد على الإستسلام والخضوع والتخدير بالأساطير أن يعود لواقع يتنافى مع ما يراه من حوله ويتمناه لنفسه ولأولاده بينما لا يزال هناك من يشحنه بالأمل في الهروب من هذا الواقع إلى جنة يوعده الله العلي القدير بتعويضه فيها مع كل ما قاساه في حياته.. و’يحل له فيها كل المحرمات على الأرض في حياته.... وأحسنت مصر صنعا بالنأي بنفسها عن الإشتراك في الحرب على ما ’يسمى بالدولة الإسلامية.. وتأكيد وزير خارجيتها بأن الجيش المصري هو لحماية الشعب المصري.. وحماية الحدود المصرية.. ولكن وفي أحلك هذه الأوقات تواجه مصر أصعب إمتحاناتها.. وخياراتها.. الإمتحان ليس في تنمية الإقتصاد وتوفير وظائف للجيوش العاطله عن العمل.. ولا لمحاولة إستعادة وزارة السياحه لنشاطاتها في إستقطاب السياح..وإن كنت أثق بأن قيادتها الجديده ستتغلب على هذه المشاكل إن أعطيت الوقت المناسب.. ولكن ما يواجهه القيادة الآن قد يكون أصعب من كل تلك العقبات.. الإمتحان الآن في مدى ديمقراطيتها.. وقدرتها على تحمّل المختلف.. والتعايش معه.. من مواطنيها.. قدرتها على أن لا ’تجر وراء عبث جديد يهدد إستقرارها السياسي ويهدد البقية الباقية من الحرية لمواطنيها..

مصر قلب المنطقه العربية ولكنها أيضا بوصلة التغييرات في المجتمعات العربية... تواجه إنقساما مجتمعيا.. وخلط في المفاهيم والقيم الدينية والمجتمعية.. فبينما يحاول الجيش المصري القضاء على عصابة أو منظمة بيت المقدس في سيناء.. يكشف خبراء آخرون عن أن هناك ما يقارب 10.000 مصري يقاتلون في سوريا والعراق.. منهم ما ’يقارب 1700 إنضموا إلى تنظيم الدوله الإسلامية.. متعلمون جاءوا من كل الطبقات يجمعهم هدف واحد.. وهو حلم الخلافة والدولة الإسلامية!!! الخبر الأكثر خطورة.. وجاء من مجلة الشروق المصرية بتأكيد هذه الدولة المزعومة ( داعش ) بوجودها الفعلي داخل الأراضي المصرية...وذلك بعد مبايعة تنظيم بيت المقدس لأمير داعش أبو بكر البغدادي والإنضمام لدولته.. معلنا الحرب على جيش وشرطة مصر.. وهو أمر ليس بالغريب من أنصار بيت المقدس التي ’تعتبر أكثر التنظيمات تأثرا وقربا من تفكير الدولة الإسلامية المزعومة..

ثلاثة تهديدات خطيرة تمر بها مصر.. تهديد منظمة بيت المقدس.. ثم تهديد الخلايا الإخوانية النائمه.. وتهديد الدولة الإسلامية المزعومة "داعش " لمصر سواء التهديد الذي جاء بالأمس من خلال مقاتليها الموجودين في ليبيا الذين إعتبروا ليبيا منطقة تجمع لمقاتليهم.. وهي الأقرب إلى الحدود المصرية.. تبعته بتهديد رمزي على غلاف صحيفتها "دابق" حملت راية التنظيم السوداء فوق المسله المصرية بساحة القديس بطرس..بتهديد مباشر لمصر.. و مغزى آخر.. بتهديد الدول الغربية التي تشن غاراتها عليها بالإنتقام بالوصول إلى روما يوما ما.. وحشد وإستقطاب الشباب المسلم بتشبيه حربهم عليها بالحروب الصليبية!!!!

وفي خضم هذه التهديدات.. يأتي تصريح بل إعتراف شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيبي والكنيسه القبطية.. بالتحذير من إنتشار ظاهرة الإلحاد في مصر.. وهو في إعتقادي أمر لا ولن يهدد الأمن المصري.. إلا في كيفية تعامل السلطات مع الأمر...

المحيّر في الأمر هو... كيف حصل مثل هذا التغيير المجتمعي خلال 5 أعوام.. فحسب إستطلاع معهد جالوب عام 2009.. كانت مصر تتصدر الدول الأكثر تدينا في العالم بمعدل 100%.. بينما وفي عام 2014 ووفقا لإستطلاع آخر أجرته جامعة إيسترن ميتشغان.. كشفت بأن عدد الملحدين وصل إلى 3% وهم في تزايد..

جاء الرد الديني على لسان الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر.. ملخصا الموضوع بقلة الوعي الديني.. وهو ما يتعارض كليا مع نتيجة دراسة عام 2009 والتي أكّدت آنذاك بأن المصريين شعب متدين 100%... مما يعني إما أن الدراسة مغلوطه.. أو أن زيادة الوعي هي ما حدا بالبعض منهم إلى الإلحاد... قال لإيلاف "القرآن الكريم تكلم في سورة الحج عن الإلحاد، فقال الله عز وجل "ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد، كتب عليه أنه من تولاه فإنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير"...!!!. كما أشار الشيخ علي أبو الحسن، رئيس لجنة الفتوى الأسبق، إلى أن الإعلام والقنوات الفضائية مسؤولة بشكل كبير عن اختفاء الوازع الديني لدى الشباب.

سؤالي للشيخ الكريم.. مع فهمي العميق لحسن نيته.. كلنا يعلم بتضاعف أعداد القنوات الفضائيه الدينية. التي لا تزال تبث ليلآ نهارا رساله دينية تستند إلى التخويف من الله عز وجل.. وتستند إلى الوعد والوعيد. وإلى عقابه في الدنيا والآخره.. ومن الصعب جدا في هذا العصر أن تبني الإيمان لشخصية إعتبارية تترصد لك في كل مكان لتنتقم وتتجبر. وتهلك.. وتقهر.. لقد نسوا هؤلاء الشيوخ في خضم بث الرعب من الله.. ثبيت الصفات الإلهيه الأهم والأكثر تسامحا وغفرانا ورحمه ومحبة!!!! فشل فقهاء الدين في تثبيت وربط الوازع الديني بالأخلاق.. كيف لإنسان أن يتذكّر الوازع الديني تجاه أخوه المواطن المسيحي. بينما شحنه فقيه دين لا يفهم من الدين شيئا بالحقد والبغض والكراهية وحقه في الإعتداء عليه.... كيف له ان يتذكّر الوازع الديني وهو يكافح لسد فم صغيره بينما فقيه الدين أصبح من النجوم والمليارديرات على حساب شقائه.. كيف له أن يتذكر الوازع الديني الذي لا يوفر له وظيفة تحفظ كرامته الإنسانية حين يملؤه نجوم الدين بالتنمية بالإيمان؟؟؟؟

ثم يتابع فيقول ""تتحمل الأسرة جزءًا كبيرًا من المسؤولية، لانشغال الوالدين عن متابعة أبنائهم وتعليمهم دينهم "".. كيف تناسى ما يقاسيه الوالدين في اللهث وراء تامين لقمة عيش وهو يعلم بأن 50% من سكان مصر تحت خط الفقر... كيف تناسى حصص التربية الدينية والتي هي من اهم المواد التدريسية في المنهاج؟؟ تصريحه يؤكد فشل كل هذه المناهج في توصيل الرسالة الدينية المعقولة لأنها خالفت الواقع المعاش...خالفت ما يرونه على الشاشات الفضية من تحرر لم يتعارض مع المبادىء الأخلاقية للشعوب الأخرى. بينما يعيشون في تزمت.. ’يصّر على إعادة عقارب الساعه بهم إلى العصور المظلمه.. وطريقة حياة تنتمي للقرون الوسطى..

وأضاف رئيس لجنة الفتوى الأسبق أن علماء الدين بالمؤسسة الدينية يتحملون أيضًا مسؤولية نشر الإلحاد في مصر، "إذ يفتقدون لآليات الرد على الملحدين فكريًا لما يعانون منه من سطحية الفكر ومظهرية الدعوة".... سيدي فقهاءالدين لم يفتقدوا الآليه.. بل إن حجتهم لا يمكن تقبلها عقليا لأنها لا تنتمي لأية منطقية... في القرن الحادي والعشرين.. من الصعب بل وأحيانا من المستحيل الإقناع بأساطير الأديان.. هل من الممكن إقناع شاب في العشرينيات من عمره بوجود حوريات.. لقد شاهدت بعيني رواية عمرو خالد الداعيه الديني المشهور وهو يحث مجموعة من الشباب على الصيام والصلاة بأسطورة نزول حورية من الجنه لشاب مؤمن في رمضان ,, وكيف هام بها الشاب وطلب منها الزواج.. وأجابته بأن مهرها الصيام نهارا والصلاة ليلا.... كيف لمثل هذا الشاب ان يصدّق الأسطورة.... كيف لداعية ديني أن ينسى أن هذا الشاب سيذهب إلى عمله في الصباح.. ما مدى إنتاجيته؟؟؟؟

أما مطالبة أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر الدكتور عبد الغني سعد.. كافة المؤسسات الدينية وأجهزة الدولة بالإنتصار لشرع الله عن طريق تطبيق الشريعة.. بمعنى تطبيق الحدود الشرعية.. ونحن نعلم ما هي الحدود والقصاص.. فهل كان يقصد التطبيق أي قتل المرتد؟؟ وهو يعلم تماما بأنها تتعارض تعارضا صارخا مع آية "لا إكره في الدين.. من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ""ا؟؟؟.

 الأهم في كل هذا أن مواجهة الإلحاد لم تقتصر على المؤسسة الدينية فقط، بل وصل الأمر إلى إعلان الحكومة المصرية تصديها للظاهرة، فأعلن وزير الأوقاف محمد مختار جمعة ووزير الشباب والرياضة خالد عبدالعزيز عن إطلاق حملة قومية لمكافحة ظاهرة انتشار الإلحاد بين الشباب، والاستعانة بعدد من علماء النفس والاجتماع والسياسة والأطباء النفسيين....

 بمعنى إطلاق حمله شعبيه لا نضمن عواقبها.. لأنها ستعطي أي معتوة الحق في إيذاء كل من يشك بأنه ملحد. وربما قتله عملآ بالأحكام التشريعية.. بناء على الحديث "" من بدّل دينه فاقتلوة "".. و ""من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ""..

كل هذه التصريحات إن دلّت على شيء فإنما تدل على التخبط والفشل في تنمية إجتماعية ’ترسّخ لمفهوم تقبل الاخر والتعايش مع الآخر.. كما وأنها تتعارض تعارضا تماما مع الديمقراطية التي يزعم فقهاء الدين بأنها تتوافق مع الديانه..

كيف لمصر أم الدنيا.. ومهد الديانات كلها أن لا قدرة لها على إحتمال حرية البعض في إختيار ما يشاؤون..
يؤسفنا بل ويوجعنا الفرق الشاسع على قدرة الإحتمال ما بين الكنيسة الكاثوليكية والتي وإن لم تجيز زواج المثليين.. قبلت بحقهم في الإختيار من منطلق الحفاظ على وإحترام الكرامه الإنسانية لكل إنسان.. بينما فقهاؤنا لا قدرة لديهم على إحترام كرامة أي مخالف.. ولا حقه في الحرية في الإختيار. وعليه نبقى قطيع يمشي وراء راعي أعمى البصر والبصيرة.....

أنا لا أقصد الإساءه لمصر ولا لشعبها الكريم.. ولكن لأني أؤمن بأن مصر هي بوصلة التغيير في المنطقة العربية.. وأتمنى أن يكون هذا التغيير لمصلحة تقدم المنطقة والإنسان العربي وتبقى مصر أم الدينا...
 بصيرة للحقوق الإنسانية

نقلا عن إيلاف

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com