قد يكون السفر في الدرجة الأولى أو درجة رجال الأعمال حلما بالنسبة للكثير من المسافرين الذين لم يحالفهم الحظ في اختبار السفر الراقي والخدمة المميزة واشتمام رائحة الجلد الطبيعي المنبعثة من المقاعد الوثيرة، ولم تتوفر لهم فرصة النوم على مقعد يتحول إلى سرير تكسوه مرتبة من الريش ووسادة ناعمة تحول الكوابيس إلى أحلام سعيدة، ناهيك بالمأكولات التي تضاهي المطاعم المكللة بنجوم ميشلين وفنادق الخمس نجوم.
ولكن السؤال هنا هل ركاب هاتين الدرجتين هم أكثر سعادة من ركاب الدرجة السياحية أو الاقتصادية؟ الجواب: «لا أعتقد».
حوار لطيف مع صحافية بريطانية عملت في بداية حياتها مضيفة طيران في أحد الخطوط العربية، جعلني أفكر في الأمر، لأنها لفتت نظري إلى أشياء كنت أراها خلال أسفاري ولكني لم أكترث لها، ليس لأنها غير مهمة، ولكن قد يكون السبب هو تكرار المشهد الذي يتحول إلى طبيعة ثانية بالنسبة لي.
مسافرون من جميع الجنسيات، والأعمار، كل منهم له قصة وسبب ليكون على متن رحلتك بمن فيهم أنت نفسك، ولكن إذا ما تمعنت بمشهد مسافري الدرجة السياحية فترى أنهم سعداء ومتحمسون للسفر أكثر من مسافري درجة رجال الأعمال والدرجة الأولى لأن الأغلبية منهم يسافرون بداعي تمضية العطلة التي طال انتظارها، فبعضهم لا يحظى بفرصة السفر أكثر من مرة واحدة في العام، في حين أن راكب الدرجة الأولى أو درجة رجال الأعمال قد يسافر أكثر من مرتين في الأسبوع بداعي العمل، وهذا ما يعكس حالة الامتعاض التي تسيطر على المسافر.
ركاب الدرجة الاقتصادية هم أكثر فرحا وسعادة خلال السفر بالمقارنة مع ركاب الدرجة الأولى، ولو أن ركاب الدرجة الاقتصادية متطلبون أكثر من رجال الأعمال، فالمسافر في درجة رجال الأعمال، ينتظره اجتماع مهم، أو في يده ملف خطير أو أنه يخطط للنوم طيلة فترة الطيران ليكون مستعدا ليوم حافل بالاجتماعات ينتهي منها ليعود أدراجه في اليوم عينه أو اليوم الذي يليه، على عكس مسافر الدرجة الاقتصادية الذي ينتظره البحر أو الجبل والنشاطات الرياضية.
فإذا كنت من مسافري الدرجة الاقتصادية وتتمنى لو كنت تتنعم بخدمة المسافرين في مقدمة الطائرة، فكر مليا؛ فالفرح لا يأتي من مقعد ولا من طبق من فضة إنما ينبع من الداخل، لا سيما إذا كنت برفقة صديق السفر المناسب.
وأخبرتني المضيفة السابقة، أن العمل في درجة رجال الأعمال أسهل بكثير منه في الدرجة الاقتصادية، غير أنها وباقي زميلاتها كن يشعرن بالملل، وسرعان ما كن يذهبن طوعا إلى الدرجة الاقتصادية للتحدث مع الركاب لأنهم أقرب إلى الواقع، وفي كل مرة كانت تعود بها إلى الدرجتين الراقيتين كانت تشعر بالضجر، لأن الأجواء هادئة جدا على عكس حالة الدرجة السياحية لأن ركابها وكما تدل التسمية هم في الغالبية سياح.
فإذن وفي النهاية، دع السفر في درجة الأعمال لرجال الأعمال واستمتع بوقتك في الدرجة السياحية.. فالسفر فيها ممتع وجميل.
بقلا عن الشرق الاوسط
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com