بقلم د. رفعت السعيد
رغم كل ما كان لم يزل لدينا فريق ممن يمكن تسميتهم «الصلحيين» وهم الذين يعيشون فى شوق وشغف وتلهف على التصالح مع الجماعة الإرهابية، وينتهزون أى فرصة، بل ويختلقون المبررات للصلح مع الإرهابيين، وكم من أسماء أقحمت نفسها سعيا وراء شهوة هذا الصلح.
وبهذا يتكسبون أو به يتعلقون بأمل التكسب. وظلوا هكذا يظهرون ثم يصمتون تحت وطأة الاستنكار الشعبى الجارف ثم يعودون.
حتى كان حديث السيسى مع الأسوشيتدبرس وفيه قال «نقبل كل من ينبذ العنف فنهضوا من جديد متعلقين بقول السيسى زاعمين أنه دعوة للتصالح وبدأت من جديد طموحاتهم للعبث بمصير الوطن بتصالح مهين مع الإرهاب».
ولفت نظرى اختيار السيسى للفظ «ينبذ» وهو اختيار دقيق وحكيم ومحكم فهو لم يقل «يرفض» أو «يتخلى» أو حتى «يدين» العنف وإنما «ينبذ» ولجأت إلى القواميس فوجدت. نبذ الشىء أى رفضه وطرحه، ثم تركه وهجره.
وفى القرآن الكريم «فنبذوه وراء ظهورهم» وأيضا «فنبذناه فى العراء وهو سقيم» وأيضا «أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم». ونتأمل الكلمة. فهى لا تعنى مجرد الرفض بما قد يعنى عدم قبول الشىء دون إدانته، فقد يكون الرفض للأسلوب أو للتوقيت أو لخلاف ما حول مدى المشروعية، وعندما كنا نجادلهم حول الجرائم الإرهابية التى وقع فيها جهازهم السرى الإرهابى ونواجههم باعترافات قيادات الجهاز التى أوردوها فى كتبهم وتنافسوا فى التباهى بأن كل منهم قد ارتكب هذا الجرم أو ذاك ويبررونه بدعاوى متأسلمة. كانوا يقولون لقد تركنا ذلك كله منذ ١٩٥٦. والترك لا يعنى إدانة الإرهاب وإنما يربط وجوده فى زمن ماض كان الإرهاب فيه حلالا ومقبولا، ولم يتجاسر أحد منهم بإدانة ما كان من إرهاب وانتقاده والتبرؤ منه، أو إعلان التوبة عن فعله. لكن الاختيار الصحيح لكلمة «ينبذه» يسد الطريق أمام «الصلحيين» فينبذ يعنى «الرفض والترك والتعهد بعدم الفعل» معا.
وهكذا كان رد السيسى على دعوات الخصوم فى الغرب (أمريكا وأوروبا) التى تقوم فى دهاء مفضوح بالعمل على استيعاب كل القوى فى العملية السياسية. فرد عليهم قاطعا مانعا للتصالح فهو يريد «رفضا للإرهاب وتركا له وتعهدا بعدم العودة إليه» ولا يبرئ من ارتكب جرما بل يخضعه لإرادة القانون والنبذ يعنى عدم المماحكة إزاء شرعية ٣٠ يونيو و٣ يوليو وإزاء ما حققه الشعب من منجزات، المظاهرات الكاسحة (٣٠ مليونا)- الاستفتاء على الدستور- انتخاب رئيس جديد بنسبة كاسحة- جمع ٦٤ مليارا بناء على دعوته فى ثمانية أيام. والنبذ يعنى عدم المصالحة على الدم. فهل يجرؤ أحد على مصالحة من حاولوا ضرب وحدتنا الوطنية وارتكبوا جرائم إحراق الكنائس وقتل كثيرين بسبب الدين، وماذا يقول لأسر وأبناء وزملاء شهداء الجيش والشرطة والاتحادية وغيرها. هل يجرؤ أحد على نسيان جريمة المطبعة الأميرية والحبر المتطاير وترويع القضاة.. أقول لا أحد.
ممن يخلصون لمصر ولشعبها وليس لشهوة التصالح وفقا للإرادة الأمريكية. وعلى أى حال جاء خطاب السيسى فى الأمم المتحدة ليصفع الجميع «الصلحيين» عندنا وفى أمريكا وأوروبا. فأدان الجماعة الإرهابية تاريخا وفعلا وأكد بأوضح عبارة أنها عدو لمصر وشعبها ومستقبلها فهل تستحون أيها المصلحيون؟
نقلآ عن المصري اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com