( قصتان حقيقيتان )
للأديب والشاعر فـايـز البهجـورى
حوار ساخن بين
أب وابـنه المــــراهــــق
قال الابن المراهق لأبية الشيخ فى عصبّيه وانفعـــــال :
أنت لا تحبنى . أنت تكرهنى . أنت لا تريد لــى أن أشــق طريـــقى إلى المستقبل.
ثــم سكت لحظة وعاد يسترسل فى توجه النقد لوالده :
أنــا أعرف مستقبلى جيـــدا ، وأعرف طريقى اليـــــه .
لقــد حدّثنى عنه كثيرا زوج خالتى . ورسم لى الطريق الذى يجـــب علىّ أن أسيــــر فيــه.
وسوف أتـفــوّق فيه حتــى على ابنــــه .
ثــم تنّهـد وقال فى مرارة : انه يحبـــنى أكثر منك
نـظـر الأب الشيخ الى ابنه الثــائر. وربت علــى كتفه. وقال له فى هـدوء :
ـ لا يا ولـــدى . هـذا غير صحيح .
فـلا " أحـد " يريـد " لآحـد " أن يكون أحسن منه - فى الوضع الأدبى او الاجـتـمـاعـى - الا " شخص واحـد " فقط. يتمنى " لشخص أخر محدد" ان يكون افضل منـــه .
"الأب" فقط هو الذى يريد " للإبن " فقط أن يصبح أحسن منه .
أما أى إدعاء غير ذلك من أى "شخص آخر" ، هو نوع من المجاملة أو النفاق ، أكثر مما هو رغبة صادقة أو حقيقية فى صالح من تقال له .
وإن لم تفهم ذلك اليوم.. فغداً.. عندما تصبح أباً .. سوف تدرك ذلك بلا شك .ولكن.. بعد فوات الأوان
وسكت الابن ولم يجد ما يعلّق به على كلام والده .
حوار بين شيخ وحفيدته
قالت الحفيدة الصغيرة لجدها العجوز :
هل تؤمن بدور التجربة الشخصية فى التعلّم ياجدى ؟
رد الجد العجوز :
التجربة أسلوب فعّال فى التعلم ياحفيدتى.
أضافت الصغيرة : اذن دعنى أجرّب بنفسى كل شىء .
اعترض الجد على كلام حفيدته وقال لها : لن أسمح لك بذلك
وهنا اعترضت الحفيدة الصغيرة على رد جدها : هل هذا تناقض فى قولك ، أم أنك لا تريدنى أن أتعلّم ؟
قال الجد العجوز : التجربة - من حيث المبدأ- مقبولة .
ولكن " مجال التجربة " هو الذى يمكن قبوله أو رفضه .
قالت الصغيرة : لا أفهم ما تعنيه
رد الجد العجوز : التجربة فى "ما يمكن علاج الخطأ فيه" مقبوله .
ولكن التجربة " فيما لا يمكن تجاوز الخطأ فيها أو علاج النتائج المترتية عليها " غير مقبوله .
ف "التجربة التى تهدّد الحياة" مرفوضة تماما
قالت الصغيرة : هل من مزيد من التوضيح ؟
أجاب الجد الخبير : التجربة فى ما يؤدى إلى خسارة مالية يمكن تعويضها أو التجاوز عنها مقبولة . ولا مانع من القيام بها.
والتجربة فيما قد يؤدى إلى ضياع فرصة يمكن تعويضها ، مقبولة أيضا
ولكن التجربة فيما يهدد الحياة أو الشرف مرفوضة تماما.
فالانسان يمكن أن يجرّب الالتحاق بوظيفة ما . فاذا أكتشف أنها غير ذى قيمة بالنسبة له. أو غير ذى جدوى . فأنه يمكنه أن يتركها ويبحث عن وظيفة أخرى .
والانسان يمكن أن يجرب استعمال نوع معين من الأقمشة أو الملابس أو أدوات الزينة إلى أخره .
فاذا اكتشف أنه غير مناسب له يتركه ويمتنع عنه ويبحث عن بديل له .
والانسان يستطيع أن يجرّب السفر إلى مكان ما .
أو الاغتراب عن الوطن لفترة ما .
فاذا وجدا أن النتيجة غير مريحة له عاد .
ولكن أن يجرّب الانسان أن يلقى بنفسه من سطح عمارة ليرى ماذا يحدث له
أو يجرّب ادمان المخدرات ، أو تعاطى الخمور ، او التدخين ليختبر نفسه هل يستطيع أن يقلع عنها أم لا .
أو يجرب ممارسة رزيلة أو أى صورة من صور الأنحراف أو الجريمة ليعيش الموقف ، ويكتشف كيف يتصرف فيه الى غير ذلك.
كل هذه مجالات مرفوضة تماما للتجربة . والعاقل هو من يستفيد فيها من تجارب الأخرين الذين دفعوا فيها ثمنا باهظا من حياتهم أو من سعادتهم واستقرارم .
لا أن يجرّب هو بنفسه ليدفع هو الثمن غاليا.
ان طبيب الأسنان الذى " يخلع " ضروس وأسنان زبائنه ، لا يخلع هو "ضرسا"أو "سنّه" من ضروسه وأسنانه ليتعرف على مقدار الألم الذى يعانيه الزبائن فى هذه العمليات . ولكنه يكتفى بملاحظة ذلك فى وجوههم ، ويحاول أن يبحث عن الوسائل التى تخفف عنهم .
وهنا نظرت الحفيدة الصغيرة الى جدها الشيخ وقالت له:
هذا هو درس الزمن لك ياجدى . وأنا لم أعش هذا الزمن بعد .
ولكنك وفرّت علىّ متاعب كثيرة .
ثم توجهت اليه وقبّلته .
عن مشروع " موسوعة الألف قصة للبهجورى
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com