بالطبع أنت تذكر حديثي معك عن مولد الكهرباء الجديد الذي وضعته في البلكونة. هو الآن يعمل بكفاءة عالية والحمد لله، تقريبا هو أصبح فردا من الأسرة من حيث إن له متطلباته هو الآخر، ولذلك ستجدني قبل أن أعود إلى البيت أتصل تليفونيا: سآتي بعد دقائق.. عاوزين حاجة؟
ويأتي الرد: المولد عاوز بنزين..؟
أسأل بانزعاج: ليه؟ هو بيشرب البنزين والّا إيه؟ ها جيب له بنزين منين دلوقت؟ ده أنا دخت لحد ما جبت له العشرين لتر المرة اللي فاتت.
- وعلى فكرة يا بابا.. ما تجيش دلوقت الكهربا قاطعة والأسانسير مش شغال.. تعالى بعد ساعة.
أنا أريد أن ألفت نظر سيادتك إلى أن المولد ليس له سيادة خارج الشقة.. يعني أن الأسانسير يظل تابعا لكهرباء البيت المقطوعة.. يعني لا يعمل لمدة ساعة على الأقل في كل مرة تنقطع فيها الكهرباء وهي كثيرة. ولذلك ظهرت عادة جديدة في مصر هي أن يسأل الناس تليفونيا قبل عودتهم إلى بيوتهم: أخبار الكهربا إيه؟.. آجي؟
علاقتي بهذا المولد تذكرني بعلاقات البشر بوجه عام بالأمنيات التي يحلمون بها، ثم بعد ذلك يبدأون في اكتشاف كم كانت هذه الأمنيات مكلفة ومزعجة. في البداية سعد أهل البيت جميعا بوجود المولد، بعدها بساعات بدأت أشعر بالضيق الشديد نظرا لما بدأ يفرضه علي من أعباء لا عهد لي بها. هو يعمل بالبنزين.. لم أتصور أن هذه الحكاية ستسبب لي مشكلة من أي نوع، محطات البنزين موجودة في كل مكان. ولكن اتضح أن هذه المحطات لا تبيع البنزين في «جراكن».. هي تملأ خزان سيارتك فقط، وذلك طبقا لأوامر وزير الداخلية. المقصود بهذا القرار هو حرمان أصحاب النوايا الإجرامية من الحصول على بنزين لصنع قنابل المولوتوف.. آه يا له من مأزق.. وأخيرا لمعت في ذهني فكرة الحل، أن نقوم بتموين السيارة بشكل طبيعي بعد ذلك نشفط من الخزان العدد الكافي من اللترات لإطعام السيد المولد.. ولكن مساعدي زيزو، وهو أيضا يقود سيارتي، قال لي: أنت تتكلم عن طراز من السيارات لم يعد له وجود.. كل تنكات السيارات الآن فيها مصفاة صغيرة لا تسمح بشفط البنزين مرة أخرى.. الحل الوحيد هو أن نشتري البنزين من السوق السوداء.. من الريف المحيط بمحافظة الجيزة.
وهذا هو ما حدث بالفعل، أنا أشتري الآن البنزين من السوق السوداء من قرى لم أسمع بوجودها من قبل. وفي البداية قررت أن أشتري أربعين لترا في جركنين.. وهنا ظهرت مشكلة جديدة تبعث على القلق بالفعل.. أين سأقوم بتخزين هذين الجركنين في الشقة؟
أخذت أستعرض كل مكان في الشقة لأدرس مدى صلاحيته لأداء هذه المهمة، وفي النهاية اخترت الحمام الصغير مخزنا لهما.. غير أنني بدأت أفكر في حتمية حصولي على عدة طفايات حريق أضعها في أركان الشقة مع ضرورة تدريب أهل البيت على استخدامها... استر يا رب.
ali.salemplaywright@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com