مصر بحكم موقعها الإقليمى وتاريخها الحضارى وموروثها ومردودها الثقافى وثورات شعبها العظيم بدءاً من ثورة ١٩١٩ التى كانت بداية المرحلة الليبرالية وصولاً إلى ثورة ١٩٥٢ التى قادها جمال عبدالناصر وجعل مصر – فترة من الفترات – فى قلب أمتها وقارتها ثم ثورة الخامس والعشرين من يناير ٢٠١١ التى أزاحت حكماً فاسداً كان يريد أن يعيد الملكية – عن طريق وراثة السلطة – إلى مصر من جديد ثم آخر الثورات فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣ والتى أزاحت طغيان الفئة التى ادعت أنها تحكم باسم الإسلام وخلطت بين الدين والسياسة فأساءت إلى الدين وإلى السياسة معاً. وبعد ثورة ٣٠ يونيو هذه انطلقت مصر نحو مرحلة جديدة تماماً. وقد أنجز من هذه المرحلة خطوتان مهمتان: الخطوة الأولى والتى تمثلت فى وضع دستور ٢٠١٤ الذى يحكم مصر الآن والذى أنجزته لجنة الخمسين والتى قادها رجل الدولة المحنك والسياسى المقتدر عمرو موسى واستطاع أن يتغلب على كثير من الصعاب حتى أخرج لمصر دستوراً هو من أفضل الدساتير المصرية منذ دستور ١٩٢٣ وحتى الآن.
مصر بحكم موقعها وبحكم هذا التاريخ تتصدى بالضرورة لمؤامرة من الذين يحرصون على أن تلحق بمصير العراق وسوريا وليبيا ولكن هيهات أن يتحقق لهم ما يريدون بعد أن التحم الشعب المصرى بجيشه العظيم بعد ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣.
لن تفلح المؤامرة التى أشرت إليها فى مقال سابق والتى تقودها – للأسف – الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا وإمارة الإرهاب فى الخليج وذلك كله من أجل أن تبقى إسرائيل هى القوة الوحيدة ذات البأس فى هذه المنطقة ولكى تواصل مذابحها الشريرة لإبادة الشعب الفلسطينى صاحب الأرض منذ قرون قبل أن يعرف العالم كياناً اسمه إسرائيل.
لن تفلح المؤامرة فى هز بنيان شعب يقف وقفة رجل واحد مع أو أمام أو خلف – كلها سواء – قيادته التى اختارها اختياراً حراً شهد به القاصى قبل الدانى والعدو قبل الصديق.
وإذا كان هذا هو شأن المؤامرة فما هى الكارثة التى أشرت إليها فى عنوان هذا المقال؟
إنها كارثة حقيقية بعد أن عبرت مصر بنجاح المرحلتين الأولى والثانية من خريطة الطريق التى رسمتها ثورة الثلاثين من يونيو ٢٠١٣. المرحلة الأولى هى وضع الدستور والمرحلة الثانية هى انتخاب رئيس الجمهورية وبقيت المرحلة الثالثة وهى اختيار المجلس النيابى الذى سيحكم فى ظل الدستور الجديد.
ما هو كنه هذه الكارثة؟
كيف سيتم تشكيل المجلس النيابى القادم وما هى القوى القادرة على خوض غمار الانتخابات والنجاح فيها؟
فى مصر عدد ضخم من الأحزاب ولكن كلنا يعلم أنه عدا عدد قليل جداً من الأحزاب – لا يكمل أصابع اليد الواحدة – هو الذى يستحق وصف الحزب السياسى ذلك على حين أن بقية الأحزاب الموجودة على الساحة هى أحزاب وهمية كل حزب فيها لا يزيد تعداد أعضائه على أحسن الفروض عن خمسين عضواً بل إن بعض هذه الأحزاب تعدادها يصل إلى عشرين عضواً أو أقل أو أكثر قليلاً.
وهذه الأحزاب جميعاً أو أغلبها لا صلة لها بالجماهير.
وهناك غول كامن يتربص بمصر الدوائر.
ما هو هذا الغول.
بكل وضوح وصراحة بقايا الحزب الوطنى وبقايا الإخوان المسلمين وهنا تكمن الكارثة.
ويبدو أن توقعى للكارثة لم يعد مجرد توقع بعد ما نشرته صحف اليوم عن استقالة السيد عمرو موسى وما أعلنه من أنه بعد محاولاته المضنية من أجل توحيد صفوف القوى المدنية لمواجهة المتشددين من الإسلاميين وفلول الحزب الوطنى فإنه لم يعد على استعداد للاستمرار فى بذل هذه الجهود، نظراً لاستمرار حالة التشرذم والتنافر وإعلاء المصالح الشخصية الضيقة على مصلحة الوطن كله.
وسنرى كيف سيكون مجلس النواب القادم.
الشعب الذى قام بثورتين عظيمتين وتخطى مرحلتين من خريطة الطريق بنجاح واقتدار لم يستطع أن يفرز قوى مؤمنة بهاتين الثورتين أو مؤمنة بأن مصر فوق الجميع.
إن هذا الشعب لا ينقصه الذكاء ولا معرفة من هم معه ومن هم ضد مصالحه ولكن يجب علينا أن نخاطبه وأن نشعره بأهميته وأن نتواصل معه ومع مشاكله وإلا فإن العاقبة لن تكون سارة.
حفظ الله مصر من كل سوء.
والله المستعان.
elgamallawoffice@gmail.com
نقلا عن المصري اليوم
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com