خالد منتصر
كما توقعت جريدة «الوطن» فى انفرادها منذ عدة شهور حين قالت وأكدت أنه لن يطبق العلاج بجهاز الـ«سى سى دى» فى 30 يونيو والمشهور إعلامياً بـ«جهاز عبدالعاطى» لعلاج فيروس سى والإيدز، وتحدى رئيس تحريرها أنه لن يحدث أى تطبيق للعلاج، وقال: سأقدم استقالتى إذا بدأ العلاج فى 30 يونيو. انتصر الجيش للعلم كما توقعنا وأوقف ماكينة الشائعات وأعاد ثانية الأمور إلى نصابها بعد الإعلان المتسرع الذى تم من خلال الهيئة الهندسية والذى نال الكثير من الانتقاد والسخرية نتيجة الطريقة غير العلمية التى أُعلن بها
طلبت جريدة «الوطن» إجراء المزيد من الدراسات وعرض الجهاز ونتائجه فى المؤتمرات العالمية والدوريات العلمية، ولكن البعض خوّنونا وسبونا وشتمونا وقالوا عنا عملاء وغير وطنيين، قلنا: لا يوجد فى العلم عناد، ولا يوجد فى العلم أسرار عسكرية، ولا يوجد فى العلم شخص «فنى معمل» يخترع علاجاً لفيروس سى والإيدز وهو لا يمتلك أى خلفية علمية على الإطلاق بل هو شخص حامت حوله الشبهات ورُفعت ضده قضايا انتحال صفة طبيب، لا يوجد فى العلم ما يسمى بـ«دكتوراه الطب الكونى» من سيريلانكا.
ظلت سياسة العناد هى السائدة إلى أن تدخل سيادة المشير السيسى وأمر بتشكيل لجنة لتقييم الجهاز وحسم الأمر ونقل المسئولية من الهيئة الهندسية إلى الخدمات الطبية، حيث المتخصصون الذين للأسف تم تهميشهم فى البداية وعدم إشراكهم وتم الاعتماد على أستاذ واحد من إحدى الجامعات الكبيرة الذى قدم للأسف معلومات مغلوطة وخان قَسَم المهنة، ولذلك تطالب جريدة «الوطن» بمحاسبته من جامعته ومن أساتذة قسم الكبد والجهاز الهضمى، وسؤاله: كيف يعلن أن النتائج 100%، وكيف يضحى بأستاذيته ويلقيها تحت قدمى عبدالعاطى الذى نتساءل أيضاً ولابد أن نعرف إجابة سؤالنا: من الذى كان يحمى هذا الرجل؟؟، وهذه قضية لن تمر مرور الكرام لأننا أصبحنا فى عصر الشفافية.
قرارات المؤتمر، أمس، التى أعلنها سيادة اللواء جمال الصيرفى هى: لا علاج فى 30 يونيو أو غيره قبل البدء فى التجارب الإكلينيكية التى ستستمر ستة شهور ثم ستة شهور أخرى لمتابعة من اختفى منهم الفيروس وظل تحليل الـ«بى سى آر» لديهم سلبياً، ولن يعتمد إلا على هذا التحليل كمقياس لأنه التحليل الوحيد المعترف به دولياً ولن يعتد بالنتائج التى أجرتها الهيئة الهندسية لأنها قيست بوسائل أخرى ولم تراع الشروط والمعايير المتفق عليها فى البروتوكولات العالمية، والسؤال: هل بعد سنة وإذا نجح الجهاز فى علاج نسبة مرتفعه مجازاً، هل سنبدأ فى العلاج؟
الإجابة ما زالت لا، أكد رئيس الخدمات الطبية أنه لا بد من العرض طبقاً للمعايير العالمية، بمعنى المناقشة فى المؤتمرات والنشر فى الدوريات، ذلك لأن مصلحة المريض هى الأهم وهى المعيار الوحيد وليس أى شىء آخر.
عرض العقيد تيسير، أستاذ الباطنة، النتائج التى خرجت بها إدارة الخدمات الطبية على ثمانين حالة من الذين خضعوا للعلاج بالجهاز، كانت النتائج النهائية هزيلة أو كما أطلق عليها العقيد تيسير non significant أى غير مؤثرة ولا يمكن ترجمتها إلى حقائق علمية، فقد اختفى الفيروس من ثلاث حالات فقط من الثمانين حالة، وهذا الاختفاء لا معنى له فى علم الكبد بالنسبة لفيروس سى لأنه لا تطلق كلمة شفاء كامل وسلبى تماماً إلا بعد اختفاء الفيروس لمدة ستة أشهر متتالية، وثلاث حالات حدثت لها مضاعفات فى الكلى، وعدد أربعة وسبعين حالة ما زال الفيروس إيجابياً والـ«بى سى آر» إيجابياً، وحاول «عبدالعاطى» أن يوهم المسئولين بأن هذا الفيروس الإيجابى موجود فعلاً لكنه غير مُعدٍ!!
يعنى نص نص، لكن أسلوب الكفتة لم يكن مجدياً تلك المرة مع أساتذة الخدمات الطبية الذين أثبتوا أنه ما زال فى مصر علماء وطنيون وأن تلك المؤسسة العسكرية العريقة من الممكن أن يخطئ فيها فرد لكن تظل المؤسسة قادرة على إصلاح هذا الخطأ من داخلها وبأيدى أبنائها، بل وسيكون العزل هو مصير هذا المخطئ، ثم عرض العقيد تيسير المنحنى البيانى والذى تنفرد بعرضه جريدة «الوطن» وفيه عدد الفيروسات والاستجابة بعد 10 أيام من الأقراص ثم بعد أسبوع من استخدام الجهاز ثم بعد أسبوعين ثم بعد ثلاثة ثم بعد أربعة أسابيع، وكانت الأرقام كالتالى بالنسبة للسبعة والسبعين مريضاً الذين لم يتم شفاؤهم من الثمانين حالة كالتالى:
Base line البداية كان متوسط عدد الفيروسات 507.5 ألف
ثم انخفض بعد كبسولات لمدة عشرة أيام إلى 452.6 ألف
ثم ارتفع بصورة رهيبة إلى أكثر من مليون و396، وحاول «عبدالعاطى» بنفس طريقة الفهلوة المعهودة أن يقول إن سبب الزيادة هو أن الفيروس قد تفتت مثل الكفتة، وهذا التفتت هو سبب الزيادة، ولكن العقيد تيسير قال إن هذا كلام غير علمى وغير مقبول لأن الفيروس يحدد بما يسمى جزئ «الان اس» وهذا الجزىء واحد فى الفيروس الواحد وهذا هو ما يتم عده وليس عدد الفتافيت الفيروسية!!.
بعد أسبوعين من الجهاز مع مراعاة أن المريض يأخذ كل جمعة إجازة صار الرقم 387.9 ألفاً.
بعد ثلاثة أسابيع ارتفع الرقم إلى 538.5 ألفاً.
بعد شهر صار الرقم 440.9 ألفاً
فى النهاية أعلن العقيد تيسير، ممثلاً للخدمات الطبية وللدكتور لواء أحمد الصاوى المشرف على هذه الدراسة، أن هذه النتائج غير ذات قيمة لأن هذا التذبذب هو طبيعة أصيلة فى هذا الفيروس ولا يمكن ترجمتها إلى نجاح علاج بالجهاز، خاصة أن نسبة كبيرة لم يتم شفاؤها وهى 74 حالة من ثمانين وعدد ثلاثة حدثت لهم مضاعفات فى الكلى.
عرضت د.مديحة خطاب رأيها كممثلة للجنة التى شكلها المشير السيسى وقت أن كان وزيراً للدفاع لتقييم الجهاز وأجابت عن سؤال: لماذا أشارت اللجنة باستمرار التجربة لمدة سنة إضافية ما دامت النتائج ضعيفة، فقالت: بما أن الجهاز ليست له أضرار وبما أن مشكلة الكبد مشكلة أمن قومى مصرى وما دمنا لم نبدأ العلاج بعد وما زلنا فى طور التجربة وتحت إشراف الخدمات الطبية، وما دمنا فى اللجنة طلبنا فى البروتوكول إجراء التجارب على مائة وستين حالة ولم ننته إلا من ثمانين حالة فقط، وما دام هناك ثلاث حالات سلبية من بين الثمانين حالة فلنظل فى التجربة ولنمنح فرصة أخرى للجهاز على الثمانين حالة الأخرى بعدها نقرر صلاحية العلاج بهذا الجهاز من عدمه.
فى النهاية، لا يصح إلا الصحيح، وجريدة «الوطن» لم تدخل هذه المعركة إلا لصالح العلم ولصالح المريض وللحفاظ على صورة الجيش من الاهتزاز والتشويه، ولم يكن هناك ثأر شخصى مع أحد، ولذلك نتقدم بالشكر إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى استمع لصوتنا ومطالبنا وشكل اللجنة وأعاد الأمور إلى نصابها، ونتقدم أيضاً لإدارة الخدمات الطبية التى بها عقول من خيرة عقول الطب فى مصر والتى كان تهميشها فى البداية أكبر خطأ بل أكبر خطيئة، من كان يساوره الشك فى أن ما حدث من ترويج لجهاز الكفتة هو عقلية مؤسسة هو إنسان مخطئ، إنها للأسف كانت عقلية فرد استطاع أحد الدجالين بذكاء عبقرى أن يخدعه ولا بد من المحاسبة، وهذه هى الخطوة التالية ولكن دعونا نفرح بانتصار العلم على الكفتة.
نقلآ عن الوطن
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com