محمود خليل
فى تقديرى أن عزوف ما يقرب من «30 مليون مواطن» عن المشاركة فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة يؤشر إلى حالة عدم رضا من جانب هؤلاء عن أداء سلطة ما بعد 30 يونيو. ومن يقرأ تاريخ هذا الشعب جيداً يفهم أن «السلبية» هى السلاح الذى يستند إليه كثير من المصريين فى التعامل مع السلطة التى لا يرضون عن مستوى أدائها. لاحظ المصريون المتابعون لوسائل الإعلام طيلة الشهور الماضية أنها تزين ما كانت تستقبحه أيام «مرسى»
فتحول الانقطاع المتكرر للكهرباء إلى مجرد ظروف تمر بها البلاد وأن «الضلمة» مع سلطة ما بعد 30 يونيو خير وأبقى وأعز وأغلى، وأصبح السبب فى الغلاء والكساد وقلة الدخل راجعاً إلى كسل المواطن وتراخيه وعدم حبه لوطنه، وليس مرده أداء الحكومة، وغدا ارتفاع سعر الدولار وتراجع البورصة -إذا تم تناوله- لا علاقة لها بالسلطة الانتقالية التى حكمت البلاد، بل أمور عادية تحدث فى أحسن العائلات! فالآلة الإعلامية التى كانت «تلطم» على مشاكل المواطن أيام «المعزول» وتجعل منها زاداً أساسياً لها، أصبحت تستند إلى قاعدة «لا شىء يهم» بعد 30 يونيو.. وإذا كان لدى الإعلاميين أسباب للمغفرة فإن الشعب لا يغفر!
طيلة الشهور الماضية أكد الكثير من السياسيين والإعلاميين أن المشير «السيسى» لا يتدخل فى صناعة القرار المعيشى للمصريين، لكن الربط الذهنى بين الأفكار التى ظهرت على لسان «المشير» فى حواراته التليفزيونية والقرارات التى اتخذتها حكومة «محلب» برفع أسعار الكهرباء والغاز الطبيعى والموافقة على خفض الدعم الموجه إلى الطاقة فى الموازنة العامة الجديدة أكد أن قرارات «الحكومة» تعكس أفكاراً تدور فى عقل «المشير». وقبل الانتخابات الرئاسية بأيام رفع البنك المركزى يده عن «الجنيه» فالتهبت أسعار الدولار، الأمر الذى أضاف المزيد من الارتفاعات للأسعار التى لم تتوقف عن الزيادة على مدار عام كامل.
لم يتوقف أحد أمام مشاكل ومعاناة المواطن، إذ كانت القوى السياسية والفضائيات التليفزيونية مستغرقة فى هم الانتخابات الرئاسية ونسيت هموم البسطاء. قارِن على سبيل المثال بين مستوى التركيز على دعوات التقشف التى ظهرت هنا وهناك ودرجة الاهتمام بمناقشة ومعالجة مشكلة الغلاء فى الأسعار! وراجع عبارات السخرية التى تداولها الشباب من نمور وأسود الإعلام الذين بدوا قططاً مستأنسة أمام «المشير»
وتخلوا عن الجرأة التى كانوا يتمتعون بها فى الحديث مع غيره (المرشح المنافس حمدين صباحى مثلاً) عندما كان «المشير» يطرح أفكاره عن إصلاح الاقتصاد. وقارِن أيضاً بين مستوى الاهتمام بدعوة «المشير» لرجال الأعمال بالتبرع لمصر بـ«100 مليار جنيه» وبين موضوع التقشف. لقد أخذ بعض الإعلاميين والسياسيين يصرخون بضرورة تطبيق غرامة «500 جنيه» على المواطنين المقاطعين، ووصل الأمر بأحدهم إلى المطالبة بحرمان المواطن المقاطع من بطاقة التموين، وطالب آخر بإرسال عسكرى لكل مقاطع لسحبه من قفاه على اللجنة. وقد بشرنا مسئول باللجنة العليا للانتخابات بأن الغرامة ستطبق فعلاً على المقاطعين، فرد عليه مواطن: «طبّقوها.. ايش ياخد الريح م البلاط»؟!
نقلآ عن الوطن
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com