ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

المســاواة

عماد توماس | 2010-03-07 00:00:00

عرض: عماد توماس – خاص الأقباط متحدون
ضمن سلسلة كتب الفضائل التي تصدرها دار ومكتبة الحرية والدلتا للخدمات، صدر الكتيب رقم (8) بعنوان (المساواة) من إعداد الأستاذ الدكتور أنطون ميخائيل، دكتور جمال أبو زيد، والأستاذ عابد إسكندر.

هدف السلسلة
تقدم السلسلة –كما يقول الناشر- "المشترك" في الديانتين الكتابيتين المسيحية والإسلام، تبيانًا لما يجمع بينهما من قيم الخير والجمال، وتأكيدًا لنبعهما السماوي الواحد الذي يفيض نورًا وهدي للإنسانية كافة، وسندًا لما يجمع ولا يفرق بين أبناء الوطن الواحد مهما اختلفت عقائدهم وتوجهاتهم، أو تباينوا في الجنس أو اللون أو العرق أو المستوى الاجتماعي أو الثقافي أو غيرها.غلاف الكتاب

معنى المساواة
"المساواة" كلمة عامة وشاملة لها رنين خاص، وتعبر عن واحد من المبادئ السامية والشعارات الجميلة، التي ينادي بها عادة الفلاسفة والمصلحون ورجال الدين. وتعتبر مرادفة للعدل باعتبار أنه يساوي بين الناس ولا يفرق بينهم أمام قوانينه وميزانه الدقيق.
والمساواة لغة من مادة "سوّا" وهي المماثلة والمعادلة. وساواه = ماثله وعادله. وسوى بينهما: جعلهما متماثلين ومتعادلين. وتساويا: بمعنى تماثلا وتعادلا. ومن هنا جاء دور تحديد مفهوم المساواة في الفكر الإنساني على أنه إزالة كل الفوارق بين الناس، وإذابة كل الحواجز، من أي نوع أو مصدر كان بينهم، باعتبارهم سواء لا يميز بينهم دين أو جنس أو غيرهما.
والمساواة بين جميع الأشخاص، كمساواة مطلقة، معلنة في كل المعتقدات. وتدعمها تعاليم الديانات التوحيدية على أساس أن الله أب الإنسانية كلها، وأن الناس جميعًا ينحدرون من أبوين وحيدين هما آدم وحواء. على أن هذا لم يمنع وجود ثقافات كثيرة تميز بين الناس على أساس الطائفة أو الطبقة أو الجنس أو النوع. ويتدعم هذا التمييز أحيانًا بتفسير معين لفقرات من نصوص مقدسة تعتز بها هذه الثقافات.
وظهرت كلمة المساواة بدلالتها الإنسانية الرفيعة في الأدبيات الغربية في القرن الثامن عشر الميلادي، في كتابات التنويريين أمثال فولتير وروسو ومونتسكيو وديدرو وغيرهم الذين هدمت أفكارهم الموروثات القديمة وهيأت النفوس للتمرد على الظلم والاستبداد. ونادت الثورة الفرنسية بالمساواة كنظام وتشريع، وصدرت بها وثيقة عام 1789، بدأت بالعبارة "يولد الناس أحرارًا ومتساوين في الحقوق". وقد سبقها إلى ذلك بسنوات قليلة إعلان الاستقلال الأمريكي في 4 يوليو 1776، وإعلان الدستور الأمريكي في 1787، وقد نصا على مبدأ المساواة بجانب ذكر بعض الحقوق كحق الحياة وحق الحرية.

المساواة من منظور مسيحي
يقول الدكتور انطون أن المساواة في واقع الحال قيمة عظمى. موضحًا إن كل الفضائل والقيم تحني الرأس لها وتتطلبها. فالحب فضيلة جميلة وقيمة رائعة، ولكنه إن افتقد المساواة ناح وناحت معه أزهار البستان وشجر الوادي، ودمعت نجوم الليل الساهرة. والحرية حلم كل إنسان، لا يود أن يستيقظ منه أو يفيق. ولكنها إن خسرت معركة المساواة امتلأت السجون وازدحمت المعتقلات، باسمها في أغلب الأحيان! مشددًا على أن العدل الحقيقي وحده هو الذي يحتضن المساواة في عناق أشبه بعناق آلهة الأولمب الإغريق. وهو حريص على أن يضع عصابة على عينيه حفاظًا على الحيدة التامة، وعدم الوقوع في خطايا المحاباة أو الأخذ بالوجوه والمجاملة.
رغم أن المساواة من أوسع المفردات استخدامًا في الخطاب السياسي والديني والاجتماعي على حد سواء. يحاول كل منها أن يدغدغ مشاعر الناس ويكسب ودهم ويفوز بثقتهم. إلا أنها عجزت جميعها عن تحقيقها بصورة أو بأخرى، ولأسباب عدة يذكر منها الدكتور أنطون: أولها غياب تطبيق مبدأ "أبدأ بنفسك أولاً" ففاقد الشيء كيف له أن يعطيه؟! وثانيها، تباين مفاهيم المساواة وتطبيقاتها بين ما هو ديني وما هو سياسي وما هو اجتماعي.. إلخ. حتى إن سواسية الناس كأسنان المشط عجزت عن توصيل الرسالة كما يجب، لأنها لم تحدد طبيعة السواسية وهل هي في الطول أم السمك أم في مجرد التواجد بالمشط. ثم أن المشط نفسه أنواع، منها نوع جميل أسنانه غير متساوية! وثالثها، هو الاختلاف أو الاختلال في حساسية الموازين. فميزان العاطي/ الواهب عادة أشبه بالقبان بفروقه الواسعة، في حين ميزان الآخذ/ المستقبل كهربائي حساس لدرجة كسور الجرام الواحد. والآخد سريع الصرخة الصاخبة لدى اكتشافه أي نقص فيما يعتبره حقًا له.

المساواة في الفكر المسيحي
ينبر أنطون على أن من يقرأ الإنجيل المقدس يكتشف بسهولة كيف عالج السيد المسيح تشوهات المجتمع اليهودي وكل ما فيه من تمييز وعدم مساواة، بأسلوب عملي من خلال تصرفاته وتعاملاته مع الناس. لتكون أمثلة ونماذج يتحذى بها من أجل قيام مجتمع المساواة. فقد عامل المرأة بكل لطف ومحبة واحترام ليقضي على صور التمييز ضدها الذي بلغ حد الازدراء بها بأشكال كثيرة. حتى أن الفريسي كان يشكر الله لأنه لم يخلقه أمرأة بل رجلاً. وكان يُفرض على النساء أن يتقدمن الجنازات شهادة على أنهن اللائي أدخلن الموت إلى العالم.
فهو لم يرفض المرأة الخاطئة التي جاءته وهو جالس في بيت فريسي "ووقفت عند قدميه من ورائه باكية وابتدأت تبل قدميه بالدموع وكانت تمسحهما بشعر رأسها وتقبل قدميه وتدهنهما بالطيب"، ودافع عنها حين هاجمها الفريسي وهجاها، وأكد له أنه "قد غفرت خطاياها الكثيرة لأنها أحبت كثيرًا". وقال لها "إيمانك خلصك. اذهبي بسلام". والمرأة المنحنية التي كان بها روح ضعف ثماني عشرة سنة تعطف عليها بكل حنان و"دعاها وقال يا امرأة إنك محلولة من ضعفك. ووضع عليها يديه ففي الحال استقامت". ودافع عنها باعتبارها "ابنة إبراهيم" في مساواة كاملة مع الرجال. وعندما تساءل عمن لمسه رغم أن "الجموع يضيقون عليه ويزحمونه" كان يريد من المرأة التي كانت "بنزف دم منذ اثنتي عشرة سنة... وجاءت من ورائه ولمست هدب ثوبه" فوقف نزف دمها في الحال، أن تظهر أمام الملأ لتؤكد أنه لا داعي لتخوفها لأنها امرأة، وأن منزلتها عنده كمنزلة الرجال سواء بسواء.

المساواة الروحية
يشير المؤلف أن السيد المسيح قد دخل في حوار طويل، سلس وصريح، مع المرأة السامرية. حتى أن تلاميذه حين عادوا إليه بعد شرائهم طعامًا "كانوا يتعجبون أنه يتكلم مع امرأة". وهو أيضًا لم يستنكف أن يجالس ويؤاكل العشارين والخطاة، الذين أفرزهم المجتمع اليهودي وعلى رأسه الفريسيون والكتبة، واعتبرهم بمثابة طبقة من المنبوذين. ولم يأبه لقولهم "هذا يقبل خطاة ويأكل معهم". ودافع عن علاقته بهم بما يمكن اعتباره جزءًا من "منفستو" إرساليته المقدسة: "فاذهبوا وتعلموا ما هو. إني أريد رحمة لا ذبيحة. لأني لم آت لأدعوا أبرارًا بل خطاة إلى التوبة." واختار متى العشار، أحد رجال الجباية المكروهين، ليكون واحدًا من تلاميذه. واستعجل زكا رئيس العشارين للنزول من فوق الجميزة التي اعتلاها لقصر قامته، قائلاً له "لأنه ينبغي أن أمكث اليوم في بيتك". وهناك أعلن "اليوم حصل خلاص لهذا البيت إذ هو أيضًا ابن إبراهيم" وأعطى، له المجد، بعدًا سماويًا هازجا لاحتفاليات الخلاص "هكذا أقول لكم يكون فرح قدام ملائكة الله بخاطيء واحد يتوب".
وهذه المفاهيم الخلاصية يرى أنطون إنها توضح وتؤكد ما يمكن تعريفه بـ "المساواة الروحية" بين البشر، والتي تقوم في المسيحية على أسس مركزية ثابتة.

المساواة من منظور إسلامي
يرى الدكتور جمال أبو زيد في الجزء الثانى من الكتيب، أن المساواة بين الناس، تُعد على اختلاف الأجناس والألوان واللغات، مبدأ أصيلاً في الشرع الإسلامي. ولم يكن هذا المبدأ على أهميته وظهوره قائمًا في الحضارات القديمة، كالحضارة المصرية أو الفارسية أو الرومانية؛ إذ كان سائدًا تقسيم الناس إلى طبقات اجتماعية، لكل منها ميزاتها وأفضليتها، أو على العكس من ذلك، تبعًا لوضعها الاجتماعي المتدني. فقد كانت التفرقة بين البشر في المجتمعات القديمة، تستند إلى الجنس واللون، والغنى والفقر، والقوة والضعف، والحرية والعبودية، وكانت طبقة الحكام ورجال الدين من الطبقات المميزة، بل إن بعض المجتمعات -كالمجتمع الهندي مثلاً- كان يعرف طائفة المنبوذين، وكان محرمًا على أفراد الطبقة أن ينتقلوا منها إلى طبقة أعلى، حتى ولو كانت ملكاتهم تتيح لهم ذلك.

رأي ابن رشد في المساواة بين الرجل والمرأة

يستشهد المؤلف برأي ابن رشد الذى بيّن هذا التفاوت بينهما من حيث يريد البرهنة على التساوي بينهما فيقول: "إنها –أي المرأة– تقل عن الرجل في الدرجة لا في الطبيعة -أي كمية لا نوعًا– فهي قادرة على ممارسة أعمال الرجل، مثل الحرب والفلسفة، ولكن بدرجة أقل من الرجل، وقد تفوقه في بعض الفنون مثل الموسيقى".
ثم يقول في حالة الشدّة، في حالة الدور الذي يمكن أن تقوم به المرأة "إن حالتنا الاجتماعية لا تؤهلنا للإطاحة بكل ما يعود علينا من منافع المرأة، فهي في الظاهر صالحة للحمل والولادة والحضانة فقط. وما ذلك إلاّ لأنّ حالة العبودية التي نشأ عليها نساءنا أتلفت مواهبها العظمى".

المساواة في العصر الحديث
في عصرنا الحديث جاء ميثاق الأمم المتحدة ليناصر المساواة والعدل، إذ جاء في مقدمته "أن نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الإنسانية للإنسان، وبكرامة الفرد وقدره، وبما للرجال والنساء، والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية".
ونصت المادة الثانية من الميثاق على أن: تقوم المنظمة على مبدأ المساواة في السيادة بين جميع أعضائها.
ونص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على حق المساواة بين أي إنسان وآخر في الكرامة والإخاء، وعلى أن الناس يولدون أحرارًا متساوين في الكرامة، كما أن الناس سواسية أمام القانون، ولهم الحق في حماية متساوية ضد أي تمييز يخل بالإعلان العالمي.
فقد جاء في ديباجة هذا الإعلان: إن الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية، وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية، والعدل والسلام في العالم.
والمادة الأولى من هذا الإعلان العالمي نصها: يولد الناس أحرارًا متساوين في الكرامة والحقوق، وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضًا بروح الإخاء.
ونص المادة الثانية منه هو: لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في الإعلان، دونما تمييز من أي نوع.

نحن متساوون ولكننا مختلفون
يذكر الكتيب قصة معبرة تعبر عن مفهوم المساواة تقول القصة:
لاحظ المعلم أن تلامذته لا يستوعبون معنى المساواة بالشكل الصحيح، فكلما صادفوها في الدروس أو استعملوها في المناقشات أو التظلمات قصدوا منها كل ما يدل على التشابه والتطابق. وكان خوفه يكبر في كل مرة من أن يؤدي بهم ذلك إلى التعود على تنميط الأحكام وبالتالي تبني التمييز بين الناس وتبريره دون وعي بمخاطره، وذلك بتصورهم، مثلا، أن الأشخاص المختلفين عن غيرهم هم متشابهون في ما بينهم ويحملون نفس العيوب، وبالتالي هم أقل قيمة من هؤلاء الغير. أو بالاقتناع بأنه من الأفضل ألا تكون هناك اختلافات بين البشر، فيحملهم هذا إلى القبول بمنع الأفكار المغايرة، أو بعدم السماح بالاختلاط بين الأفراد الذين لا يحملون نفس الميزات الفردية. مما يؤدي إلى شرخ المجتمع وتكوين فيالق بشرية متباعدة أو متنافرة. ودفعه خوفه هذا إلى التفكير مليًا فيما ينبغي عمله في الأمر. وقرر أن يفعل شيئًا جيدًا، حتى ولو لم يعجب السيد المفتش أو تعارض صراحة مع ما تمليه عليه المذكرات والتعليمات الرسمية.
وفي يوم مبشر بالأمل، وفي الحصة الأولى، قال لتلاميذه برقة: أعيدوا كتبكم وكراساتكم المدرسية إلى الحقائب فاليوم سنعمل من أجل فهم مشترك لمضمون المساواة. ثم وزع على كل منهم ورقة تحمل إطارًا عامًا لصورة شخص. وطلب من كل واحد أن يرسم عليه نفسه. تضاحك الأطفال. أخرجوا أقلامهم الملونة وشرعوا في العمل. وفعل المعلم مثلهم.

تساءلت بنت وهي تخفي ابتسامة رقراقة خلف كم بلوزتها: من يذكرني بشكل أذناي؟ وقال طفل لجاره: والله لن أفعل فهذا حرام. واستعار آخر مرآة وراح يتطلع إلى وجهه ثم واصل الرسم. وقالت أخرى لقرينتها الجالسة أمامها: التفتي نحوي لأتطلع إليك قليلاً. فقاطعها طفل من الخلف معلقا: لا داعي لذلك فهي أجمل منك. ووقفت طفلة قبالة مجموعة الفصل وهتفت: أعطوني قلما أبيض فأنا أنصع من لون هذه الورقة....
بعد عشر دقائق، وقف المعلم أمام تلاميذه ورفع رسم صورته إلى مستوى صدره. حدق فيه التلاميذ لبرهة ثم ضجوا ضحكًا. طلب منهم أن يفعل كل واحد مثله، ويقدم نفسه لزملائه، ويحدثهم لو أمكن عن هوايته وآماله وعما يحب ويكره. ثم أردف: أما أنا فاسمي أحمد. ولدت في الصعيد. عمري ثمانية وأربعون سنة. تخرجت من الجامعة. متزوج بدون أولاد. أمارس رياضة الشطرنج، لكنني غير متفوق فيها. أحب كل ما هو جميل ووديع وشاعري. أكره النفاق والفقر والاستبداد والعنف. آمل في أن تتحسن وضعيتي المالية لأتشجع على إنجاب أطفال وتنعم أسرتي بقليل من رغد العيش. ثم توقف.
على منواله أخذ التلامذة الواحد تلو الآخر يقدمون أنفسهم. قالت أولى المتحدثات: صورتي جميلة أليس كذلك؟ أنا سعيدة توأم شقيقتي مسعودة، لكني أكبرها بثلاثين دقيقة، لن أخبركم بسني الحقيقي فيكفيكم أن تعلموا أني من مواليد شهر فبراير، أحب الورد والغسق وأكره الظلام.

وبعد العاشر من التلاميذ قال الذي يليه: أنا أحمد يتيم الأبوين، يسمونني في "الإصلاحية" الحدث الجانح رقم 8 وذلك رغم أني لم يسبق لي أن سرقت أكثر من قطعة رغيف وشكولاتة، آمل في أن أصبح ربان طائرة.
وبعد أن رفض التلميذ التاسع والثلاثون التحدث، قامت الأخيرة وتابعت قائلة: لا تستغربوا أني رسمت نفسي عارية الرأس ومتوردة الوجنتين فالحجاب الذي تعودتم دائما على رؤيتي به هو مجرد منديل لستر فقر أسرتي. إني أحب الله وكل رجائي أن أتمكن ذات يوم من إنقاذ إخوتي من حياة الشقاء...
أشار المعلم إلى جدران قاعة الدرس قائلاً: تعالوا نعلق صورنا الجميلة. علّق الجميع إلا واحد صورهم. وقالت طفلة: رغم أن الألوان والإطارات التخطيطية كانت واحدة فلا أحد منا جاء شبيهًا للآخر. وفي الطريق إلى المقاعد أخبر المعلم التلامذة بأنهم سينتقلون إلى الاشتغال وفق خطوتين: في الخطوة الأولى، سيتوزعون إلى مجموعات صغيرة العدد، حيث سيكون مطلوب من كل مجموعة أن تعين من بين أفرادها مشرفًا للجلسة ومقررًا للأشغال وضابطًا للوقت وحريصًا على الأهداف، وأن تناقش في ذلك جملة الأفكار التي تم إدراكها حول المساواة، وذلك من خلال ما أوحت به مقارنة الصور المرسومة مع بعضها وقادت إليه المعلومات التي أدلى بها كل واحد عن نفسه، وأن يحرر المقررون النتائج التي تم التوصل إليها. وفي الخطوة الثانية، سيختلي المقررون ببعضهم من أجل أن يعيدوا ترتيب الأفكار التي تضمنتها تقارير المجموعات، ويصنفوا أهم خلاصاتها ثم يركبوها ليعرضوها أمام الجميع إثر انتهاء الوقت المحدد.

أثناء الاشتغال، كان النقاش يحتد في كل مكان، لكن لا أحد أهان زميله أو ضربه. وكان المكلفون بمهام يسعون، كل في إطار مسؤوليته، إلى تلطيف الأجواء، أو يذكّرون بجدول الأعمال، أو يطالبون باحترام نوبات الكلام، أو يستعجلون بعضهم في الإدلاء بالرأي، إلخ. وكان هناك غاضبون. تأفف أكثر من طفل، وتوجه أحدهم إلى المعلم محتجًا: إن عددنا في القسم كثير جدًا والمقاعد غير مريحة بتاتًا. فرد آخر: وهل تعتقد أن الأستاذ هو المسؤول عن ذلك؟ وبين الفينة والأخرى ظلت طفلة تردد: أوه، أوه، خفضوا أصواتكم من فضلكم فأنا لا أستطيع أن أركز تفكيري.
كانت عشرون دقيقة قد مرت حين أعلن المقررون بنبرات منتشية: أنهينا العمل، النتائج جاهزة يا أستاذ. ثم تقدموا إلى المنصة وراحوا يتلون ما دونوه كما لو كانوا ينشدون:

نحن متساوون....
لنا كلنا بعض الأشياء المشتركة.
كلنا نحتاج إلى الهواء والماء والغذاء.
كلنا نولد وننمو ونقيم علاقات مع آخرين.
هناك أشياء تفرحنا أو تعجبنا. وهناك أشياء تخيفنا أو تفزعنا.
كلنا نحتفظ بذكريات عن فترات جميلة وبذكريات نود نسيانها.
جميعنا نحتاج إلى أصدقاء ونبحث عنهم.
كلنا آمال وأحلام... ولكننا مختلفون.
كل شخص هو فريد. لا يوجد في العالم شخصان متطابقان في التشابه.
لكل شخص بدن وتاريخ.
لكل واحد اسم ووجه.
الذي ينال إعجاب البعض يبدو كريها أو مملا بالنسبة للبعض الآخر.

واحد يعجبه الاستلقاء فوق العشب والتأمل في الطيور، والآخر يفضل الاستماع في بيته إلى الموسيقى بصوت صاخب.
هذا يقرأ بحماس وحميمية، والآخر يفضل لعب الكرة.
هناك العديد من أشكال مختلفة للحياة.
كل شخص هو فريد، لا يوجد في العالم شخصان متطابقان في التشابه.
الأشخاص يكوَّنون تكاملاً ووحدة مجموعات أو جماعات لها عاداتها الخاصة. أسرنا، الأصدقاء الذين نختارهم أو رفاق المدرسة أو زملاء آبائنا في العمل، هم من المجموعات التي قد نعرفها جميعًا. في المقابل لا نعرف كل الأشخاص الحاملين لنفس جنسيتنا أو لنفس اعتقاداتنا. كذلك، هناك أشخاص لنا معهم نفس الخاصيات المشتركة ولو أننا لا ننتسب معًا لنفس المجموعة.
براﭭو، براڤو. لم ننه الموضوع بعد، في الحصة المقبلة سنواصل. أنا سعيد جدًا بكم.. قالها المعلم بعجالة وهو يجمع أشياءه ويغادر قاعة الدرس. في الباب كان معلم آخر ينتظر أن يدخل.

 

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com