كتبت: ميرفت عياد – خاص الأقباط متحدون
إن حياة المصريين لم تكن كلها كدًا وتعبًا كما تصور لنا الكثير من النقوش، بل كثيرًا ما كان يلجأ المصري إلى المرح واللهو البريء، وعلى الرغم من أنه لم يكن هناك دور لهو بالمعنى المعروف حاليًا إلا أن تعددت لدى المصريين ألوان التسلية التي يمضون بها أوقات فراغهم وكثرت وسائل الترفيه التي تخلق السرور وتبعث على البهجة.
ويذكر لنا كتاب التاريخ أن أعياد المصريين تعددت وخاصة في عهد الدولة الحديثة، فكانوا يحتفلون بالأعياد الزراعية كعيد رأس السنة وعيد الحصاد وعيد الفيضان، هذا إلى جانب الأعياد الدينية كمواكب آمون وأعياد الآلهة المختلفة وأعياد الجبانة، هذا بالإضافة إلى أعياد فرعون وكان من أهمها عيد الاحتفال بتتويج فرعون وجلوسه على العرش، حيث كانت تُتلى في هذا العيد صلوات خاصة، وتُجرى طقوس دينية متوارثة، وقد حرص فراعنة الدولة الحديثة على وجه الخصوص أن يظهر فرعون في هذا العيد على رأس موكب عظيم، يحمل الكهنة فيه تماثيل الفراعنة مينا ومنتو حتب الثاني وأحمس، كرمز للفراعنة الذين قاموا بتوحيد البلاد وبداية عصر نهضتها الكبرى.
العيد الثلاثيني.. للاحتفال بالملك
ومن أعياد فرعون الهامة أيضًا "العيد الثلاثيني" وهذا العيد كان يُقام بعد جيل من الزمن على جلوس فرعون على العرش حيث يحتفل فيه بتجديد حيوية الملك ونشاطه حتى يمكنه أن يحكم مدة أخرى بنفس القوة والقدرة، وقد سجلت لنا نقوش إحدى مقابر النبلاء بطيبة من عهد الدولة الحديثة الاحتفال بهذا العيد أفضل تسجيل، وأبرزت ما تجلى فيه من بهجة وروعة، فأقيمت الولائم في القصر ووزعت العطايا واحتفل بوصول ركب فرعون إلى سلم العرش.
أعياد ومواكب النصر
واهتم فراعنة الدولة الحديثة بتنظيم أعياد ومواكب النصر بعد عودتهم من حملتهم المظفرة في آسيا، فيقيمون القرابين شكرًا للآلهة على ما منحوهم من قوة ونصر على الأعداء، كما كانوا يكرمون قواد الجيش ويحتفلون بالإنعام عليهم، ومن خير الأمثلة لتلك الأعياد الحفلات الكبرى التي أقيمت ابتهاجًا بانتصار تحتمس الثالث في موقعة مجدو الفاصلة، وكذا أعياد النصر التي تلت معركة رمسيس الثاني الرهيبة عند قادش.
رقي العلاقات الاجتماعية بين الأفراد
ولعل تلك الأعياد والمواكب لم يكتفِ بها أثرياء المصريين القدماء لذلك كانوا يخلقون الفرص لكي يقيموا المآدب والولائم ومجالس السمر والحفلات الخاصة، حيث شهدث قصور هؤلاء الأثرياء ولائم رائعة يُدعى إليها عشرات الأفراد من الأصدقاء والأقارب والجيران ليتجاذبوا أطراف الحديث ويستمتعون بأطيب الأطعمة ويستمتعون بالموسيقى والغناء والرقص، بينما يقوم خدم المضيف بخدمتهم ورعايتهم.
ومع أن النساء كنَّ يحضرن تلك الحفلات بحرية إلا أنهم لم يختلطوا بالرجال العذّاب في تلك الحفلات بحرية، حيث صورت لنا النقوش أن الأزواج جالسين بجانب زوجاتهم في حين يجلس غير المتزوجين من النساء والرجال في صفوف خاصة لكل جنس. وبهذه الحفلات والولائم كان المصريون يمضون أوقاتًا طيبة ممتعة بين أفراد العائلة ووسط الأصدقاء والمعارف، مما يدل على رقي العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع في ذلك الحين.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com