ركز فى عملك، أو فى قراءتك، أو فى أى شىء أو قضية تريد لها النجاح.. ولأن هذا أحد قوانين الطبيعة، فمن يريد إفشالك لا يدخر جهداً فى سعيه إلى تفتيت انتباهك وتوزيع أولوياتك، ومن ثم إلى الحيلولة دون تركيزك فيما يستوجب التركيز بأقصى قدر ممكن، وبكل وسائل وأسباب القوة.. فقد صدع البعض أدمغتنا «بصورتنا!» فى عيون الخارج وفى المقام الأول، بطبيعة الحال، فى عيون أمريكا
!!.. وكأنهم يصدقون حسن نوايا الولايات المتحدة الأمريكية، ذات «السجل الناصع البياض» فى مجالات الديمقراطية واحترام إرادة الشعوب وخياراتها وحقوق الإنسان، يشهد بذلك تاريخها المرصع باستخدام قنبلتى هيروشيما وناجازاكى النوويتين، وتجريب أسلحة مدمرة أخرى، محرمة دولياً، تقتل من تقتل وتترك من عداهم نصف أحياء ونصف أموات، مثلما جرى فى اليابان وفيتنام والعراق، وغيرها، وكذلك نماذج جوانتانامو وأبوغريب، حيث يصعب العثور على سابق لممارساتهما فى التاريخ الإنسانى،
وكما لا تسمح مساحة المقال بإحصاء كم التدخلات الأمريكية للتآمر ضد الأنظمة الوطنية، أو «المعصلجة» فى تنفيذ إلإملاءات الأمريكية، وعندما يقع انقلاب عسكرى فيها يصفق البيت الأبيض، محيياً «انتصار الديمقراطية!!» ومشيداً بها.. وبهذه المناسبة، أعبر عن رأيى المتواضع، مع كامل حسن النية، إلا قليلاً، بضرورة أن تركز السلطات القائمة على مطالب الشعب، التى من أجل تحقيقها قامت ثورتا يناير ويونيو.. ففى الالتفاف الشعبى حول القيادة الضمانة الوحيدة، بل والأكيدة، لحمايتها من كافة الشرور الأمريكية، وأقرب مثال على ما أقول هو أن «خيبة أمل» الرئيس المعزول، محمد مرسى، ليست بعيدة، فقد توهم أن أمريكا، وحدها، بيدها المصير!
! وقال للسيسى، كما هو معروف: «لو شلتونى أمريكا مش حتسيبكوا!»، وهو الوهم الذى حطمه الشعب المصرى على صخرة يونيو.. فبعض المسئولين، ومعهم بعض الوجوه، المحسوبة تارة على الثورة، وتارة أخرى على النخبة، وأحياناً على منظمات دولية، تردد ليل نهار نغمة «الحرص» على صورتنا فى الخارج وسمعتنا لدى هؤلاء الذين ضربوا، إبان احتلالنا ووقف نمونا، لقرون طويلة «المثل الحى» على تطابق القول مع الفعل
!! وأجزم هنا، من واقع خبرة عمرية طويلة وحافلة بنضال شعبنا العربى فى سبيل حريته، أن «الخارج» الذى نريد إقناعه بجمال صورتنا، يعرف عن أحوالنا أكثر مما يعرف ربما ملايين المصريين، ولكنه يواصل السعى إلى بلوغ أهدافه، بالمتاح لديه من وسائل، وكما نرى، فالغرب لا يرى ولا يسمع، وبالتأكيد لا يتكلم، عندما يسقط الشهداء، من المواطنين، لا سيما من الجيش والشرطة، يومياً، ولا تهز شعرة فى «ضميره» مشاهد الحرق والتخريب فى الجامعات المصرية، ولا هو يرى ولو مجرد مخالفة، فى قطع الطرق وترويع الآمنين، وكأن كل الصور التى تنفذها جماعة الإخوان وتفرعاتها، هى التجسيد الحى لما ينبغى أن نكون عليه.. تماماً مثلما يصر الغرب الديمقراطى على توصيف ثورتنا بأنها انقلاب على «مرسى» وجماعته!!
وهذا وحده كفيل بظنى فى أن نفتح عيوننا أكثر على النوايا الخبيثة التى لا تريد التسليم بهزيمتها، وألا نعير حملات الإعلام الغربية اهتماماً بأكثر مما تستحق، والأهم ألا نسمح لها بتشتيت جهودنا بين تحسين «الواقع» فى الداخل وهو الجدير بأولى أولوياتنا، وتجميل «الصورة»، حتى يرضى عنا من سبق ورضوا عن «مرسى» وعن شاه إيران وغيرهما كثيرون.. فالرهان الحقيقى لا بد أن ينصب أساساً على كيفية استعادة مصر، وهنا سوف تتغير «الصورة» حين تعكس واقعاً مضيئاً وواعداً، دونما حاجة إلى السفر، بتكاليفه، لإقناع الغرب!!، اقنعنى أنا المواطن المصرى أولاً، وبعدها لن يجرؤ أحد على الاقتراب منك، وإذا حدث وحاولوا عملاً بالمثل القائل: «يموت الزمار وصباعه بيلعب»، تذكر عشرات الملايين والتحام الجيش والشعب والشرطة، حول هدف واحد، فانتصرت الإرادة المصرية.. اهتم فقط وقبل كل شىء بالإرادة المصرية.. لأن صاحب بالين كداب..
نقلا عن الوطن
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com