بقلم : إيهاب شاكر
في قصيدة شعرية، كتبتها منذ فترة بعنوان، "الإله المظلوم" وملخصها وهدفها هو نفي بعض الادعاءات المظلمة التي يلصقونها بالله الحي الحقيقي، والدفاع عنه كضعيف لا حول له ولا قوة، وربما أنا معني بهذا الأمر المتعلق بالإله، ببساطة لأن الإيمان بوجود الإله الحي الحقيقي هو ما يعطي الإنسان قيمة ومعنى وهدفًا لحياته، ففي اعتقادي أن كل من لا وجود لله الحقيقي في حياته، هو هائم على وجهه، قلبه فارغ لا شبع في حياته من أي شيء، تكمن المشكلة الكبرى حين تؤمن بإله من صنعك أنت، أنت من خلقته في ذهنك، أنت من صنعته ونحته بإزميل أفكارك الغريبة البعيدة تمامًا عن الحق والحقيقة، وصرت تعبد هذا الصنم الموجود والقابع في أحشائك ومخيلتك المريضة، عفوًا، لا أقصد بأنت، من يقرأ هذا المقال الآن تحديدًا، بل كل من فعل ما فعل، وصنع إلها له مثل هذا.
لذا، أنا لا أؤمن بإله يدعو للعنف وللدماء وللقتل وسفك الإنسان دم أخيه من أجل أن يؤمن الإنسان به عن جبر وإرهاب، وتحت تهديد السلاح، إله يأمر بقطع الرقاب إن لم تشهد أنه الإله، وتؤمن وتعبد من أخبرك بهذا الادعاء،بل يتم الاحتفال بقطع الرقبة وكأنك تدبح دجاجة أو خروفًا.
أنا لا أؤمن بإله مزعج، صوته عال، يظن أنه بكثرة الكلام وبعلو الصوت، الناس ستؤمن به، ولا يراعي تعب الناس ولا مرضهم ولا وقت راحتهم، ولا ظروفهم، ولا حريتهم، ولا إنسانيتهم، إله لا يحب البشر، بل يستعبدهم ويستمتع بعبوديتهم له، يستلذ بدفاعهم عنه لدرجة قتل بعضهم البعض لأجله.
لا أؤمن بإله يمنعني من التفكير حتى لا أكتشف حقيقته، بل يهددني حين أفكر بأني سأجد ما لا أسر به، لذا إياي والتفكير العميق فيه أو فيما يدعوني إليه من وصايا! إياي إن أعملت ما هو من المفترض أنه أعطاني إياه، عقلي! لا أؤمن بإله ليس عنده إجابات لكل شيء، فيدعوني ألا أسأل خوفًا من الإجابة!
لا أؤمن بإله يكره التقدم والتطور ويدعو الإنسان أن يعيش في الكهوف والبوادي ولبس ما لا يليق مع الوقت والعصر الذي نعيشه، على اعتبار أن كل شيء حديث هو بدعة من الشيطان، مع العلم أن كلمة بدعة هي كلمة مشتقة من الإبداع وهذا رائع وجميل ومطلوب.
لا أؤمن بإله لا أستطيع فهمه ولو على قدر عقلي الذي أعطاني هو إياه، إله لا أفهمه إلا من خلال كهنته وشيوخه وفتاويهم عنه، إله لا يستطيع الوصول إليّ ببساطة، لا يستطيع التعامل مع عقلي فأفهمه على قدر عقلي، ويطالبني أن أذهب لهذا المفتي أو الكاهن أو الفقيه لأتعرف عليه وعلى حقيقته، إله يجعل بيني وبينه وسيطا من الناس، لا أؤمن به.
لا أؤمن بإله يحض على الكراهية والبغضة، بل هو نفسه يكره بعض البشر الذين من المفترض أنهم خلائقه، إله يُسر بالدماء والعنف، وبتفريق البشر وتقسيمهم، إله يدعو للحروب والفوضى والخراب، إله لا يهتم في الكون إلا بنفسه.
لا أؤمن بإله عنده الخطايا درجات والآثام كبيرة وصغيرة، والكذب لديه ألوان، ومسموح به حتى ولو في ظروف، إله عنده لكل قاعدة استثناء أو قل ثغر لارتكاب المعصية بشكل منمق.
لا أؤمن بإله أتباعه بعد قراءة مقالي هذا، ربما يتهموني بالازدراء وما شابه، ولا يفكرون في بعض ما قلت حتى، فقط لأن إلههم يدعوهم لقتل وعداوة كل من لا يقتنع بما يقتنعون هم. لهؤلاء أقول: "لا أؤمن بهذا الإله".
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com