سألتنى الإعلامية المميزة دينا رامز، عبر برنامجها صباح البلد المتفرد إعلامياً، باجتهاد رائع فى مجال متابعة الفضاء الإلكترونى، وما يجرى على صفحاته ومدوناته بإعداد جيد. سألت: كيف ترى تغريدة النائب البرلمانى السابق محمد أبوحامد، عندما كتب للمرة المليون: المشير السيسى غير مسؤول عن سلوكيات وتصريحات ما يسمى حملات دعم المشير.. وبالطبع هناك مبالغة لا يمكن إنكارها فى مجال التوسع فى أشكال التأييد التى لا تعبر بقدر ما تترخص، وتنافق فى أحيان قليلة، ولكن فى المقابل ما كان ينبغى شغل الرأى العام بأمر هؤلاء والحديث عما يفعلون كقضية تمس شخص المرشح الذى لم يشكل حملة مسؤولة عن دعم ترشحه، لأنه لم يكن قد تقدم للترشح رئيساً بعد.. إنها حماقات من جانب من دعتهم، واحتفت بهم بعض النوافذ الإعلامية للتربص بشخص المشير.
وقد تألم أيضا لتلك الحملة ضيوف صالون التحرير الفخيم، بزعامة «الأستاذ» هيكل ومجموعة منتخبة من أهل الفكر والثقافة والإعلام، فقال أحدهم «السياسة مليئة بالألغام.. آلمنى بشكل شخصى عودة أصحاب الطبل والزمر، ممكن تعمل له عازل».. وياله من ألم يعتصر قلب نخبتنا إزاء رد فعل طبيعى وعادى، ما هو المنتظر من شعب عاش 365 ليلة ونهار فى ظلمات ودياجير حكم عشيرة الهم والنكد والغم الأزلى.. ضرب لكل مؤسسات الدولة ببكاسة وبشاعة، ورئيس يضرب بأسباب «شرعية» وجوده كحاكم عرض الحائط.
كنا نقود سيارة الوطن الكبيرة على غير ما كان يراها فى أدبياته الناصرية والأهرامية.
ويصف الحالة كبير الصالون فيقول «كأنك كنت سائراً والشعب المصرى كله، ونحن جميعاً فى سيارة كبيرة جداً تتجه إلى المستقبل، لكن بشكل ما وعند لحظة معينة سارت السيارة فى الصحراء لفترة طويلة، وتاهت، وبدأت تتلف الإطارات منها.. عند اغتيال السادات، بدأت السيارة الكبيرة فى التلف، وجاء بعده مبارك وتصوّر بخبرته كطيار أن السيارة الكبيرة «طائرة»، فبدأ إصلاحها على أنها كذلك، لكنه لم ينجح، وظلت السيارة فى طريقها معطلة والطريق إلى المستقبل معطلاً، حتى جاء المجلس العسكرى بعد 25 يناير 2011 ووقف أمام السيارة، ولم يعرف كيفية إصلاحها، ثم جاء مرسى، فرأى السيارة «توك توك» وبدأ يقودها على أنها كذلك وصعد معه فى السيارة الأهل والعشيرة وأقفاص الدجاج، لكنها لم تمضِ بهم أيضاً على الطريق إلى أن وصلنا إلى المرحلة الراهنة التى يقف فيها كل أصحاب السيارة (يقصد التوك توك) وهى سيارة الوطن أمام أعطالها، وهى تسير بطريقة خاطئة، فتجد العواجيز اللى زيى يقولون: «يا جماعة ليس بهذه الطريقة، فى حين يواصل الشباب الدفع بالسيارة (التوك توك) من الخلف».. صورة طريفة من جانب حريف عرك الدنيا.. فقط أعجب لاعترافه بأن فى زمن السادات، كنا نقود سيارة الوطن الكبيرة على غير ما كان يراها فى أدبياته الناصرية والأهرامية، والأمر الآخر تصويره سيارة الوطن ومقدراته بتوك توك، وأظن مهما حكم مصر من ظلمة وجهلة وأوغاد سيظل للوطن مركبة تستمد من تاريخها وأهلها الاعتبار والقيمة والقدرة على الانطلاق، ودائماً شبابنا الرائع همه اللى هيقودوها، وليس عبر الدفع الجاهل من «لامؤاخذة» مؤخرتها كما يصف أفعالهم رموز دولة العواجيز وسكان مقاهى الحكى العليوى!
وبنفس المنظور المتباكى يتحدث الكبير الموقف الأمريكى، وكل موقف فى الدنيا من مصر يتوقف على الوضع بداخلها، وأنا كنت بتخانق مع الشيخ حمد (أمير قطر السابق) وقال لى (وأنا اتكسفت) قال لى لو أن مصر فى موقعها الحقيقى، ما كان فى مقدور أحد مهاجمتها، وتابع هيكل: أليس مصيبة أن تشكو مصر من قطر؟! أمريكا إيه وقطر إيه؟ ما عاش ولا كان يا كبير اللى يخليك تنكسف، مش كان مفروض إنك عارف إنه هوه اللى مفروض ينكسف ويتئذى فى بدنه هو واللى مقطوعيته مش متشافة على الخريطة وكمان قاعدة أمريكانية؟!.. دا يكسفك يا كبير؟.. هيه الدنيا ماشية بضهرها ولاّ إيه؟ !.. والحكاية كبيرة نكملها الجمعة الجاية، وياربى إنت الكبير.
medhatbe@gmail.com
نقلا عن المصري اليوم
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com