عرض / سامية عياد
لم يكن المسيح محتاجا الى التوبة.. فلماذا تعمد ؟
عظمة يوحنا وشعبيته لم تنسه ضآلة ذاته أمام المسيح
يسير كما يسير باقى الشعب الخاطىء متقدما نحو معمودية التوبة ، السيد المسيح ، الذى لم يكن محتاج الى التوبة ، فلماذا تعمد ؟ المتنيح قداسة البابا شنودة الثالث يحدثنا عن تواضع الرب فى المعمودية ،
تعمد السيد المسيح نائبا عن البشرية ليقدم للآب صورة كاملة للبشرية ويدفع ثمن خطاياهم ، تقدم الى المعمودية لكى يكمل كل بر ، لكى لا يبكته أحد على خطية ، لكى يكون أمام الكل خاضعا للناموس مع أنه فوق الناموس ، وهكذا سار مع الشعب كواحد منهم متقدما الى معمودية التوبة ، إن السيد المسيح ما كان خاطئا ليتقدم الى معمودية التوبة ، لكنه حمل خطايا العالم كله ونزل بها الى المعمودية ، كما حمل هذه الخطايا على الصليب ومحاها بدمه .
فى المعمودية نرى موقفين عظيمين فى الاتضاع ، الأول هو مجىء السيد المسيح ليعتمد من عبده يوحنا ، يوحنا الذى اعترف قائلا له "أنا محتاج أن أعتمد منك وأنت تأتى الى" ، كما اعترف قائلا "لست أهلا أن أنحنى وأحل سيور حذائه" ، ومن تواضع الرب ايضا أنه بعد كل الأمجاد التى ظهرت أثناء عماده ، فى شهادة الآب وحلول الروح القدس وشهادة يوحنا بعد كل هذا صعد الى الجبل ليجرب من الشيطان وسمح للشيطان أن يجربه بكل جرأة ورد عليه بكل هدوء وبتواضعه قهر كبرياء الشيطان ، ومن تواضع الرب أنه خضع للناموس فى السن كما فى العماد ، انتظر حتى بلغ الثلاثين حسب الناموس وانتظر حتى تعمد وحتى قضى فترة خلوة على الجبل ليبدأ العمل والخدمة ، وما كان أسهل عليه أن يبدأ خدمته قبل ذلك بسنوات طويلة وهو الذى فى سن الثانية عشر أذهل الشيوخ المعلمين، فبهتوا من فهمه .
الموقف الثانى فى الاتضاع هو تواضع يوحنا المعمدان ، أعظم ما عمله هو عماد السيد المسيح، ايضا هذا النبى العظيم يقول للسيد "أنا محتاج أن أعتمد منك وأنت تأتى الى" ، أنا ايضا خاطىء محتاج الى معمودية التوبة ، أنا أمام هؤلاء الناس معلم ، أما أمامك أنت فأنا تلميذ ، أمامهم أنا نبى وملاك ، وأما أمامك فأنا تراب ورماد ، وأنا أمامهم كاهن ، أما أنت فمصدر كهنوتى وكل الكهنوت ، كل العظمة التى أحاطت بيوحنا وكل الشعبية الجبارة التى كانت له ، لم تنسه ضآلة ذاته أمام المسيح ، لقد فعل كأمه إليصابات حينما قالت للعذراء "من أين لى هذا أن تأتى أم ربى الى؟" ، قال يوحنا للرب "أنا محتاج أن أعتمد منك" ولم يقل له الرب إنه غير محتاج بل قال "اسمح الآن" ، أنه فى رقة ولطف يقول له لست آمرك ، إنما أطلب سماحك ، أطلب موافقتك لكى نكمل كل بر .
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com