لقاهرة، مصر (CNN) -- ثم وصل مرسي للحكم ليزيد الانقسام ويقرر الإخوان المسلمون الاستئثار بالكعكة وحدهم دونا عن بقية الفصائل الإسلامية من سلفيين وجهاديين واتباع أبو الفتوح وأبو اسماعيل، ناهيك عن الفصائل الثورية من الصبية المزعجين أمثالي الذين يثيرون الكثير من الضوضاء، فصائل تم إغفالها من المعادلة بعد البرلمان وكتابة الدستور في مرحلة سابقة، وهو ما سيثير حفيظة الإسلاميين فيما بعد ليتخذوا مواقف خائنة للثورة وحتى لايديولوجيتهم الإسلامية كما هو موقف حزب النور حاليا. وتعالت أصوات قميئة من الماضي، فلا يهم أن تكون يساريا أو ليبراليا فأنت عندهم وعند إعلامهم وفضائياتهم علماني، ملحد، كافر، زنديق، زاني وغير مؤهل للمشاركة في الحكم وحياتك وعرضك مستباح للخوض فيه.
عقد الإخوان صفقة مع العسكر وكانوا يظنون أنه سيحميهم ولن ينقلب أبدا عليهم، وسعوا بكل دأب لإرضاء تلك المؤسسة القوية قولا وفعلا وصل إلى تكريم من نادي الثوار بمحاسبتهم لوجود دم الثوار على أيديهم بقلادات النيل على طريقة مسرحية ريا وسكينة: "شبكنا الحكومة وبقينا قرايب... ومين ها يعاركنا مين."
لكن المؤسسة العسكرية لم تكن في الحقيقة بهذا الإخلاص للصفقة التي عقدوها مع نظام مرسي وزاد الاحتقان الشعبي ضد مرسي بأزمات مؤكدة الافتعال بنقص في غاز الطبخ والبنزين والديزل بشكل خانق وارتفاع أسعار رهيب، لاسيما في الغذاء لا يدع مجالا للشك في ان مرسي فاشل في بسط يده على المؤسسات القديمة وتطهيرها.
كان جل هم مرسي وتنظيمه هو محاولة اختراق المؤسسات القديمة بعفنها الكامن وأخونتها وزرع عناصره قدر ما يستطيع وليس تطهيرها، وليس تقديم حلول اقتصادية تفك أزمات الشعب المصري وتزيد من شعبيته وتدعمه ضد أي محاولة مستقبلية للإطاحة به. لم يحاول طمأنة المصريين على مستقبلهم ومستقبل أولادهم، حاول دؤوبا أخونة وزارة الداخلية وإعلام ماسبيرو، وكأن العاصم له من الثورة هو المزيد من العسف والقمع والكذب والتزييف وإخفاء الحقائق كأي ديكتاتور وليس كرئيس منتخب بعد ثورة شعبية. لم يحاول مرسي احتضان الثورة والثوار خصوصا من عصروا على أنفسهم الليمون وانتخبوه وأنجحوه ليكون مرشح الثورة، وتم إقصاؤهم أيما إقصاء وتشويههم أيما تشويه.
ظهرت الكثير من الدعاوى للثورة على مرسي، ثم ظهرت حركة تمرد التي كنت متشككا من البداية في أهدافها، لم يكونوا بالراديكالية المطلوبة بالنسبة لي، ظاهريا كانت حركة مطالب تدعو إلى انتخابات مبكرة ومطالب أعتبرها أنا طرية باللغة الدارجة وليست ثورية بما يكفي، ومع ذلك لم تكن الاستمارات التي جعلوا المواطنين يوقعونها تشير من قريب أو من بعيد لدعوة الجيش للتدخل ، لكن فجأة وبعد جمع قدر كبير من التوقيعات يعلن قيادات او بالأصح "ماريونيت" تمرد عن رغبة أسيادهم ويطالبون الجيش بالتدخل ويرحبون بانضمام فلول نظام مبارك للحركة، ورحبوا بانضمام الشرطة إليهم في ميدان التحرير في كرنفال عبثي لثورة مضادة برعاية وتحت حماية المؤسسات السيادية.
هذه الظاهرة أدت لانبعاث غازات مخدرة في الجو أيقظت الفاشية عند الكثير ممن يحسبون على معسكر الثورة خصوصا من ذوي الخلفيات الناصرية كالكاتب العالمي علاء الأسواني الذي ظهر على التلفاز مدعيا بأن الشرطة في صف الثورة وأنهم قد تعلموا الدرس بدون أي مقدمات أو تطهير، ليليه الكثير من نجوم "الفاشية الناصرية" كعبد الحليم قنديل وأحمد فؤاد نجم ثم يتبعهم نجوم النشطاء الذين صنعهم ولمعهم الإعلام في غفلة من المنطق والواقع، ولكن بحسابات مخابراتية دقيقة كأحمد دومة وإسراء عبد الفتاح التي استماتت في إصرارها على أن تجوب العالم لتقنعه بأن ما حدث هو ثورة وليس انقلابا عسكريا، ولكن هيهات أن ترحم الفاشية حلفاءها.
ثم يختفي ويخفت في المقابل كل صوت عقلاني لمثقفين أو كتاب أو إعلاميين ضد تلك المهزلة وضد الجرائم ضد الإنسانية التي جرت في رابعة والنهضة مع اختلافنا مع مطالبهم، وتتغير خريطة الإعلام تماما باختفاء أعمدة صحف ابتلعت كتابها، ومنع مذيعين معينين من الظهور قبل تقديم فروض الولاء والطاعة وليس مثال باسم يوسف عنا ببعيد، لتخلو الساحة لإعلام فاشي دعائي جوبلزي مكارثي بروبجاندي زاعق على نمط راديو رواندا: اقتلوا التوتسي الصراصير! وليصير الشعار بوشياً نسبة الى جورج بوش الإبن : الحرب على الإرهاب! ثم تعين الجونتا العسكرية لجنة من المخبرين لكتابة دستور الدولة العسكرية الجديدة.
نقلا عن CNN عربيه
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com