د.فكرى حسن
ارتبط الأزهر منذ نشأته ارتباطا وثيقا بالنظام الحاكم والذي كان يتحقق عن طريق تعيين شيخ الأزهر,
والتدخل في شئون الأزهر. ولذلك فإن النص في دستور2014( مادة75) علي أن الأزهر هيئة إسلامية علمية مستقلة, يختص دون غيره بالقيام علي كل شئونه, وهو المرجع الأساسي في العلوم الدينية والشئون الإسلامية ويتولي مسئولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية في مصر والعالم. وتلتزم الدولة بتوفير الاعتمادات المالية الكافية لتحديد أغراضه. وشيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل,
وينظم القانون طريقة اختياره من بين أعضاء هيئة كبار العلماء. وهذا ذو أهمية خاصة تكفل للأزهر استقلاله وتحصن شيخ الأزهر ضد العزل.
وهكذا أصبح الأزهر هيئة مستقلة ولكنها تعتمد علي الدولة في اعتماداتها المالية, وهي ليست هيئة من مؤسسات الدولة الحكومية كالقضاء أو التعليم أو البرلمان
ولكنها ذات مرجعية أساسية في العلوم الدينية والشئون الإسلامية تحت إشراف شيخ الأزهر الذي ينظم القانون اختياره من بين اعضاء هيئة كبار العلماء ولكن من يختار هؤلاء الأعضاء وهل هم منتخبون من الشعب أو من المؤسسة الدينية؟ وما هو دور شيخ الأزهر في الاختيار. لقد كنا نتخوف من استيلاء الإخوان علي الأزهر وعلينا أن نري كيف نتأكد من أغراض وقدرات وتوجهات هيئة كبار العلماء. ومجلس الادارة. وهل ستخضع الهيئة التي تحصل علي أموال الشعب( خلال الدولة) للشفافية والمحاسبة؟
أنا علي يقين أن الشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر سيقوم ـ وقد بدأ ـ بعمل إصلاحات شاملة في مؤسسة الأزهر, وأري أنه قد حان الوقت لإعادة هيكلة الأزهر ومراجعة أهدافه وأغراضه وترشيد انفاقه علي أولوياته علي أساس ما تعود به علي المجتمع. كما أنه من الضروري أن ننهي التجربة الفاشلة لكليات الأزهر العلمية والعملية التي يبلغ عددها77 كلية التي يختلط فيها نشر العلوم الدينية والشرعية بالإضافة إلي العلوم الدنيوية المتخصصة! مع العلم بأنه ليس هناك علم ذرة إسلامي أو طب إسلامي إلا كظاهرة تاريخية وعلينا أن نكتفي بتحويل هذه الكليات إلي كليات علمية لتفادي هذا الخلط بين الدين والعلم والتمييز ضد المواطنين المسيحيين الذين لا يسمح لهم بالالتحاق إلا بعد حفظ القرآن الكريم مع أن هؤلاء من دافعي الضرائب التي يتلقي منها الأزهر تمويله.
ويمكن أن يقدم الأزهر مقررات دراسية اختيارية لطلبة الجامعات في فترة الإجازات أو أن يقدم دبلوما في الدراسات الإسلامية لمدة سنة بعد التخرج لمن يرغب في ذلك من أي جامعة.
لقد قام الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر بمبادرة مهمة عندما اجتمع مع كوكبة من المثقفين المصريين علي اختلاف انتماءاتهم الفكرية والدينية, وأري ان هذا تحول جوهري في موقف الأزهر من الوطن والشعب كان أهم ما اتفق عليه الحاضرون البعد العملي في قيادة حركة المجتمع وتشكيل قادة الرأي في الحياة المصرية في اطار استراتيجية توافقية تهدف الي التحول الديمقراطي وتضمن العدالة الاجتماعية وتكفل لمصر دخول عصر انتاج المعرفة وتوفير الرخاء والسلم مع الحفاظ علي القيم الروحية والانسانية والتراث الثقافي.
وقد صدر هذا البيان19 يونيو في2011 وشارك فيه عدد من المثقفين مع حفظ الالقاب بهاء طاهر وجابر عصفور وجمال الغيطاني وسمير مرقص وليلي تكلا ومصطفي الرزاز وغيرهم. وحتي لا يكون هذا البيان بلا فاعلية أو مجرد مبادرة لدعم الأزهر امام القوي المضادة, اعتقد ان اهم ما يمكن ان يقوم به الازهر هو تأسيس مجمع الأزهر الوطني للسعي إلي مساندة ودعم والمشاركة في كل المهارات الوطنية التي تهدف إلي ما اقتطفته من البيان عاليه علي ان يضم هذا المجمع بعضا من المثقفين والمفكرين الذين شاركوا في المبادرة أو غيرهم.
علي الأزهر بصفته مسئولا عن نشر اللغة العربية ان يقوم بدوره في محو الأمية وهي كارثة قومية تعوق التنمية البشرية والاقتصادية. كما أن علي الأزهر أن يقوم بتبسيط وتطوير قواعد اللغة العربية وطرق التعليم بسهولة تعلمها وتداولها.
المرجو ـ بعد استقلال الأزهر ـ أن يكون عمله للصالح العام وأن يسهم في التنمية البشرية والإنسانية خاصة في القضاء علي الفقر ـ كما تفعل بعض الكنائس في أمريكا اللاتينية ـ لقد أنشأ الإمام الشيخ محمد عبده مدارس للحرف والصناعات ويستطيع الأزهر أن يقود حملة دولية للقضاء علي الفقر لا في مصر فحسب ولكن في العالم أجمع ويستطيع أن يجمع الأموال لذلك من القادرين والدول الإسلامية وبذلك يصبح الأزهر راية خفاقة لدور الإسلام في القرن الـ21 وليصبح دوره مع الإنسانية ولها وبذلك أيضا تتحول صورة الإسلام والمسلمين إلي صورة حضارية تليق بتعاليم الإسلام المجيدة وحثها علي التكامل الاجتماعي والعمل والإنتاج والعدل.
نقلأ عن الاهرام
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com