ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

مخاوف من الأسلمة في أكبر جامعات باكستان

إيلاف | 2014-01-15 08:39:36

  بينما كان محاضر الدراسات الباكستانية منهمكاً في الشرح، وقف طلابه فجأة وخرجوا من القاعة مسرعين بعد أن سمعوا الآذان للصلاة، ما دفع المدرّس الى التوقف عن المحاضرة بانتظار عودتهم غير المؤكدة.

اسلام اباد: يقول سجاد أخطر، المحاضر في جامعة قائد اعظم، وهو يجمع اوراقه ويجلس على الكرسي بانتظار عودة الطلاب الذين ذهبوا للصلاة: "لن يعودوا قبل 30 دقيقة على الاقل بل إن بعضهم قد يقرر عدم العودة الى المحاضرة".
 
ويحدث ذلك يوميًا في كليات وأقسام جامعة قائد اعظم التي تعد افضل جامعة حكومية في باكستان، وافضل جامعة باكستانية في آسيا.
وتسمح الجامعة بفترة 15 دقيقة للصلاة، ولكن يسمح لأي طالب بالوقوف في أي لحظة يسمع فيها الآذان والخروج من المحاضرة، في أمر وصفه الناقدون بأنه عرقلة فوضوية للحياة الاكاديمية.
 
ويقول الناقدون إن زيادة الاسلمة في اكبر المعاهد التعليمية الباكستانية وبين ابناء الطبقة المتوسطة المتزايدة العدد تتسبب في تدهور المعايير الاكاديمية وتحد من الحياة الاجتماعية للطلاب.
يقول برويز هودبهوي عالم الفيزياء النووية وأحد ابرز الاكاديميين الباكستانيين الذي كان يحاضر في جامعة قائد اعظم: "توجد في الجامعة اربعة مساجد ولا توجد مكتبة واحدة لبيع الكتب".
 
تأسست الجامعة في العام 1965 في العاصمة الفدرالية اسلام اباد، وكانت تعتبر حرماً ليبرالياً حتى عام 1977 عندما تولى الجنرال ضياء الحق السلطة.
فخلال سنوات حكمه العشر، وحتى وفاته في تحطم طائرة في 1988، ادخل ضياء الحق مذهبًا محافظاً من الاسلام في السياسة وفي شؤون الدولة، بحيث أصبحت الشريعة الاسلامية تطبق جنبًا الى جنب مع القوانين الاخرى.
 
وحظر ضياء الحق تشكيل النقابات العمالية والاتحادات الطلابية في المؤسسات التعليمية وجعل الدراسات العربية والاسلامية اجبارية لجميع طلاب الجامعات.
وأصبح الطلاب الذين يحفظون القرآن يمنحون علامات اضافية في الامتحانات. وعلى مدى الاجيال التالية تعمق هذا التوجه وأصبح أكثر رسوخاً.
 
وصرح هودبهوي لوكالة فرانس برس: "عدد الطلاب الذين يستطيعون الغناء والرقص والقاء الشعر أو قراءة الروايات انخفض كثيراً خلال السنوات العشرين الماضية".
واضاف: "الجامعة تشبه مدرسة للاطفال الاكبر سناً التي يعتبر فيها الحفظ هو الوسيلة الفضلى للتعليم، فلا يوجد تحفيز فكري ولا رغبة في الاكتشاف، والفتيات هنّ في الغالب صامتات يكتفين بكتابة الملاحظات وعليك أن تدفعهن دفعاً لتوجيه الاسئلة".
 
وتشاهد الفتيات في مختلف كليات الجامعة وهنّ يرتدين الحجاب، ولا ترتدي أي منهن الجينز.
ولا تجرؤ احداهن على الجلوس الى جانب رجل بعكس ما يحدث في جامعات القطاع الخاص الاكثر تحررًا التي اصبحت حكراً على الصفوة، بينما يتحدر طلاب جامعات مثل قائد اعظم من الطبقة المتوسطة وما دون.
 
ورغم أنه لا توجد مناطق منفصلة للرجال وأخرى للنساء في الكافتيرا الرئيسية، الا أن الطلاب يجلسون على مسافة بعيدة من الطالبات.
تقول حفيظ افتاب الطالبة المحجبة التي تدرس للحصول على درجة الماجستير في ادارة الاعمال إنه لا توجد فتيات "متحررات" في الجامعة.
 
وتضيف أن أية شابة تأتي الى الجامعة من دون حجاب أو من دون اللباس الباكستاني التقليدي الواسع، سرعان ما تغيّر ذلك خلال شهرين أو ثلاثة.
وتضيف: "أية فتاة متحررة ستصبح سمعتها سيئة في جميع انحاء الجامعة".
 
ولم يكن الامر كذلك دائمًا، اذ يقول جميل احمد الذي تخرج من الجامعة العام 1991 لوكالة فرانس برس إنه اثناء دراسته في الجامعة نادرًا ما كانت تشاهد فتاة ترتدي الحجاب، وكان الطلاب والطالبات يختلطون ببعضهم.
ورأى حسن عسكري الاستاذ السابق في جامعة البنجاب أن الطلاب يزدادون تمسكًا بالدين وابتعادًا عن التفكير المنطقي.
 
واضاف أن "زيادة الاسلمة اثرت على نوعية التعليم لأن المعلمين يركزون اليوم على نظريات المؤامرة أكثر من تركيزهم على المنطق".
والعام الماضي الغت مدرسة خاصة في لاهور الجزء المتعلق بالتناسل البشري من منهج البيولوجيا بعد احتجاج من الاعلام الذي وصف تلك المادة بأنها "فاحشة".
 
واقر معصوم ياسين زاي، نائب عميد جامعة قائد اعظم، بأن المستوى الاكاديمي قد تدهور خلال السنوات الا انه اكد أن هذه مشكلة عامة في البلاد ولا علاقة لها بالتركيز على الدين.
واضاف "أن المعايير الاكاديمية في جامعة قائد اعظم لا تتدهور بشكل خطير"، مضيفًا أن تعبير "الاسلمة" يستخدم في غير سياقه.
 
وقال: "لقد منحنا الطلاب حرية ممارسة الدين، واعتقد أن ممارسة الدين هي اختيار شخصي".
ومع تزايد الطائفية والعنف ضد الاقليات في باكستان، يخشى البعض من أن تشجيع العقلية الدينية في الجامعة يحمل في طياته مشاكل للمستقبل.
قالت المحللة في مجال التعليم فرزانا باري لوكالة فرانس برس: "اذا كان لديك رأي مسيطر جداً ووجهة نظر تسلطية للغاية، وهو ما يعلمه هذا المنهاج الذي يقول: +انتم مسلمون، والاسلام هو دين جيد وغيره من الاديان ليست جيدة+ فإن نظام القيم سيخلق ازمة اجتماعية في المجتمع".
في احد مساجد الجامعة، تم وضع عدد من الكتب على الرفوف بحيث يمكن للطلاب أخذها مجانا.
 
وعنوان احد تلك الكتب "منع الفاحشة"، وعلى غلافه صورة جهاز كمبيوتر وجهاز تشغيل اقراص مدمجة (سي دي) ومجموعة طبول وضعت عليها اشارة الغاء حمراء.
ويشرح الكتاب كيف أن عزف الموسيقى اثناء حفلات الزفاف يؤثر على الشخص في"الحياة الاخرة"، وكيف أن الملائكة تصب النحاس المصهور في اذان أي شخص يستمع إلى الموسيقى أو الى صوت نسائي.
وفي المسجد يقول الامام حبيب الرحمن سليم إن الفيضانات والزلازل هي غضب من الله بسبب ممارسة المثليين الجنس.
 
ويقول امام مجموعة من الطلاب: "بدأ الذكور ينامون مع الذكور، والاناث مع الاناث .. ويحاول البعض خلق بيئة تشبه بيئة الغرب هنا، ولكن بمشيئة الله فالطلاب متدينون ولن يسمحوا ابدًا بنجاح مثل هذه المؤامرة".
واعرب توصيف احمد خان رئيس جامعة اوردو الفدرالية في كراتشي عن تشاؤمه من حدوث أي تغيير قريبًا.
وقال: "لقد تمت اسلمة جيل باكمله، وكل من بدأوا حياتهم الاكاديمية خلال نظام ضياء الحق وصلوا الى سن التقاعد الآن".
 
واوضح أن "ظاهرة الاسلمة هذه استمرت ثلاثة عقود، ولا يمكنك أن تنهيها في عام واحد، اذ سيستغرق ذلك عقودًا"
 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com