اكدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" ان سلطات حماس في غزة تقوم بمضايقة الفلسطينيين ممن يُشتبه في أنهم من مساندي حركة "تمرّد غزة" مطالبه السلطات الكف عن مضايقة الحركة، والسماح لها بتنظيم المسيرات، والتحقيق في المزاعم المتعلقة بتعرض مساندي الحركة إلى التعذيب.
وكانت حركة تمرّد قد انتقدت ما سمته سوء إدارة حماس، والانتهاكات التي ترتكبها أجهزة الأمن، ودعت حماس إلى التخلي عن السلطة وإجراء انتخابات.
تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى أربعة أشخاص تعرضوا إلى الاحتجاز على يد شرطة حماس وأجهزة الأمن الداخلي للاشتباه في أنهم ساندوا حركة تمرّد، وثلاثة أشخاص آخرين تم استدعاؤهم للاستجواب منذ أن قامت الحركة بنشر مقطع فيديو على الانترنت في يوليو.
وقال ثلاثة منهم إنهم تعرضوا إلى التعذيب على يد مستجوبيهم لأنهم نشروا تعليقات مساندة لحركة تمرد على موقع فيسبوك أو لأنهم أظهروا مساندتهم لها بطرق أخرى كما تحدث آخرون عن تعرضهم إلى التهديد والمضايقة.
ومن جانبة قال "جو ستورك"، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "تتناسب محاولات حماس لإسكات حركة تمرد مع نمط سيئ لقمع حرية التعبير والتجمع السلمي في غزة. ويتعين على وزارة الداخلية التابعة لـ حماس أن تسمح للفلسطينيين بتنظيم مسيرات سلمية، وأن تكف عن اضطهاد منتقديها".
كانت حركة تمرّد قد ألغت مسيرة كانت مقررة يوم 11 نوفمبر لأنها كانت تخشى، بحسب بعض أعضائها، أن تستخدم الأجهزة الأمنية التابعة لـ حماس القوة المفرطة لتفريقها.
وقال أحد النشطاء السياسيين في غزة لـ هيومن رايتس ووتش إن حركة تمرّد لم تتقدم إلى سلطات حماس بطلب لتنظيم المسيرة لأن الناس كانوا "خائفين جدا" من التعرض إلى الاعتقال وسوء المعاملة. كما قال هذا الناشط إن السلطات قامت في أغسطس باحتجازه لوقت قصير بعد أن قدم طلبًا للحصول على ترخيص لتنظيم مسيرة، وأمرته بإلغائها، ورفضت منحه الترخيص دون تبرير. ولكن سلطات حماس لم تقدم أبدًا أي دليل يوحي بأن حركة تمرد مرتبطة بالعنف أو تدعو إليه.
قال طالب جامعي في العشرينيات من عمره لـ هيومن رايتس ووتش إنه تعرض في 4 سبتمبر إلى الاعتقال على يد أعوان الأمن الداخلي التابع لـ حماس، وقاموا باستجوابه وتعذيبه مرات عديدة على امتداد 11 يومًا، واحتجزوه إلى غاية 23 سبتمبر ولكن هيومن رايتس ووتش لن تقوم بتحديد هويته أو هويات غيره من مناصري حركة تمرد الذين تقابلت معهم بسبب مخاوف على سلامتهم.
وقال الطالب: "بعد أن وجهوا لي العديد من الأسئلة، تبين أن جريمتي تمثلت في أنني ضغطت "أعجبني" على صفحة حركة تمرد في موقع فيسبوك". كما قال إن مستجوبيه وضعوا له كيسًا من القماش على رأسه، وقاموا بضربه، وأجبروه على الوقوف لمدة خمس ساعات كل مرة، وقاموا بتعليقه من ذراعيه بشكل متكرر، قال:
أجبروني على أن أعطيهم كلمات المرور الخاصة بهاتفي وحساباتي على موقعي فيسبوك وهوتميل، وسألوني عن معارفي وصفحتي على موقع فيسبوك لمدة ثلاثة أيام. كانت المعاملة الروتينية تتمثل في الوقوف والاستجواب والصلاة، وكانوا يغطون رأسي طوال الوقت. لا أستطيع أن أنسى ما حصل لي. ومنذ أن أطلقوا سراحي، لا أستطيع النوم حتى الفجر، أنا دائم التفكير في ما حصل لي.
كما قالت والدة الطالب لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطات رفضت الإفصاح عن مكان وجوده أثناء الأسبوع الأول من الاحتجاز. وأضافت: "في نهاية الأمر اتصلوا بنا، وقالوا لنا إنه يحتاج إلى ملابس داخلية وبعض المال لشراء الأكل في مركز الأنصار. لم يقولوا لنا إنه بحاجة إلى محام. ولم يتم إيصال الملابس إليه إلا بعد عشرة أيام".
وقال الطالب إن مسؤولي الأمن في غزة قاموا باستدعائه مجددًا، ووضعوا له الكيس على رأسه، وقاموا باستجوابه لأربع ساعات أخرى.
وقال مؤيد آخر لحركة تمرد، وهو صحفي في العشرينيات من عمره، لـ هيومن رايتس ووتش، إنه استلم استدعاء من أجهزة الأمن الداخلي التابعة لـ حماس في 3 سبتمبر للمثول في مكاتبهم في مدينة غزة، وهناك وضع له المحققون كيسًا من القماش على رأسه، وقاموا باستجوابه حول صفحة حركة تمرد على موقع فيسبوك، وعلقوه من ذراعيه في السقف، وأجبروه على الوقوف في وضع مؤلم لمدة ساعة تقريبًا، واعتدوا عليه بالضرب:
اتهموني بالانتماء إلى فتح "الغريم السياسي لحركة حماس"، ولكن قلت لهم إني فقط مساند لحركة فتح، لا شيء غير ذلك، وإنني لا أعرف أي شيء محدد عن المنظمة ثم بدؤوا يسألونني عن حركة تمرد، وطلبوا مني التحدث عن دوري، وقالوا إني لست في حاجة إلى التعرض إلى الضرب.
كما قال الصحفي إنه رفض التحدث عن الحركة، وتم إطلاق سراحه في تلك الليلة، ولكن تم استدعاؤه للحضور مجددا في ننفس المركز في اليوم التالي. وأضاف: "انتظرت لمدة ساعتين، ثم وضعوا لي كيسًا على رأسي وقاموا بضربي. كان المحقق يصرخ في وجهي، ويقول إن حركة تمرد سيئة وعليّ الشعور بالذنب. وأجبروني على أن أعطيهم كلمات المرور الخاصة ببريدي الإلكتروني وحسابي على موقع فيسبوك، وأخذوا بطاقتي الصحفية". أفرج جهاز الأمن الداخلي عن الصحفي في تلك الليلة، وأعاد له بطاقته في وقت لاحق.
قال مساند آخر لحركة تمرد، وهو مهندس في الأربعينيات من عمره، لـ هيومن رايتس ووتش، إن قوات الأمن التابعة لـ حماس قامت باستدعائه للتحقيق معه في 10 سبتمبر, كما قال إن المحققين اتهموه بالعمل لصالح محمود عباس، زعيم حركة فتح ورئيس السلطة الفلسطينية، وبـ "استلام أغراض لحركة تمرد، ومنشورات وأشياء أخرى من أعضاء في الحركة على متن سيارة جيب".
وأضاف: "أنا أساند فتح، ولكن ذلك كل شيء. ظلوا يطلبون مني الاعتراف وإخبارهم بما حدث قبل ذلك بثلاثة أيام، ولكنني لم أكن أعرف مالذي حدث قبل ذلك بثلاثة أيام". وقال إنه أجبر على الجلوس على كرسي للأطفال، ثم اقتادوه إلى غرفة أخرى وأمروه بالوقوف.
كانت الغرفة شديدة الحرارة، وانتظرت هناك لمدة ساعات، وربما ليلة كاملة، لم أعد أعرف. لم أعد قادرًا على السماع. كانت ساقاي مخدرتين [من الوقوف]، فانحنيت قليلا، وحينها ضربوني على رقبتي من الخلف، وقالوا لي إنني سأتعرض إلى الضرب مجددا إذا لم أقف مستقيما. تمكنت من الوقوف لمدة 30 دقيقة أخرى، واضطررت إلى بعض الراحة فضربوني مجددا. وبعدها أصبحت منهكًا، فلم أكن أقوى سوى على الاتكاء. ولم أعد أهتم حتى إذا أطلقوا علي النار.
كما قال المهندس إن الاستجواب استمر في اليوم التالي. وأضاف: "بعد أن أنكرت أنني أعرف أي شيء عن سيارة جيب فيها أغراض لحركة تمرد، جاء أحدهم وسأل ما إذا كنت أواجه مشكلة. أجابه شخص آخر بنعم، وبعدها قاموا بضربي بعنف إلى أن سقطت إلى الخلف من الكرسي، وساقاي معلقتان في الهواء. ثم بدؤوا يضربونني على أصابع رجلي بمطرقة صغيرة، وكان ذلك مؤلما جدا".
قام أعوان الأمن بإطلاق سراح المهندس في تلك الليلة، ولكنهم استدعوه لتسليم حاسوبه المحمول في 16 سبتمبر ,وقال إنه تعرض إلى الاستجواب مجددا، وطلبوا منه عدم "نشر الأكاذيب" حول تعرضه إلى سوء المعاملة أثناء الاستجواب، ولكنه لم يتعرض إلى مزيد من الانتهاك. وفي وقت متأخر من صباح يوم 17 سبتمبر/أيلول، قال المهندس إنهم اتصلوا به عبر الهاتف وطلبوا منه الحضور مجددا حتى يتمكنوا من إغلاق القضية. وبعد أن انتظر 30 دقيقة، قام أعوان الأمن بعصب عينيه واستجوبوه مجددا حول انتمائه إلى حركة فتح. ثم أفرجوا عنه في وقت لاحق من ذلك اليوم.
وقال صحفي ثان، في الأربعينيات من عمره، وناشط سياسي في أواخر العشرينيات من عمره لـ هيومن رايتس ووتش إنهما تلقيا تهديدات بالقتل مجهولة المصدر على هواتفهما بسبب مساندتهما لحركة تمرد. وقال الصحفي إنه كتب مقالا مساندا لحركة تمرد، وبعد ذلك تلقى مكالمة في 4 يوليو من شخص لم يظهر رقمه، "وعرّف نفس على أنه من كتائب القسام الجناح العسكري لـ حماس، وقال إنه سيقتلني". كما قال إن مسؤولي حماس قالوا له في وقت لاحق إن "التهديد لم يكن رسميًا".
وقال الناشط إنه انضم إلى صفحة تمرد غزة على موقع فيسبوك لما قامت بنشر مقطع فيديو على شبكة الانترنت في 3 يوليو ,وأضاف: "وصلتني تهديدات مجهولة المصدر عبر الهاتف بقطع لساني، وإن ذلك هو التحذير الأخير". اتصل الناشط، الذي يقول إنه لا يساند حماس ولا فتح، بشرطة غزة وطلب الحماية، ولكن قوات الأمن التابعة لـ حماس قامت باعتقاله في 15 يوليو ,وقامت باستجوابه، وأساءت معاملته ليس فقط للاشتباه في أنه من مساندي حركة تمرد وإنما أيضًا لدوره في مظاهرة في غزة نظمت ذلك اليوم ضدّ سوء معاملة إسرائيل للسكان البدو. وقامت قوات الأمن بإطلاق سراح الناشط في مساء ذلك اليوم، ولكنها استدعته لمزيد من التحقيق في اليوم التالي، يوم 16 يوليو.
وفي كلتا المناسبتين، "طرحوا أسئلة حول حركة تمرد، وحياتي الخاصة، والمظاهرات، وزعموا أنني على اتصال مع رام الله"، مقر السلطة الفلسطينية. وأضاف: "كان ذلك مهينًا. هددوني وطلبوا مني التوقيع على أوراق ألتزم فيها بالكف عن أنشطتي. وأجبروني على الجلوس في وضع مؤلم على كرسي صغير للأطفال لمدة ساعات قبل أن يطلقوا سراحي".
وقامت شرطة حماس باستدعائه مجددا إلى أحد مراكزها في غزة على الساعة التاسعة صباحًا من يوم 1 أغسطس الذي كان مقررا لتنظيم مظاهرة.
سألتهم ما إذا كان لديهم إذن، فطلبوا مني أن لا أخشى شيئا لأنهم كانوا يقتادوني ليسلموني ترخيصًا للتظاهر. ولما وصلت، قالوا لي إنه تم رفض الترخيص وإنه علي إلغاء المظاهرة. وبعد ذلك أطلقوا سراحي، ثم قامت أجهزة الاستخبارات بتوقيفي مرة أخرى. وبعد ذلك اتصلت بي الشرطة وسألتني لماذا لم ألغ المظاهرة بعد. ولحسن الحظ، تعطب هاتفي عندما كنت لدى جهاز الاستخبارات، ولم أستطع إلغاء المظاهرة.
وقال الناشط إنه ظل يتلقى مكالمات هاتفية مجهولة المصدر ورسائل مكتوبة فيها تهديدات إلى منتصف سبتمبر/أيلول عندما تلقى رسالة تقول " هذا الإنذار الأخير، وسوف يتحركون إلى التنفيذ".
أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلة مع ناشط آخر، وهو رجل في الخمسينيات من عمره، كان قد كتب مقالات مساندة لحركة تمرد. قام جهاز الأمن الداخلي التابع لـ حماس باستجوابه في 18 أغسطس، وهدده بأن يوجه له تهمة التشهير اعتمادًا على مقال انتقد فيه حماس سنة 2012. ولم يكن واضحا ما إذا كان الاستجواب والتهديد بالملاحقة الجنائية مرتبطان بمساندته لحركة تمرد.
كانت المظاهرات التي دعت لها حركة تمرد في 11 نوفمبر ,ستتزامن مع الذكرى التاسعة لوفاة ياسر عرفات، الرئيس الفلسطيني وزعيم حركة فتح سابقًا. وكانت حماس قد أطاحت بالسلطة الفلسطينية بقيادة فتح من غزة سنة 2007.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com