ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

صحافة الرصد تنقل الواقع كما هو وتتطلب أخلاقيات خاصة بها من بينها الأمانة

علاء عمران | 2013-11-07 18:16:45
الشارقة /علاء عمران
تناولت الكاتبة والصحفية مانيا سويد أخلاقيات الصحافة عموماً، وأخلاقيات صحافة الرصد، خصوصاً، في أحد المقاه الثقافية ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الثانية والعشرين، وادار الحوار في المقهى، نورة شاهين، وركزت سويد على ان مهنة الصحافة شأنها شأن سائر المهن، لها أخلاقيات وأدبيات، ينبغي أن لا تمارس إلا من خلالها، ولا يقتصر الأمر على مجرد أداء القسم، كي يبدأ صاحب المهنة ممارسة مهنته، بل يتعداه إلى الاستمرار في التمسك بما يحويه القسم من معانٍ ومقاصد، فالقسم على احترام مبادئ وأخلاقيات مهنة ما، هو شرط للبدء في ممارستها، وهو أيضا شرط للاستمرار في ذلك.
 
 ومهنة الصحافة تعد من المهن التي لا يخلو منها مجتمع من المجتمعات، وتؤكد الشواهد على أن مجالها وانتشارها يزداد اتساعا كلما تقدم الزمن، لا سيما في السنوات الخمسين الأخيرة، وهو أمر حتمي تفرضه طبيعة المجتمعات الحديثة التي تزداد مع مرور الوقت تعقيدا وتركيبا، بسبب التطور المذهل في الأحداث السياسية والاقتصادية والعلمية والثقافية والترفيهية، وغيرها، ويتزامن مع هذا الاتساع والتطور زيادة في حجم الأعباء والمسؤوليات التي يتحملها من يقدم على ممارسة هذه المهنة، وتتمدد مساحة المجالات التي يخوضها. وتساءلت سويد عن طبيعة الأخلاقيات المهنية التي ينبغي على الصحفي أن يتحلى بها، لممارسة مهنة تشهد هذا القدر الكبير من الاتساع والتطور، وهل تكفيه جملة المبادئ العامة التي يتحلى بها الإنسان بوجه عام، كالصدق والأمانة والوفاء واحترام الآخر، وما إلى ذلك؟، أم أنه مطالب بالإضافة إلى ذلك، بأعباء أخرى، عليه أن يحترمها ويتمسك بها، كي يوصف بأنه يمارس مهنته على نحو صحيح؟
 
 
وفي محاولة الإجابة أو التمهيد لها، أشارت إلى أن الصفات الأخلاقية التي يجب على الصحفي أن يتمسك بها، تتشابه في كثير من الأوجه مع أخلاقيات سائر المهن التي تمارس في المجتمع، لكن علينا أيضا أن نعترف بأن لمهنة الصحافة أخلاقياتها وآدابها الخاصة بها، المستمدة أساسا من طبيعتها كمهنة تقدم لملايين البشر في وقت واحد، ولفتت إلى أن غالبية المهن عادة تنقسم إلى نوعين، هما مهن مترددة، ومهن قاطعة، فالمهن المترددة هي تلك التي تخول لممارسها إمكانية أن يفعل أو لا يفعل، أما المهن القاطعة فلا توفر لممارسها هذا الخيار.
 
ولا شك في أن معاناة التمسك بالقواعد الأخلاقية تكون أقوى في حدتها في المهن المترددة أكثر منها في المهن القاطعة، وأوضحت أن صحافة الرصد تتعلق بتلك الكتابات الصحفية التي تقوم بنقل الواقع كما هو إلى جمهور المتلقين، من دون تعديل، سواء بالحذف أو بالإضافة، فدورها يشبه دور المصور الفوتوغرافي مع الاختلاف في الطبيعة، والنقل في الحقيقة وإن كان لا يمس جوهر المنقول إلا أنه قد يباشر بأسلوب يجعله مقبولا، وينبغي أن لا يغيب عن الذهن أيضا أن المقصود بصحافة الرصد في هذا المجال يمتد أيضا إلى المصور الصحفي، فالأمر لا يقتصر على الكاتب الصحفي فحسب، كل ما هنالك أن أحدهما ينقل إلينا الحدث كتابة، والآخر ينقل إلينا الحدث مصورا. 
 
وصحافة الرصد ليست مرفوضة في جميع الأحوال، كما أنها لا تكون مقبولة بصورتها التقليدية في جميع الأحوال، فيمكن قبولها، بل وتشجيعها إذا كانت لأهداف تتعلق بنقل الأخبار والمعلومات وتصحيحها لدى جمهور القراء، ولكن ذلك يجب أن يكون في الحدود التي لا تثير الأزمات أو تزيدها أو تخلق صورة أو أخرى من الاضطرابات أو تعرض المجتمع لخطر ما أو تسهم في ارتفاع معدلات الجرائم والسلوكيات المنحرفة.
 
وتابعت: إن الحديث عن أخلاقيات الصحافة في مجال صحافة الرصد أو الصحافة الناقلة، هو في الواقع حديث عن فضيلة الأمانة، ففي كافة المراحل التي تمر بها عملية نقل الحدث كتابة أو تصويرا نلاحظ أن الصحفي مطالب بأن يتحلى بتلك الفضيلة التي إذا غابت في سلوكه المهني فإن ذلك يفسد عليه الركن الأهم في عمله وهو الأخلاقيات. فالصحفي الذي يرصد الحدث تتحرك لديه دوافع النقل والنشر وتسيطر عليه فكرة الأسبقية بحيث يجد نفسه مندفعا اندفاعا نحو الالتقاط والعرض، وربما في مثل هذه الظروف تغيب عن ذهنه اعتبارات يجب أن يظل دائما مدركا لها وواعيا بها، وهي اعتبارات المصلحة العامة، لذا فإن الحديث عن الأمانة هنا ليس متصلا بآليات ممارسة المهنة نفسها، لكنه متصل في الواقع باعتبارات مجتمعية يجب أن تبقى حاضرة دائما.
 
وأشارت سويد إلى أن وسيلة المواءمة هي المخرج الآمن للصحفي في مثل هذه المواقف، فهي أقرب الحلول التي يمكن أن تساعده وتعينه على تجاوز حالة الحيرة التي قد يتعرض لها. والمقصود بالمواءمة هنا الموافقة، أي التوفيق بين اعتبارين أحدهما خاص بالصحفي نفسه، وهو رغبته في عرض ما بين يديه على الناس، أي النشر، والآخر يتعلق بالمصلحة العامة، أي مصلحة المجتمع بتجنيبه ما قد يضر به. ويجري ذلك وفق عملية غربلة أو تنقية أو تفرقة يتمكن بها من استبعاد ما يستشعر أنه يصطدم مع الاعتبارات المجتمعية ويبقى على ما عداها ليكون مادة صالحة للنشر، فإذا تبين له بعد إجراء هذه العملية أن ما تبقى بين يديه لا يصلح كمادة إعلامية أو لا يحقق له ما يصبو إليه فإنه لا مناص والحال هكذا من تغليب المصلحة العامة على ما عداها، فقد يتقصى أحد الصحفيين عن قضية ما ويتوصل إلى معلومات مهمة، لكنها في الواقع يمكن أن تحدث إرباكا أو خللا في المجتمع بصورة أو أخرى، كأن تؤثر على الأمن العام مثلا، في هذه الحالة يقوم الصحفي بعملية مواءمة أي تنقية للمادة التي جمعها، ويستبعد منها ما يتعارض مع مصلحة المجتمع وما تبقى له يكون له الحرية في نشره إذا وجد أنه يصلح لذلك.
 

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com