تعرض الأقباط في مصر الى أعمال عنف طائفية عبر التأريخ ومنها عام 1977، عندما شرعت الحكومة في تعديل الدستور بجعل الشريعة المصدر الرئيسي في التشريع، والشروع في تقنيين الشريعة الإسلامية، وبرز وقتها مشروع بقانون لتجريم الردة.
هنا ثارت الكنيسة واعتكف الأنبا شنودة، وقام ألرئيس ألراحل السادات بعزل الأنبا شنودة وتحديد إقامته بوادي النطرون، والقبض على بعض القساوسة، وكذلك معظم رموز تيارالإسلام من إخوان وسلفيين وجهاد وشيوخ أزهريين. ولحقتها تطورات مشابهة سميت بقرارات التحفظ في 5 سبتمبر 1981 التي أستمرت حتى إغتيال ألسادات في 6 أكتوبر1981.
بدأت مرحلة حكم جديدة بعودة الأنبا شنودة للبابوية، بمنح الأقباط التصريح ببناء الكنائس. وتعرض الأقباط إلى أعمال طائفية اخرى منها مطلع التسعينيات خاصة في الصعيد وأحياء القاهرة وتشكلت في حينها "الجبهة الشعبية لمواجهة الأرهاب" وكان الدكتور احمد منصور مقررها وجاءت فكرة عقد مؤتمر إسلامي ناقش فيه قضية إضطهاد الأقباط من منظور إسلامي في مركز ابن خلدون او المنظمة المصرية لحقوق الأنسان، لكن المشكلة الحقيقية كانت في الفكر السلفي والأخوان ألسياسي الذي يصر على ألهوية الإسلامية.
وفى كتاب الدكتور أحمد صبحي منصور" السيد البدوى بين الحقيقة والخرافة" سنة 1982نشر بعض أجزاء رسالته فيه التى نوقشت ومنها مؤامرة "الشيوخ الأحمدية" واحراقهم الكنائس المصرية فى وقت واحد. وكانت تهدف إلى قلب نظام الحكم المملوكى فانتقم الأتباعه فيما بعد باحراق الكنائس ليوقع الخلل فى الدولة المصرية ليسقطها من الداخل وكاد أن ينجح.
زيادة تهجير الأقباط خلال عهد الإخوان
استخدم اٌلإخوان في السلطة 2012ـ 2013 سيطرتهم على السلطة، ووجهت العديد من الأتهامات إلى الأقباط منها، وجود أسلحة داخل الكنائس، ورفضت تهنئة الأقباط في أعيادهم أو حضور احتفالات تنصيب البابا "تواضروس الثاني" أو بعض احتفالات الكنيسة الأخرى، بالإضافة إلى التعدي على الأقباط في القرى وحرق منازلهم بدعوى "التنصير"، وهو الأمر الذي جعل كثير من المسيحيين يفرون إلى الخارج ، خوفا من إضطهاد أنصار الإسلام السياسي.
قال ألدكتور جمال أسعد المفكر القبطي :" إن تزايد عمليات تهجير الأسرالمسيحية زادت تحت الحكم الإخواني، حيث تم تهجير الأقباط من رفح والعامرية ومناطق اخرى. إن الإخوان يتحملون مسؤولية أعمال العنف ضد الأقباط بترديد عبارة "إن المسيحيين أهل ذمة، وعليهم دفع الجزية لحمايتهم"، ولذلك فر البعض بأرواحهم هروبا من الأضطهاد الديني والعقائدي.
راجت فتاوى جماعة الإخوان والسلفية ألمتطرفة ، غير التقليدية، خلال شهر مايو 2013، تحرض على قتل الأقباط في مصر، بعد إتهامهم بالمبادرة إلى قتل المسلمين أمام الكاتدرائية، وبتنصير المسلمين، حتى توعد بعض المشايخ بإبادتهم. لكن الأزهر استنكر هذه الفتاوى التي تسوق البلاد إلى فتنة طائفية كبيرة. وأرتفع سقف الفتاوى ضد الأقباط في مصر أخيرًا من التكفير إلى القتل، بدعوى أنهم حملوا السلاح أولًا في حادثي الخصوص وأحداث الكاتدرائية . وأطلق سياسيون وإعلاميون محسوبون على التيار الإسلامي في مصر فتاوى تحرض على قتل الأقباط، ومنهم الأمين العام لحزب الجهاد الإسلامي محمد أبو سمرة.
منذ الإطاحة بالرئيس المعزول مرسي يهاجم إسلاميون راديكاليون بشكل متزايد مؤسسات مسيحية في مصر. وسبق أن تعرضت العوئل المسيحية في رفح ـ سيناء التهجير القسري في سبتمبر ،2012 وتم نقلهم انذاك إلى العريش، وهم يتهمون المسيحيين بأنهم شركاء بأسقاط مرسي. وما يزيد من صعوبة الوضع تعقيدا عجز الحكومة من توفير ألحماية. وطالما ادعى ممثلي الإخوان بأن الأقباط هم ضد الشريعة والإسلام في مصر. وكرر بابا الأقباط تواضروس الثاني أكثر من مرة، قبيل عزل مرسي، تأييده لوزير الدفاع عبد الفتاح السيسي ولقوات الأمن في "الحرب على الإرهاب". وعندما ألقى السيسي في 3 يوليو خطابا أمام كاميرات التلفزيون أعلنت فيه عزل مرسي، كان بابا الأقباط يجلس إلى جانب قائد الجيش وكذلك شيخ الأزهر أحمد الطيب.
حماية ألكنائس
دعت منظمة هيومن "رايتس ووتش" السلطات المصرية في 22 أغسطس2013 إلى حماية الكنائس والممتلكات المسيحية في البلاد، وطالبت الإسلاميين في الوقت ذاته بالتوقف عن التحريض على العنف ضد الأقباط. وقالت المنظمة في تقريرها إن "على السلطات المصرية اتخاذ الخطوات اللازمة لحماية الكنائس والمنشآت الدينية من هجمات الحشود الغوغائية"، وأضافت(..) قام المعتدون بإحراق ونهب عشرات الكنائس والممتلكات المسيحية في مصر.
تظاهر آلاف الأقباط في العاصمة المصرية القاهرة يوم 5 أكتوبر 2013، وأعلن كثير منهم اعتصاما مفتوحا أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون احتجاجا على ما قالوا إنه اعتداء على كنيسة تقع في مركز إدفو بمحافظة أسوان في أقصى جنوب مصر. وانطلق آلاف الأقباط من منطقة شبرا في شمال القاهرة ثم اتجهوا إلى ميدان رمسيس حيث افترشوا شارعي رمسيس و26 يوليو، وطالب المتظاهرون بضبط من وصفوهم بالمتورطين في الأعتداء على الكنيسة، كما طالبوا بإقالة المحافظ .
أن مشروع تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية خلال الحكومات السابقة، تثير مخاوف لدى الجماعة القبطية ، وهو ما جعل أقباط مصر يلجأون إلى الهجرة العشوائية للخارج بشكل أكبر بعد صعود التيار الإسلامي للحكم، أي خلال حكم الإخوان.
أقباط مصر في ألمانيا
وفقا إلى تقرير "الدوتش فيلة الألمانية" فأن الكنيسة في ألمانيا تمثل ملتقي الأقباط المقيمين ومنهم في مقاطعة بافاريا وتقدم الكنيسة لهم الرعاية الروحية وتعمل علي ربط أفراد الجالية بوطنهم مصر ومساعدتهم على الاندماج في المجتمع الألماني، كما تحافظ الكنيسة علي إحياء التراث القبطي. يصل عدد الأقباط الأورثوذكس في ألمانيا إلى حوالي ثمان آلاف، يعيشون في المدن الألمانية الكبري، منهم في بافاريا 400 عائلة، أما في ميونيخ وحدها فهناك 100 عائلة، وهنالك كنائس قبطية عديدة قي هامبورغ وبرلين ودوسولدورف وفرانكفورت وشتوتغارت، وكل الكنائس في ألمانيا تخضع لرئاسة الأسقف العام لأقباط ألمانيا الأنبا " دميان".
لجنة كتابة الدستور
التقى يوم 26 أكتوبر 2013 إئتلاف أقباط مصر وثمان أشخاص، ممثلي بعض المنظمات الحقوقية والقبطية والمجتمع المدنى بمقر لجنة الخمسين لأعداد الدستور المصرى الجديد مع الدكتور عبد الجليل مصطفى رئيس لجنة صياغة الدستور ومعه محمد مصطفى بدران عضو للجنة صياغة الدستور ورئيس اتحاد طلاب مصر. وقام ائتلاف أقباط مصر بتقديم مقترحات وبنود تم الاتفاق عليها بين وفد الممثلين إلى رئيس لجنة صياغة الدستور وتم تسجيلها باللجنة لعرضها على أعضاء لجنة الخمسين قبل إتمام المسودة النهائية للدستور ورحب رئيس اللجنة بكافة المقترحات. وناقش الوفد حول المادة الخاصة بالتمييز الايجابى للاقباط والمحاكمات العسكرية للمدنين وحرية العقيدة المطلقة وإلغاء الديانة من الاوراق الرسمية وتحديد عمر الطفل والمخطوطات والوثائق الاثرية وتجريم التهجير القسرى والمساواة التامة بين الرجل والمرأة وتفعيل بند المواطنة وان يتم التعيين بكافة مؤسسات الدولة على أساس الكفاءة فقط وغيرها من المواد.
ألخلاصة
إن مشكلة الأقباط في مصر عبر التاريخ عانت الكثير من التراكمات والأحتقان خاصة خلال عهد ألمماليك وسيطرة فكرالإخوان والسلفية على الحياة العامة. وفي ثورة 30 يونيو 2013 التصحيحية، عملت عدد من الأطراف السياسية او من الإسلام السياسي لتوظيف ورقة الأقباط في الفتنة الطائفية من إجل إشعال الفتن والفوضى بين مكونات ألمجتمع المصري الواحد. وفي أغلب الأحداث يكون هنالك طرف ثالث خفي بأشعال الفتنة لجر الأقباط بعمليات مواجهة عنف وتصفية.
من خلال مراجعة تأريخ الأقباط في مصر يتضح ان ألمشكلة الرئيسية تكمن بعدم تفهم مخاوف الأقباط من أن يخضعوا إلى حكم دستور إسلامي صرف قائم على تنفيذ أحكام ألشريعة الإسلامية، يلغي حقوقهم المدنية ويحولهم إلى أقلية هامشية ومواطني من الدرجة الثانية. هذه ألمخاوف تزايدت مع صعود الإخوان في مصر عام 2012ـ 2013 ومع سيطرت جماعة الإخوان والسلفية ألجهادية على الحياة العامة في مصر حتى 30 يونيو 2013.
محاولات أسلمة ألدستور
إن الدستور المصري خضع الى "الأسلمة" خلال كتابته في عهد مرسي، والذي تم تمريره ضمن ضغوطات إقليمية مرتبطة بألتنظيم ألدولي للإخوان. مخاوف الأقباط الرئيسية هو ان يكون الإسلام المصدر الوحيد للتشريع! أي الغاء الحقوق المدنية للأقباط والأقليات الأخرى. إن كتابة الدساتير الحديثة لبعض الدول العربية والإسلامية تجنبت هذه العقدة وأعتبرت الإسلام احد مصادر ألتشريعات الرئيسية وليس الوحيد لكتابة الدستور. إن النظام السياسي ألمعاصر يقوم على إحترام بقية الأديان والأقليات وعلى اسس ديمقراطية من اجل تحقيق الأندماج والتكامل والتعايش السلمي. وهذا عكس ما تعمل عليه بعض الجماعات الأسلامية المتطرفة، التي تتعامل مع الأقليات "على انهم أهل ذمة ويجب ان يدفعوا الجزية" وهي عودة الى الوراء بتاريخ الحكم السياسي ألحديث. هذه الأشكالية بدون شك تعاملت معها لجنة كتابة الدستور ـ الخمسين ـ في أعقاب ثورة مصر التصحيحية في 30 يونيو 2013.
إن ممارسة الشعائر والطقوس الدينية للأقليات يعتبر من ابسط واجبات الحكومة في النظام السياسي الحديث، يكفل للأقليات ممارسة طقوسها دون أن يمثل ذلك خرقا إلى القانون. وتعتبر الكنائس ودو العبادة للأقليات ومنها الأقباط حاجة ضرورية، وهذا ما كان يمثل تحديا كبيرا للأقباط عبر الحكومات المتعددة.
فألتوصيات يجب ان تضمن للأقباط وغيرهم من الأقليات حق بناء الكنائس ودور العبادة لممارسة طقوسهم وإقامة مناسباتهم الدينية والأجتماعية، أن منح هذا الحق ممكن ان يدفع بألاقليات بألاندماج في المجتمع اكثر ويخفي الكثير من المخاوف.
نظام " كوتا " في البرلمان
الدساتير يجب أن تحفظ حقوق الأقليات في المجتمعات، وتجارب الشعوب تعطي البعض منها حصة أي نسبة "كوتا" للأقليات في البرلمان او في مجالس النواب. هذه ألخطوة من شأنها أن ترفع الشعور بالتهميش داخل أبناء الأقليات من غير الأغلبية.
ومن واجب الدساتير في النظام السياسي الحديث، أن لا تحتكر المناصب في الدولة لحساب الأغلبية او جماعة بعينها، وهذا ما بات يعاني منه الأقباط في تقديم ابنائهم للعمل في بعض المناصب مما يحدد فرص عملهم. ألعمل يجب أن يقوم على ألكفاءة والمنافسة .
وفي ذات ألسياق، قام الرئيس عدلي منصور باصدار قرار جمهوري يتضمن تشكيل لجنة مؤلفة من خمسين عضواً وتضم قائمة اسماء اعضاء لجنة الخمسين لاجراء التعديلات الدستورية لما بعد ثورة 30 يونيو 2013 وتتولى لجنة الخمسين كتابة واعتماد مشروع الدستور المصري المعدل الجديد 2013.
هواجس الأقباط من ألمادة 219
بدأت لجنة الخمسين عملها في 8 سبتمبر 2013، لتضع القواعد التي تنظم عمل لجنة الخمسين وبعدها سوف يتحدد موعد الأستفتاء على الدستوروالتعديلات الدستورية الجديدة به، ويطرح على الشعب للتصويت عليه .أتفقت لجنتا نظام الحكم والحقوق والحريات المنبثقتين عن لجنة الخمسين لتعديل الدستور، على إضافة نص للما دة 38 يوم 24 اكتوير 2013 يقضي بإنشاء مفوضية لمكافحة التمييز. ويهدف إنشاء المفوضية إلى تحقيق تكافؤ الفرص والتصدي لكافة أشكال التمييز والدفاع عن حقوق المواطنين ومنع التحريض ضدهم في وسائل الإعلام و دور العبادة. ذلك يعكس التزام الحكومة الأنتقالية التزامها يخارطة الطريق. لكن رغم ذلك فأن ألتحدي الكبيرإلى لجنة كتابة الدستور هي الخلاف مابين الكنيسة ولأسلامويين خاصة السلفيين في أللجنة حول هوية دولة مصر.
ووفقا لتقارير أعلامية في 28 أكتوبر، أقرت لجنة "الخمسين" المكلفة بإعادة صياغة الدستور المصري في 27 أكتوبر بإلغاء القيود على بناء الكنائس في البلاد، بمادة تختص بحرية العقيدة، وتتضمن تنظيم الدولة لبناء دور العبادة لأصحاب "الديانات السماوية" عن طريق قانون خاص، ومادة انتقالية تلغي جميع القواعد المقيدة لبناء الكنائس. وصرح عمرو الشوبكي، مقررعام لجنة نظام الحكم بالخمسين لتعديل الدستور "إن لجنة الخمسين أقرت خلال اجتماعها المغلق المادة 47 من باب الحقوق والحريات، والخاصة بحرية الاعتقاد، وذلك بعد إدخال بعض التعديلات عليها ليصبح نصها "حرية الاعتقاد مطلقة، وتكفل الدولة حرية ممارسة الشعائر الدينية، وتنظم الدولة بناء دور العبادة لأصحاب الديانات السماوية وفقًا لما ينظمه القانون". إن لجنة الخمسين رفعت التوجس الموجود عند الأقباط والأقليات من المادة 219 من الدستو، رغم عدم تأكيدها، لكن المصادر الأعلامية من داخل أللجنة أكدت لاعودة للمادة 219، ليكون دستورا مدنيا بعيدا عن هيمنة الإسلام السياسيي .
إن الأسباب المذكورة اعلاه ابرزها، ضمان الحقوق المدنية للأقباط وحرية بناء الكنائس وحق التقديم لشغل المناصب المهمة بالدولة، كفيلة بأن ترفع مخاوف الأقليات وتحد من هجرة مواطنيها العشوائية التي اصبحت قسرية بشكل غير مباشر بسبب ما يتعرض له الأقباط من عمليات عنف منظمة من قبل الجماعات ألسلاموية المتطرفة والتي تقوم على فرض تعاليمهم الإسلامية اكثر من ألهوية ألوطنية.
صوت العراق
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com