ما بين ترقب وتخوف من جولة المباحثات التي سيتم إجراؤها مطلع شهر نوفمبر المقبل في الخرطوم بين مصر وإثيوبيا والسودان لبحث أزمة سد النهضة، يكشف خبراء المياه عن السيناريوهات التي سيتم طرحها على مائدة الحوار، وكيفية التعامل مع التصريحات التي اعتبروها "وردية" من قبل الجانب الإثيوبي.
يقول الدكتور نادر نور الدين محمد أستاذ المياه والتربة بجامعة القاهرة، إنه بعدما ضاقت بإثيوبيا السبل إلى كل دول العالم الحريصة على إرساء العدل وعدم مشاركتها في تمويل سد يهدف إلى قتل شعب عريق، ولجوء إثيوبيا- وبشعور يتضمن اعترافًا بأنها بصدد عمل عدواني ضد مصر- وقيامها بطرح سندات لبناء السد في إسرائيل تحت شعار "ادعموا إثيوبيا ضد مصر"، بما تصوروا أنه دعم ضد عدو مشترك، ولكن إسرائيل خذلتها بأن سلامها مع مصر يتضمن عدم دعم أي عمل عدواني ضد شعبها.
وأكد نور الدين، أننا قبل أن نقبل العرض الإثيوبي لمصر بالمشاركة في تمويل سد تتم إقامته بقرار منفرد من إثيوبيا، وبعد أن رفضت جميع الدول تمويله نريد لرئيس الوزراء الإثيوبي أولاً أن يجيب على عدد من الأسئلة منها: لماذا رفعت إثيوبيا مواصفات السد بعد ثورة يناير 2011 من 90 مترًا إلى 145 مترًا، مخالفة كل المواصفات العالمية للسدود، ولماذا زادت سعة بحيرة السد من 14 مليار م3 إلى 74م3، دون أن يضيف هذا للسد أي قدرات إضافية لتوليد الكهرباء، ودون وجود أراض صالحة للزراعة في هذه المنطقة إلا أن يكون السبب هو منع المياه عن المصريين.
وتساءل نور الدين، لماذا تطلب إثيوبيا من مصر والسودان أن تشاركاها في بناء سد لم تشاركا في وضع مواصفاته، ولم يؤخذ رأيهما في تأثيره علي شعبيهما، ويتم فرضه كسياسة أمر واقع على دولتين دون إرادتهما، ودون أن تبدي إثيوبيا موافقتها على العودة إلى المواصفات السابقة التي عرضتها على مصر عام 2010 بارتفاع 90 مترًا وبحيرة 14 مليارًا تعطيها ما خططت له من الكهرباء ولا تحرمنا من حقوقنا في المياه الدولية التي لا تستمطرها إثيوبيا.
وتابع: لماذا لا تقدم إثيوبيا اعتذارًا للمصريين بلجوئها إلى كل من تتصور أنهم في عداء أو خصومة مع مصر، ولماذا لا تراجع الموقف الدولي الرافض تمامًا لتمويل هذا السد بما فيهم البنك الدولي لشديد خطورته على المصريين بهذه المواصفات.
ووجه رسالة إلى رئيس الوزراء الإثيوبي، مفادها أننا نقبل ببناء سد النهضة ولكن بالمواصفات التي عرضتموها علينا في عام 2010 وببحيرة لا تزيد عن 14 مليار متر مكعب، وأن يكون آخر السدود على النيل الأزرق، مشيرًا إلى أنه يكفيهم أربعة عشر نهرًا ورافدًا وتسعة أحواض أنهار وثلاثة عشر سدًا و52 مليارًا من الأمتار المكعبة من المياه الجارية.
من جانبه، قال الدكتور محمد نصر علام وزير الري الأسبق، لـ"بوابة الأهرام" إن المعلن هو دراسة توصيات تقرير اللجنة الثلاثية، وهو خطأ نرتكبه نحن، حيث إن التوصيات تنص على إعادة الدرسات التي أعدتها إثيوبيا للسد بجوانبها الجيولوجية والبيئية، وتستغرق هذه الدراسات نحو سنة ونصف أخرى، وبالتالي تكرار نفس الخطأ، لافتًا إلى أن إثيوبيا تقوم ببناء السد مع الانشغال بالدراسات.
وأوضح أن ما يجب أن يكون عليه الأمر هو الإعلان الرسمي عن هدف التفاوض من قبل الحكومة المصرية وهو تقليل حجم السد لتقليل الآثار الضارة له على مصر، بالإضافة إلى تقليل السعة التخزينية للسد.
وطالب علام بضرورة تحقيق التوافق حول سنوات ملء الخزان وسياسة التشغيل بما يحقق أقل ضرر على مصر، لافتًا إلى أن المشاركة في بناء السد ستكون من خلال موافقة مصر على السد بما يدعو إلى تقديم الدعم والقروض المالية من المنظمات الدولية للبناء.
وأكد وزير الري الأسبق، أن المطُالب- مصر- يجب أن يكون قويًا وصريحًا حتى لا نضيع الوقت في إجراءات وتصريحات وردية في الوقت الذي يستمر فيه بناء السد.
وألمح إلى أن هناك دلائل واضحة في تغير موقف السودان إلى تأييد الموقف الإثيوبي ودعمه في التفاوض الثلاثي مما يزيد الأمر صعوبة، ولذلك يجب تحقيق توافق مصري سوداني حول بديل هندسي آخر للسد وتحقيق الأهداف والمكاسب السودانية.
وأشار علام إلى أن التفاوض سيكون صعبًا، وفي حالة تأجيل الاجتماع مرة أخرى يرى أن على رئيس الوزراء المصري ووزيري الخارجية والري زيارة أديس أبابا والإفادة بالأهداف المصرية من التفاوض، ومحاولة وضع حلول سريعة وفعالة.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com