بقلم : صبري فوزي جوهره
اكتب هذه الكلمات معبرا عن حذري, بل لنقل قلقي, على مسار ثورة مصر الوليدة. ليس هذا تغاض عما يصبو إليه المصريون الاصلاء جميعا من سلام و تقدم و توفير الحياة الكريمة المناسبة لجموعهم, و ليس هو شك في حتمية الحاجة الماسة إلي تحقيق الأهداف التي أعلنتها ملايينهم في 30 يونيو و 26 يوليو, كما انه ليس هذا بتخاذل و استعداد للاستسلام لضغوط الإخوان المسلمين و الانتكاس الى الأحوال المتردية التي أوقعونا فيها خلال فترة سلبوا خلالها ثورة 25 يناير, بل هو حذر من ان ينتهي بنا الأمر بفقدان كل ما بدى لنا بثقة منذ أيام قليلة أن أصبح في متناول أيدينا, أو الشطر الأكبر منه.
لا اريد العودة الى لفت الأنظار إلى الخطأ الجسيم الذي ارتكبه الناخبون المصريون عندما مكنوا جماعة اطلق عليها العبد الفقير قديما اسم "المطززين" رجوعا إلى تفضل فوهررهم السابق بإطلاق صفة اللاقيمة على مصر و سكانها من التحكم فى مصير بلادهم. و لكنا ارتكبنا بلا شك خطأ فاحشا عندما مكنناهم من رقابنا بفعل هذا الاختيار الكارثي. لا أعيد هذه الذكرى الأليمة لدعك الملح فى جروحنا كما يقال, بل لمحاوله جذب الانتباه إلى إننا أخطأنا, و لا بد من أن نتحمل عواقب ما فعلنا.
العدو الاخوانى متمرس فى الكذب و الخداع و الجبن و الخبث و الحنوث و الاستجداء و التذلل. فصيل لا يتورع عن ارتكاب احط الجرائم واقذر الموبقات لتحقيق "اهداف الجماعة" كما تحقق للجميع خلال العام الاخير, حتى لمن كان يضمرفى داخله بعض الشفقة عليهم .
نراهم الان يسعون الى تأليب العالم على جيش مصر مدعين انه يسعى الى اعادة "حكم العسكر" ليس لحماية مصر من الانحدار الى كارثة عظمى بل, و كما ادعوا, قام جنود مصر بإسقاط حكم هؤلاء الخونة "المثالى" "دفاعا عن مصالحهم (الجيش) الخاصة"!
هنا يلزم عيلنا إلا نقع فى خطأ آخر هو الاستهانة بما يقوله العالم عنا حتى و ان كان الحديث مجرد "انطباع" او حكم ممجوج و غير مؤكد, ففى عالم الواقع غالبا ما ينتهى امر الانطباع إلى أن يصبح نهجا فعالا و اعتقادا تبنى عليه الأحكام و تتخذ القرارات استجابة تحسبا له.
مرة أخرى, أجد نفسي ملزما بتقديم بعض النصح فيما يتعلق بما يجب علينا أن نتوخاه في أفعالنا تجاه العدو الخبيث الكامن بمزيج غريب من العنجهية و "المسكنة" و العدوانية فى جحور رابعة العدوية دون ادنى مبالاة بصالح وطن طززوه منذ زمن بعيد.
اولا: اقترح على قادة جيشنا الابتعاد بعدا تاما عن التصدر في اى أمر من أمور "التفاوض" و "السياسة" مع الوسطاء الذين يسعون علنا و بلا كلل الى خفض توقعات الشعب الثائر فى 26 يوليو و اعطاء بعض القبول لمطالب المجرمين. ليقم رجالنا المدنيون و فى طليعتهم شباب "تمرد" "بالفصال" الذى يبدو ان لا مفر منه. فالبقاء فى محيطا رابعة العدوية و النهضة مسألة حياة أو موت للخونة و اعنى بهذا التعبير الواقع و ليس التشبيه, "فالطنحره" و البقاء في هذه الأوكار و البؤر سيستمر الى امد اطول مما تتحمل سلامة الوطن و راحة و امن القاطنين بهذه المناطق. و اذا اضفنا الى اصرارهم على البقاء فى هذه الاماكن عدم ترددهم فى قتل الغير و الانتحار, فالدماء لا ثمن لها فى تاريخهم المظلم و كتبهم اللعينة, و شكواهم و تأليبهم للمتربصين بنا فى الخارج, يصبح من الحكمة الجنوح الى التفاوض معهم دون التنازل عن الاهداف الاساسية للثورة وبذلك يعطوا المجال للتراجع و حفظ ماء الوجه و تتناقص قدرتهم على "المسكنه" و الاستقواء بالخارج. مع ذلك و بالاضافة اليه, ليصطف جيش مصر فى المؤخرة محتفظا بحق النقض (الفيتو) و التدخل الواضح الحاسم, بما منحه له الشعب من تفويض ملزم, عندما تحتم الظروف ذلك. لنسعى الى عدم استعمال العنف و تجنبه بقدر المستطاع حيث ان هذا هو ما يأخذه علينا بعض من يتابعون ثورتنا من الاجانب ربما استجابة لنواح المطززين و بكائهم وتمثيلهم دور الضحايا, و يا لهم من ضحايا!
ثانيا: و اقولها و الالم يعتصرنى, انه يبدو ان لا بد لنا من بعض التنازل الشكلى لبعض مطالب المطززين حتى نعطيهم فرصة الانسحاب. مرة اخرى, لنتذكر اننا قد اساءنا الخيار عندما اسلمناهم مقاليد السلطة فتحتم علينا دفع بعض الثمن لهذا الخطأ المؤسف. ربما ينهى التنازل المقبول من جانبنا الازمة و يكسر حدة المعارضة الخارجية.
ثالثا: عدم التفريط فى علمانية الدولة و ارساء قواعد المواطنة الكاملة و حقوق الانسان كما يعرفها العالم المتحضر الذى يدعى الشفقة على الاخوان. لا مجال للفصال فى هذه المعطيات الشرطيه التى لن نتمكن بدونها من البدء فى اعادة بناء الدولة العزيزه القوية القادرة على تحقيق اهداف ثورة الشعب و انتزاع احترام العالم و تعاونه لصالح الجميع. فلنقم دولة لن يكون بها, بطبيعتها و ليس بالاقصاء المتعمد, مجالا لعودة الاخوان او لتكرار الخطأ الذى كاد يودى بنا جميعا الى الهاوية عندما وضعنا ايديهم الآثمة حول عنق مصر.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com