الأقباط متحدون | في يَدِكَ مفتاحٌ
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٤:٤٤ | الاربعاء ١٢ يونيو ٢٠١٣ | ٥ بؤونة ١٧٢٩ ش | العدد ٣١٥٥ السنة الثامنة
الأرشيف
شريط الأخبار

في يَدِكَ مفتاحٌ

الاربعاء ١٢ يونيو ٢٠١٣ - ٠٢: ٠٩ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 
في يَدِكَ مفتاحٌ
في يَدِكَ مفتاحٌ

بقلم:   ماجد سوس  

     مشكلة الإنسان الحقيقية تكمن في البحث عن السعادة والأمان خارج ذاته بينما هما يكمنان في أعماقه. فالسعادة الحقيقية قد تختفي داخل النفس البشرية نتيجة طبيعية ومنطقية للتيه الذي يعيشه الإنسان وسط تيارات العالم وتحديات المجتمع فتخنقه هموم الحياة. أيضاً نتيجة الظروف المادية والإجتماعية والتي لها تأثير مباشر على سعادة الإنسان .
 
هنا يتصور هذا الإنسان أن عليه البحث عن تلك السعادة إما مع الآخرين أو مع أشياء قد يبدو ظاهرها حاملاً لمعنى السعادة كمن يبحث عنها في رحلة أو حفلة أو علاقة جسدية أو في مخدر أو مسكر أو سيجارة، وبعد أن يقيت الجسد منها يشعر بزيف هذه السعادة وهذا الأمان ويبدأ رحلة جديدة للبحث عنهما.
في دراسة نشرتها مجلة العلوم الأمريكية في عام 1997 وجدت أن المقالات التي تم فهرستها في "مقتطفات في علم النفس" Psychological Abstracts  بين عامي 1967 و 1994 جاء ذكر الاكتئاب في 46380 مقالٍ، كما ورد الحديث عن القلق في 36851 مقالٍ، وعن الغضب في 5099 مقالٍ. ولم تأت على ذكر السعادة إلا 2389 مقالٍ فقط، وتحدثت عن الرضا بالحياة 2340 مقالٍ، ولم يرد ذكر الابتهاج إلا في 405 مقالاً فحسب .
 
موضوع السعادة شغل بال علماء النفس والاجتماع مئات السنين فكان الباحثون قد توجهوا إلى مئات الآلاف من الأشخاص كعينات، يسألونهم إن كانوا سعداء أو راضين بحياتهم. كما قام مركز بحوث استطلاع الآراء القومي في جامعة شيكاجو بالولايات المتحدة بفحص عينات تضم نحو 1500 شخص سنوياً منذ عام 1957، في حين أجرى معهد الأبحاث الاجتماعية في جامعة ميتشيجان دراسات مشابهة ولكن بشكل أقل انتظاماً.
وعلى مدى سنوات قامت منظمة جالوب الأمريكية - هي منظمة تقدم الاستشارات الإدارية والموارد البشرية والبحوث الإحصائية ولها أكثر من أربعين مكتبًا حول العالم - بدراسات لاستطلاع الرأي حول سعادة الإنسان وكيفية الحصول عليها. 
 
كيف يمكن لعلماء الاجتماع قياس شيء يصعب تحديده كالسعادة؟ إن معظم الباحثين يقتصرون على مجرد طرح أسئلة على الناس يطلبون فيها منهم وصف مشاعرهم بالسعادة أو التعاسة كي يقيسوا من إجاباتهم مقدار رضاهم عن حياتهم. 
ومن أهم ما استخلصته عزيزي القاريء من هذه الدراسة هو أن الذين يقولون أنهم سعداء وراضون ويرددون كلمات إيجابية مشجعة لذواتهم وللآخرين يبدون سعداء في عيون أصدقائهم وزملائهم، وأعضاء أسرهم والباحث النفسي الذي يُجري معهم المقابلة. وتُظهر تقديرات أمزجتهم اليومية مزيداً من الانفعالات الإيجابية، كما تُظهر أنهم أكثر ابتسامًا من أولئك الذين يصفون أنفسهم بأنهم غير سعداء.
 
وهذا يؤكد أن فكرة السعادة تبدأ من داخل الإنسان حيث يجب أن يقنع نفسه بوجودها داخله أولاً. قد تقول لي كيف اقنع نفسي بشيء لا أشعر به. أقول لك عن تجربة شخصية أنه إن أردت أن تبحث عن السعادة الزوجية مثلا فعليك أولاً أن تجلس مع نفسك وتبدأ في كتابة كل الإيجابيات الموجودة في الطرف الآخر فتوجه نظرك إلى الجزء الممتليء من الكوب وتبدأ في التعامل مع شريك حياتك على أساس إيجابياته لا سلبياته، فتجد أن السعادة تتملكك لأنك تشعر بالرضى وتتملكه لأنه يشعر بتشجيعك الدائم.
 
هناك كتاب رائع أدعوك لقراءته وهو " قوة التفكير الإيجابي" للمؤلف نورمان فنست بيل وهو الكتاب الذي حقق أرقام مبيعات فلكية بسبب تركيزه على كيفية شحن النفس بالفكر البناء الإيجابي. وهذا الكتاب ساعد على نجاح الكثيرين في تحقيق أهدافهم والشعور بالسعادة .
عرف القديس بولس سر إخراج الفكر الايجابي من داخل ذهن الإنسان فطلب منا أن "نُغير أشكالنا بتجديد أذهاننا" وهي الفكرة التي اختبرها الكثيرون وأدت إلى نتائج مبهرة فعرفت عن رجل أعمال كان يأخذ آية من الكتاب المقدس ويملأ بها ذهنه حتى يحقق النجاح والسعادة فكان يضع أمامه وفي مكتبه آية تقول " أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني" وكان يرددها بإستمرار رافضاً لفكرة الفشل .
 
البحث عن السعادة يا عزيزي لا يرتبط بسنٍّ أو بيئة أو ظروف اجتماعية، بل يرتبط بكيفية تدريب الإنسان نفسه على التسلح بالفكر الإيجابي. يتطلب الجلوس اليومي مع النفس، فكم من عجوز سعيد وصغير ناقم على الحياة بسبب الجري وراء سعادة زائفة .
البحث عن السعادة لا يرتبط بالثروة أو المال، لا يستطيع المال شراءه وإن الثروة هي أيضاً عامل تنبؤٍ ضعيف بالسعادة. فالناس لم يصبحوا أكثر سعادة مع مرور الزمن الذي ازدادت فيه حضاراتهم وفرة وغنى. ومع أن الأمريكيين يكسبون اليوم بعملتهم الحالية ضعفي ما كانوا يكسبونه عام 1957، إلاَّ أنَّ نسبة الذين يقولون أمام الباحثين (من مركز بحوث استطلاع الآراء القومي) إنهم «سعداء جداً» قد هبطت من 35 % إلى 29%.
 
بين أغنى 100 أمريكي من الذين استعرضتهم مجلة Forbes  - وهي مجلة أمريكية تعنى في الدرجة الأولى بإحصاء الثروات ومراقبة نمو المؤسسات والشركات المالية حول العالم -  لم يكونوا أكثر سعادة من الأمريكي متوسط الدخل إلا بدرجة ضئيلة. ولم يكن الذين أرتفع دخلهم على مدى 10 سنوات بأسعد من أولئك الذين بقي دخلهم ثابتاً. 
ويؤكد فكرة أن السعادة ليست في الأمور المادية مهما بان أهميتها أن في سويسرا تعتبر أعلى نسبة انتحار بالعالم (23 نسمة لكل مائة ألف) والسويد التي تعادل نسبة الانتحار فيها اليابان تماماً، فهناك شخص من بين كل 5000 شخص ينتحر سنوياً. فكم من حالم يحلم بأن يعيش في هذه البلدان ظناً منه أنه سيجد السعادة هناك !
نحن نملك مفتاح سعادتنا في أيدينا إن شكرنا الله باستمرار لاسيما  في وقت الضيقة والتجربة المرة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى إن بحثنا عن إيجابيات الآخرين ونصنع منها سعادة تقودنا لحياة أفضل.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :