الأقباط متحدون | الكوتة القبطية وحتميتها
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٣:٤٨ | الاثنين ٢١ يناير ٢٠١٣ | ١٣ طوبة ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠١٢ السنة الثامنة
الأرشيف
شريط الأخبار

الكوتة القبطية وحتميتها

الاثنين ٢١ يناير ٢٠١٣ - ٠٠: ٠٩ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم منير بشاى

  نعلم ان نظام الكوتة من حيث المبدأ غير مثالى لأنه عمل جبرى يفرض وضعا غير عادى على المجتمع لم يكن سيتحقق بدونه.  ونعلم ان المجتمعات المتقدمة التى تعودت على الديمقراطية لا تحتاج الى مثل هذه االمعاييرغير العادية. ولكننا فى مصر لا نتمتع برفاهية توقع الكمال، خاصة فى ظل المتغيرات التى تمر فيها مصر حاليا.  والكوتة هى الاجراء العملى الذى مع كل عيوبه يستطيع ان يحقق نوعا من المساواة لن يأتى بدونها.  هذا والهدف دائما من تطبيق نظام الكوتة يكون لفترة مؤقتة الى ان يتم تطوير ونضوج المجتمع الى الدرجة التى يتعود فيها الناس على قبول حقوق الاقليات الاخرى، دون حاجة الى أى معايير غير طبيعية تفرض عليهم، لحماية حقوق الأقليات المستضعفة من ظلم الغالبية المستبدة.

 ونعلم أيضا ان أبائنا الأقباط كانوا يرفضون مبدأ الكوتة.  ولكن السبب فى اعتقادى انه كان هناك فى ذلك الوقت بديلا آخر أفضل منه وهو امكانية ان يأخذ القبطى حقوقه عن طريق المنافسة الحرة.  فكان القبطى يرشح نفسه فى الدوائر التى تكون غالبيتها من المسلمين وأحيانا يأخذ أصواتهم وينجح ضد المرشح المسلم.  وواضح ان هذا المناخ غير متوفر الآن.  وليس هناك بديل لاقباط اليوم عن الكوتة سوى قبول التهميش والاستبعاد الكامل.

 هذا ومن غير الواقعى ان ينتظر الأقباط  من الدولة أن تقوم من تلقاء نفسها بمراعاة العدل فى تمثيل الأقلية القبطية. ومن المتوقع ان هذا الوضع المؤسف سوف يستمر ليصبح واقعا مترسخا فى المجتمع سوف يقبله الجميع بمرور الوقت ويعتبرونه أمرا عاديا.

 وحتى لا نصل الى هذا الوضع، ولترسيخ مبدأ حق الآقباط فى التمثيل العادل يجب الاعتراف بداية ان العدالة بين الناس حق من حقوق الانسان يحصل عليه بالميلاد وليس منحة ينعم بها انسان على آخر.  وفى نفس الوقت يجب ادراك ان المجتمع المصرى يمر الآن بفترات من التشدد الدينى الذى أدى الى انتشار الكراهية الدينية بين فئات المجتمع ومحاولات تصنيفهم على انهم مواطنين من درجة أقل وبالتالى يحق لهم تبرير تهميشهم وسلبهم من حقوقهم.
     ولأن هذه الأوضاع غير عادية ولن يتم تصحيحها من تلقاء ذاتها اعتمادا على حسن نية المسئولين الذين ثبت غياب حسن النية عندهم، فمن ثم لابد من ابتكار معايير غير عادية باجراءات غير عادية للتصدى لها وتصحيحها.

ومن المهم ان نعرف ان هذه الاجراءات ليست بدعة لأنه تقوم بها كل دول العالم لتصحيح ظاهرة اجتماعية مثل التى تؤثر على الأقليات وتحد من مدى تمثيلها المتكافىء سواء فى الفرص التعليمية أو التكافؤ الوظيفى أو التمثيل النيابى وغيره.  هذه الاجراءات يطلق عليها "التمييز الايجابى" وهى تعطى الأقليات المهضومة الحقوق دفعة تساعدها على التغلب على الصعوبات واالمشاركة مع فئات المجتمع الأخرى ندا لند.

 ففى الولايات المتحدة مثلا كان هناك برنامج يسمىAffirmative Action  الذى كان يعطى الأقليات المختلفة من غير الجنس الأبيض وبالذات الأقلية الزنجية امتيازات خاصة لفترة محدودة من الزمن.  وقد كان لهذا البرنامج مفعوله الايجابى على مساعدتهم لاثبات كفائتهم لدرجة انه أصبح الآن فى امكانهم الدخول فى انتخابات الكونجرس وحكام الولايات وغيرها من الوظائف العليا وينجحوا.  بل ان أحدهم نجح فى الوصول الى منصب رئيس الولايات المتحدة ليس فى ولاية واحدة بل اثنتين.

 لا أظن أن تطلعات الأقباط تشطح الى درجة الرغبة فى الوصول الى منصب رئيس الجمهورية فى مصر، وان كان من المهم ان لا يكون هناك مانعا من حيث المبدأ يمنع من يريد الترشيح لهذ المنصب.  كما لا أظن أن الأقباط يطالبون بامتيازات خاصة تجعلهم يتفوقوا على غيرهم من المواطنين.  كل ما يريده الأقباط هو المساواة المجردة بينهم وبين غيرهم، فى الحقوق والواجبات لا أكثر ولا أقل.  وهذا لن يتحقق من تلقاء ذاته لأن الأقباط انتظروا كثيرا ان يعاملوا بالعدالة دون جدوى، بل كان دائما يحدث العكس وهو ان ان الأمور تزداد من سىء الى أسوأ.

 هناك آليات كثيرة لاصلاح هذا الغبن يمكن ابتكارها بواسطة المسئولين اذا وجدت لديهم الارادة.  وعلى سبيل المثال أذكر ان الرئيس الأسبق عبد الناصر، فى محاولة لعلاج مشكلة ضعف التمثيل القبطى فى البرلمان قرر غلق بعض الدوائر فلا يترشح لها سوى الأقباط.  هذا نوع من الآليات التى نتكلم عنها التى تمكن القبطى من التمثيل المتكافىء دون المساس بحقوق الغير.  فنحن لا ننادى بتمييز القبطى على المسلم دون اى اعتبارات لمعايير الكفاءة، لأن الظلم لا يعالج بظلم مضاد.

 المهم هو وجود الرغبة فى توفير العدالة وعندئذ يكون هناك مجال لنقاش الآليات المختلفة لضمان تمثيل الاقباط للوصول الى هذا الهدف.
ولكن سياسة دفن الرؤوس فى الرمال من جهة المسئولين وكأن المشكلة غير موجودة، كما ان رفض الكوتة من بعض الاقباط دون وجود بديل عملى لها، كل هذا لن يحل المشكلة.  والأقباط لن يقبلوا باستمرار ظلمهم وتهميشهم ولن يقبلوا بغير المساواة الكاملة فى وطنهم. فهم أصل مصر وهم الذين أعطوا مصر اسمها "ايجبت".

Mounir.bishay@sbcglobal.net




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :