الأقباط متحدون | الكنيسة المصرية والاختبار الصعب!
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٩:٤٤ | الاثنين ٣ سبتمبر ٢٠١٢ | ٢٨مسرى ١٧٢٨ ش | العدد ٢٨٧٢ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

الكنيسة المصرية والاختبار الصعب!

الاثنين ٣ سبتمبر ٢٠١٢ - ٥٨: ٠٩ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: منير بشاي
الكنيسة المصرية، كمؤسسة مصرية تمارس وظيفتها داخل الدولة المصرية، تجد نفسها فى علاقة حساسة مع النظام.  فالكنيسة تخضع لقوانين الدولة، وعلاقتها بالدولة سواء كانت جيدة أو رديئة  يمكن ان تسهل أو تعقد أداؤها لمهامها.  ومن هنا كانت الكنيسة حريصة على وجود علاقات طيبة مع الدولة حتى تسير أمورها بطريقة طبيعية ودون تعقيد.
 
تعلم الدولة احتياج الكنيسة لها وتستغل هذا لإملاء رغباتها على الكنيسة.  واذا كانت هذه الرغبات تتطابق مع رغبات الكنيسة وتتمشى مع المبادىء الأخلاقية التى تحرص عليها فلا توجد مشكلة. المشكلة تحدث اذا تعارضت الرؤى والاهداف والمقاصد.
فى الأيام الماضية وجدت الكنيسة نفسها فى اختبار صعب مع رئاسة الجمهورية، والسبب هو اشكالية التعامل مع مليونية 24 اعسطس.  انزعجت الحكومة من ما تردد بان الاعتصام هدفه اسقاط  جماعة الاخوان المسلمين وبالتالى اسقاط الحكومة.  كما كان هناك قلق من شائعة اطلقها البعض بأن الأقباط يخططون لأعمال عنف وينوون حرق مقار جماعة الأخوان. 
 
وهنا تفتق ذهن النظام الى الاسلوب التقليدى للتعامل مع المشكلة وهو استخدام الكنيسة لتنفيذ ما تريد الدولة تحقيقه وهو قمع هذه المظاهرة.  فقبل أيام من وقوع المظاهرة توجه السيد رفاعة الطهطاوى رئيس ديوان رئيس الجمهورية الى المقر البابوى واجتمع بالقائم مقام البطريركى الأنبا باخوميوس.  وكانت الزيارة تستهدف معرفة موقف الاقباط من التظاهرات التى دعا لها النائب السابق محمد أبو حامد.  كما كانت مهمة الطهطاوى توصيل رسالة من الرئاسة الى الكنيسة تطلب منها ممارسة ضغوط على ابنائها بعدم المشاركة فيها.
 
أزعجنى كثيرا هذا الأسلوب وخشيت ان يكون هذا بداية العودة الى ما كان يحدث قبل الثورة وبالذات خلال حكم مبارك والسادات حين كانت الحكومة تملى على الكنيسة ما تريده فيما يتعلق بتصرفات الشعب القبطى وكانت الدولة تتوقع من الكنيسة التنفيذ دون مناقشة وإلا تحملت العواقب.
كان اختبارا صعبا لمقدرة الكنيسة على فرض استقلالها والوقوف بما تراه من مواقف بعيدا عن تأثير الدولة.  وقد أسعدنى ان الكنيسة نجحت فى الاختبار وضعت النقاط فوق الحروف منذ البداية.  وكان مجمل رد الكنيسة الأرثوذكسية انها مؤسسة روحية لا تعمل بالسياسة ولا تتدخل فى العمل العام.  واوضح نيافة الانبا باخوميوس ان الكنيسة لا علاقة لها بما سيحدث فى مظاهرة ذلك اليوم وان ابنائها من الأقباط يتصرفون فى ذلك اليوم مثل كل المصريين وليس ككونهم أقباط.  وشدد رفض الكنيسة لدعوات حرق مقار الاخوان لانها تتنافى مع المسيحية.
 
ومن جانبه أوضح الدكتور صفوت البياضى رئيس الطائفة الانجيلية انه لم يعد مقبولا بعد ثورة 25 يناير الزج بالكنائس فى أى حادثة فالأقباط قد زاد وعيهم وهم يعملون الآن فى كيانات مدنية سياسية متعددة.  واضاف ان الكنيسة الانجيلية لا تصادر الحريات او حق التعبير فى اطار مصلحة الوطن والابتعاد عن ما يعطل مسيرة الأعمال أو قطع الطرق او تدمير الممتلكات العامة. 
وقال الأب رفيق جريش المتحدث باسم الكنيسة الكاثوليكية انه لا يوجد دعم او حشد من الكنيسة للاقباط للاشتراك فى هذه المليونية وان الكنيسة الكاثوليكية ضد دعوات حرق مقار الاخوان لانه احراق للدولة.  وأضاف أن الكنيسة تحترم حق التظاهر دون عنف.
 
لا أظن أن رد الكنيسة المصرية بطوائفها الرئيسية الثلاثة يرضى الدولة.  بالمثل لا أعتقد ان هذا الرد يرضى الشعب القبطى كله.  فالدولة كانت تتوقع تدخل الكنيسة لوقف المظاهرة.  وفى المقابل كان هناك بعض أفراد الشعب ينتظروا تدخل الكنيسة بتأييد وتشجيع المظاهرة.  وقد جاء رد الكنيسة مخيبا للفريقين.  هذا مع ان الكنيسة كانت تلام من الدولة بتدخلها فى السياسة.  وبالمثل كانت تنتقد من بعض أفراد الشعب القبطى بالخروج عن دورها الروحى التقليدى والدخول فى عالم السياسة.  
 
دور الكنيسة من السياسة هو قضية قديمة.  ولم يكن هذ الدور واضحا أو محددا، وكان غالبا يعتمد على من يجلس على الكرسى البابوى.  فالبابا كيرلس السادس مثلا كان يميل الى البعد الكامل عن السياسة ويعتمد فى تسيير أعمال الكنيسة على علاقة الود التى تربطه بالدولة وكان معروفا عنه تقربه الوثيق من الرئيس عبد الناصر.  وكانت هذه العلاقة كفيلة بحل كثير من مشاكل الكنيسة.  وكان البابا عندما يسأل عن رأيه فى القضايا السياسية يرد بانه رجل دين لا سياسة وأن وظيفته ان يصلى من أجل المسئولين ليعطيهم الرب الحكمة والسداد فى ادارة شئون البلاد.
 
 بعد البابا كيرلس جاء البابا شنودة، وكانت شخصيته مختلفة تماما.  فقد كان قبل رهبنته يعيش حياته فى كل ملئها.  كان له دور بارز فى السياسة وكان صحفيا يكتب فى مشاكل الدين والمجتمع والسياسة. وكان شاعرا وخطيبا وكاتبا، بل وكان محاربا كضابط للاحتياط.  وقد حمل البابا شنودة كل هذه المؤهلات معه بعد رهبنته وبعد اعتلائه كرسى البابوية.  فكان يكتب المقالات ويعمل المقابلات الصحفية ويصدرالأراء فى القضايا السياسية.  وفى البداية رأينا الرئيس السادات سعيدا بذلك ويستخدم هذه القدرات فى البابا لصالحه فكان يصطحبه فى لقاءاته مع الشعب لتأييد حكمه.  ولكن ما لبث ان اصطدم معه عندما لم تعجبه بعض آرائه.  وفى هذه الحالة رفض اشتراك رجال الدين فى السياسة مرددا قولته الشهيرة "لا سياسة فى الدين ولا دين فى السياسة". وانتهى صدامه مع البابا بان حدد اقامته فى الدير ونزع اعتراف الدولة بصلاحياته، واستمر البابا فى الدير حوالى 40 شهرا.
 
ورأيى الشخصى ان رجال الاكليروس كمواطنون لهم كل الحق فى الاشتراك فى السياسة والكنيسة كمؤسسة لها أيضاالحق فى اصدار آراء فى القضايا السياسية التى تدخل تحت اختصاصها.
ولكن الكنيسة يجب ان تبتعد عن دور القائد السياسى للاقباط أو دور الممثل السياسى لهم. لقد آن الوقت لفطام الشعب القبطى واستقلاله عن الكنيسة سياسيا.  على االكنيسة، وخاصة وهى بصدد اختيار بطريرك جديد، ان تحدد دورها السياسى، وتترك للشعب القبطى حق التعبير عن ما يراه مناسبا كأناس بالغين لا يحتاجوا لوصاية من أحد.
 
Mounir.bishay@sbcglobal.net




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :