الأقباط متحدون | الفِتيَةُ الثلاثةُ في أتُونِ النَّارِ
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٠:١٨ | السبت ١٩ مايو ٢٠١٢ | ١١ بشنس ١٧٢٨ ش | العدد ٢٧٦٥ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

الفِتيَةُ الثلاثةُ في أتُونِ النَّارِ

السبت ١٩ مايو ٢٠١٢ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم : القمص أثناسيوس جورج
صار الفتية الثلاثة مثلاً أمام جميع الناس٬ فهم لم يخافوا من الحكام ولم يهابوا من النيران المفزعة المتقدة٬ بل ازدروا بكل التهديدات٬ لم تخدعهم الأغاني ولا الطرب ولا ضلال البابليين... لم يسجدوا للأوثان٬ بل كانوا شهودًا أمناء يتمجد الله بهم في بابل٬ أما نبوخذنصر فقد غطاه الخزي وظهر بطلان أوثانه٬ وأعلن شهادته لإله الفتية الذي هو أعظم من جميع الآلهة (لأن كل آلهة الأمم شياطين).

تحدوا طغيان الشيطان ورفضوا السجود٬ وظلوا أمناء حتى الموت لم يسلموا أنفسهم إلى العار٬ فأتوا بهم إلى الاحتراق٬ لكن السيد الرب الإله الضابط الكل أعانهم وهو سيد كل أحد٬ معين جميع الملتجئين إليه ورجاء الذين يصرخون نحوه٬ وهو الذي يسمح بأن يحول كل الأحداث في حياتنا إلى الخير. فلا تحدث لنا مصادفة لكن أمورنا في جملتها وتفاصيلها حسب خطته لخلاصنا٬ فمن ذا الذي قال فكان والرب لم يأمر٬ في يده كل دقائق الأحداث وهو الذي يغير الأوقات والأزمان... يعزل ملوكًا وينصِّب ملوكًا٬ يشتت المستكبرين بفكر قلوبهم٬ يكشف العمائق والأسرار٬ ويعلَم ما في أستار الظلام وكل شيء مكشوف أمامه وعريان.

فلنرَ كيف أن الله الآب يحكِّم الشهداء ويقودهم في اعترافهم ويشجعهم على أن يحتقروا الموت هنا على الأرض من أجل الاعتراف الحسن كي يسرعوا لإدراك الخيرات السمائية... أما مَن ليس له روح الآب فإننا نراه يرتعب من الألم ويتوارى من الخوف والسيف٬ ويطير صوابه من العذاب لأنه لا يرى أمامه سوى هذا العالم السفلي.

أُلقي الفتية في الأتون وبالكاد أُحرقت الوثاقات التي قيدوهم بها٬ لم تمس النيران أقمصتهم وسراويلهم... وظهرت قوة الله العجيبة... فما كان فاسدًا بالطبيعة قد حُفظ من الفساد ولم يصبح مائتًا إلا بسبب المعصية... فقوة الله تستطيع أن تقيمنا إلى الحياة والغلبة... لم تكن للنار سلطان عليهم٬ ولن يكون للنار الأبدية سلطان على القديسين الذين لهم نفس الإيمان عينه.

لقد حسدهم الشيطان واشتكى عليهم٬ ورد الناس لهم الحب بالكراهية... والإحسان بالحسد... فالاضطهاد سمة الأشرار٬ لكن الفتية وضعوا ثقتهم في إلههم الحي الذي يعبدوه لأنه ينجي من النار المتقدة... كانت طاعتهم للملك فيما يخصه فقط٬ لأنه ينبغي أن يطاع الله أكثر من جميع الناس.

لولا امتحانهم لَمَا كان نجاحهم٬ فزكَّتهم النيران وحللت قيودهم وصاروا يتمشون٬ وتحولت نار الأتون إلى ندى وبرد... ثلاثة صاروا أربعة... موثوقون صاروا محلولين٬ مقيدون صاروا يتمشون ليس بهم ضرر... سراويلهم لم تتغير رائحتها خرجوا منتصرين غالبين وشعرهم وثيابهم لم تحترق. الله مخلص أتقيائه قد صار إلهًا رسميًا للملكة كلها من أجل شهادتهم وأمانتهم وتقواهم وحكمتهم٬ لا من أجل فتوّتهم ولا مراوغاتهم بل من أجل ثباتهم وتسبيحهم وعشرتهم الإلهية... إن إلهنا في موقعه حتى الآن لا يتركنا في أتوننا٬ يأتي في وسطنا ويحفظنا وينزل إلى جحيمنا ليخلصنا٬ إلهنا العجيب والمتعجَّب منه بالمجد يغير طبيعة النار لأجل خلاصنا٬ ويتمجد في القلة القليلة المخلِصة ويكون سند وسور حمايتها.

في وسط سعير الأتون ذكَرَالفتية خطاياهم وأقروا بحق الله وعدله٬ وحفظواعهده ودعوا كل الخليقة للبركة والتمجيد٬ فحولوا الأتون إلى سماء٬ جاء كلمة الله ليتمشى في وسطهم... تأهلوا بالصلاة وقد سُمع لهم٬ وتحول اللهيب لهم إلى ندى سمائي... صيّروا الأرض سماءًا وسبحوا نيابة عن جميع الكائنات وأثبتوا أنهم خاضعين لله الخالق الذي غير طبيعة النار وأجرى دينونته العادلة٬ وهو القادر على كل شيء ولا يعسر عليه شيء.

حضر ملاك المشورة العظمى فخافت النار عندما رأته وارتعدت من سلطانه وجماله البارع٬ رأته النيران كسيد وكخالق فخافت منه وهربت خارجًا٬ بينما هي 49 ذراعًا من خارج الأتون.

الرابع شبيه ابن الله ملك السماء إله الآلهة رب الملوك المجيد في المسكونة حافظ العهد والرحمة٬ الذي ملكوته يتحدى الزمان وسلطانه إلى جيل فجيل٬ حاضرًا معهم في أتون الاحتراق٬ وسلطان مجده أبدي لا يزول ولا ينقرض٬ صوته يطفئ لهيب النار ويحول مادته إلى سلام وبرد وندى٬ حول الأتون إلى سماء وتسبيح٬ وتحولت النيران بخلاف قوانينها المادية٬ فالنار التي صارت بردًا وسلامًا هي بعينها التي أحرقت حُرَّاس الأتون٬ والله إلهكم لم يطفئ لهيب النار عنكم لكنه نجاكم منها.

طوباكم أيها الفتية الشرفاء الحسان المنظر... لا عيب فيكم٬ أنتم حاذقون في كل حكمة ومعرفة٬ ولكم الفهم والعِلم والقوة والقدرة على الوقوف في قصر الملك٬ طوباكم لأنكم قد وضعتم في قلوبكم أن لا تتنجسوا بأطايب الملك ولا بخمر مشروبه٬ فصرتم أسمن وأجمل وأقوى... خضعتم لإرادة الله ولم تتعللوا بالأعذار٬ ولم تنغمسوا في الخطية وصمدتم بالنعمة والإرادة ضد العالم وولاة هذا الدهر٬ فمنحكم الله القوة وأطعتم صورة الوصية وعملتم بها كعبيد حتى أدرككم الفجر٬ لم ترتاعوا من لهيب النار وسعيرها٬ وتحديتم الوحش متمسكين بالإله الحق من الإله الحق٬ متكلين على منجي كل أحد.

رفعتم عيونكم من حيث يأتي عونكم فلم تعبأوا بعزلكم من مناصبكم ولا من الحكم عليكم بمخالفة الأوامر الملكية٬ فاغتاظ منكم إبليس وحسدكم٬ لكن الله سيد التاريخ استخدم مقاوميكم ليحقق أغراض مجده الإلهي٬ فليس عند الله ما هو من قبيل الصدفة٬ إلهكم أعظم من جميع الآلهة٬ إله القوات رب الجنود الذي شهدتم له بالسلوك والاعتراف.

طوباكم لأنكم لم تشتهوا مراكزكم ومناصبكم بل وحياتكم تركتوها وهي ستزاد لكم... عروكم وقيدوكم٬ أوثقوكم وطرحوكم لكن إلهكم لم يترككم أبدًا٬ وأخرج الحق مثل الظهيرة٬ وأعلن خلاصه وعمله العجيب٬ طوباكم يا عبيد الله الأوفياء يا من ساقوكم كحملان بيد معذبيكم وأشعلوا الأتون مضاعفًا٬ فقدمتم أجسادكم ذبيحة لتخلصوا أرواحكم٬ غلبتم اللهيب وباركتم الله في كل ما صنع٬ وشهدتم لأعمال الله الصادقة المستقيمة٬ وطلبتم من الله أن يحفظ عهده معكم وأن لا ينقض رحمته٬ مقدمين أنفسكم ذبيحة ومحرقة وتقدمة وباكورة وكباش وعجول سمان٬ فلم يخزكم الله لأنكم اتكلتم عليه وتبعتموه بكل قلوبكم٬ فعاملكم بحسب رحمته وككثرة رأفته وأنقذكم بحسب عجب اسمه.

نزل إلى جحيم أتونكم حيث أنتم يا عبيد الله العلي٬ وقد صرتم كرازة وكان لكم الله كفيلاً بالخير... نجاكم لأنكم وضعتم نفوسكم على كفوفكم٬ لم تهربوا ولم تسجدوا إلا لله٬ ولم يستقر صولجان الشر على حصتكم٬ ولم تستقر عصا الأشرار على نصيبكم ولم يصيبكم أذى٬ فيا ربي يسوع المسيح أعِنّي كما أرسلت ملاكك وخلص الثلاثة فتية من أتون النار.

المجد لك يا الله يا من حفظت الصديقين ورافقتهم٬ أنت الممجد إلى الدهور٬ فلتكن ذبيحتنا مرضية أمامك اليوم يا سيدنا الرب٬ وليخز جميع المقاومين لملكوتك٬ وليخجل المفترون على أولادك٬ أولئك الذين أتوا بالزفت والقار والنار والمشقة علينا٬ مبارك أنت ومسبَّح وممجَد في عرش هيكل مجدك.

 




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :