الأقباط متحدون | التــــــفاؤل
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٣:٢٤ | الأحد ١٣ مايو ٢٠١٢ | ٥ بشنس ١٧٢٨ ش | العدد ٢٧٥٩ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

التــــــفاؤل

الأحد ١٣ مايو ٢٠١٢ - ٤٣: ٠٩ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: حنا حنا المحامى

فى خضم المعارك الداميه التى تدور فى الميادين والارواح التى تزهق من أجل ما لا يعرفون وما لا يعلمون, والصراعات القائمه على السلطه والسلطان, استمعت إلى الاعلاميه المرموقه منى الشاذلى تقول بالنص "الدنيا مقلوبه ... ولكن أنا متفائله.  إنها سنة الحياه والامور".

ورغم أن الاعلاميه من أنجح الاعلامييين والاعلاميات فى مصر, إلا أنى أختلف معها وليس معنى ذلك أنها مخطئه أو أنى على صواب ولكن الامر يختلف فى وجهات النظر. 

فيمكننا أن نقسم التفاؤل إلى قسمين:  قسم ذاتى أى يكون التفاؤل مبعثه الانسان نفسه.  فمهما أصيب من ملمات أو تجارب فإنه يظل متفائلا.  ومثل هذا التفاؤل يكون عادة مبعثه الثقه بالنفس.  هذه الثقه بالنفس هى التى تحمى الانسان من القنوط واليأس فينظر إلى المستقبل نظره متفائله.  وهذا التفاؤل بالتالى يساعده على خوض الحياه وتحدى الملمات والتجارب, فينتصر على تلك التجارب ويحقق النجاح والتقدم.

أما القسم الاخر فهو يخرج عن دائرة الانسان فلا يكون للشخص دخل فيه.  لذلك يكون التفاؤل مبعثه ظواهر الامور سواء كانت ماديات أو سلوكيات.  فهو يخرج عن إرادته وتصرفاته الشخصيه.  ولكن يكون التفاؤل مبعثه السياسه القائمه أو السلوك السائد أو التصرفات الغالبه على المجتمع الذى يعيش فيه.

انطلاقا من هذه الحقيققه فإنى أبحث عن باعث أو دافع لأى قدر من التفاؤل فيتوه فكرى ويضيع  منى
الامل فى التقدم والنجاح فى ظل المعطيات الراهنه. 

لقد حمل شباب مصر رؤوسهم فوق اكفهم ضد نظام لا يعرف الانسانيه أو الوطنيه أو الضمير وثاروا مستهينين بكل ما يحمله النظام من شرور وأولها الموت.  خرج الجيش ليحمى النظام فقام بحماية الشباب الثائر.  تم هذا فى لفته إنسانيه وطنيه رائعه.  ولكن ما لبث الجيش أن استولى على السلطه.  وللأسف لم يكن هذا الاستيلاء لصالح الشباب وحمايته وحماية أهدافه.  ولكنه قام بحماية المتطرفين وأفصح عن توجهاته الدينيه المتطرفه.  فقام بحماية المعتدين على الكنائس وقتلة المسيحيين.  فبدأ التطرف يعرف طريقه إلى مصر فى توحش أكثر مما كان عليه الامر.

فى ظل هذا التطرف وجد المتطرفون والمنحرفون أنفسهم فى غابه هم أصحابها وسادتها.  فما كان منهم إلا أن قاموا بكل الوسائل الغير مشروعه فى الاستيلاء على السلطه وعلى مجلس الشعب بالغش تارة وبالرشوه تارة أخرى وبخداع البسطاء على حساب الدين تارة ثالثه.

وتم كل ذلك فى حماية المجلس العسكرى ومباركته.  وطبعا القائمه طويله ومعروفه ولا داعى للتكرار إلا بقدر ما يقتضيه المقال.

وجد المجلس العسكرى نفسه فى خضم متلاطم وتتقاذفه الاتهامات من هنا وهناك فقرر أن يمسك بميزان متوازن للامور فى محاوله لاصلاح عمليات الاعتداءات غير المبرره على المتظاهرين السلميين فبدأ فى تطبيق القانون حتى يرضى الكافه إذا ما ترك السلطه.  وهذا أفضل من ترك السلطه مكرها بناء على الاعتصامات والاحتجاجات فيكون مصيره قاتما.

كان طبيعيا ألا يرضى المجلس العسكرى الكثيرين ولكنه حاول جاهدا إرضاء أكبر قدر ممكن حماية له من مستقبل قد يكون قاتما.  فسمح بالاعتصامات والاحتجاجات بإطلاق دون معايير أو أسباب مشروعه.

كانت نتيجة التخبط فى سياسه متقلقله من قبل المجلس العسكرى أن كل فئه أو مجموعه أو حزب تقوم باعتصام غير محدد المده أو الاهداف بل كان أغلب تلك الاعتصامات لاسباب غير مشروعه كما حدث أخيرا من مؤيدى أبو اسماعيل فى ميدان العباسيه.  أبو اسماعيل والدته أمريكيه فلا يجوز أن يرشح نفسه للرئاسه.  وقد ثبت هذا بالمستندات الدامغه.  مع ذلك قام أتباعه الذين لا شك أن لهم وعود سخيه أن تجمهروا فى احتجاج.  لماذا؟  هل لكسر القانون؟  نعم.  هل لفرض القوه والعنف؟  نعم..

كان يتعين فى موضوع الاعتصامات هذا أن يكون هناك سياسه موضوعيه واضحه.  فمثلا فى اعتصامات ماسبيرو كان يتعين أن يطلب المجلس العسكرى مجموعه من خمسة أشخاص مثلا تمثل المعتصمين ويتفاهم معهم عن سبب الاعتصام ثم يحاول فى موضوعنه عادله أن يعالج المشكله إذا ماكان هناك مشكله تستوجب المواجهه.  ولكنه بدلا من ذلك أطلق المصفحات ضد العزل ثم تنكر لتلك الحقيقه وما لبث أن ادعى أن المدرعه سرقت.  أسلوب لا يتناسب مع طلبة مدارس الابتدائيه.

وفى الاعتصامات الاخيره والمعروفه باعتصامات العباسيه, كان يتعين بكل صرامه أن يتفاهم المجلس العسكرى مع ممثلين للمعتصمين, فإذا ما تبين أن سبب الاعتصام غير مشروع وأن المعتصممين يصرون على كسر القانون, رفض المجلس الاعتصام واتخذ الاجراءات القانونيه صد كل معتصم ذلك أن الاعتصام لاسباب غير قانونيه وغير مشروعه.  ولكن المجلس العسكرى ظل سلبيا رغم عدم مشروعيه الاعتصام إلى أن قتل ثلاثون فبدأ يتدخل فى الامر ويفرض حظر التجول.

سياسه ارتجاليه رخوه حينا ومتشدده لحد التطرف أحيانا دون ضوابط أو معايير تلزم بالاتباع والاحترام.  ولا تعرف متى يتبع الاسترخاء أو التطرف والتشدد.

فى ظل هذا الاسلوب الارتجالى الذى لا يتبع أى سياسه اقتصاديه أو سياسيه – داخليه كانت أم خارجيه – يخدع نفسه من يقول إنه متفائل.

هذا عن اللجنه السياسيه العليا التى تسير أمور البلاد.

ننتقل إلى المجلس التشريعى.  على الاقل ثمانون فى المائه من مجلس الشعب نجحوا فى الانتخابات بطريقه غير مشروعه إما بتوزيع السكر والزيت إما بالمال المستورد إما بالارهاب الدينى.  مع ذلك يمكن أن نتغاضى عن كل هذا لو كان المجلس التشريعى يقوم برسالته وواجبه على وجه كامل.  ولكن واأسفاه لقد ترك العشوائيات والبطاله والمشاكل الاقتصاديه الطاحيه والامن ثم الامن ثم الامن وبدأ يبحث فى الحرابه ومضاجعة الوداع والاسترخاء أثناء الجلسات حتى النعاس, والاذان وسط الجلسه بصوره لا تحترم حرمة الدين والمضحك أنه متصور انه يجاهر بالدين.  هل مثل هذا المجلس الذى نشأ باطلا واستمر بصوره تدعو إلى السخريه يمكن أن يدعو إلى التفاؤل؟  ناهيك عن العضو الذى ادعى كذبا أنه اعتدى عليه بينما هو يقوم بعملية تجميل (ياحلاوه) ويتضح كذبه ونصبه ثم يعود إلى العضويه .... عضوية مجلس ال........

هل هذا يدعو إلى التفاؤل؟ 

وقبل أن أنهى مقالى هذا وحتى أن أكون منصفا, فأنه يتعين على المجلس العسكرى ترشيد الاعتصامات.  نعم إنها حق قانونى للتعبير عن الرأى أو الاحتجاج عن تجاوزات بعينها.  لذلك يتعين على المحلس العسكرى بل والجهه الحاكمه أيا كانت أن تلتقى بممثلين من المعتصمين ليعبروا عن السبب "القانونى" لهذا الاعتصام, وفى هذه الحاله يستجيب أو يتفاوض المجلس أو الجهه الحاكمه.    أما إذا كان سبب الاعتصام كسر القانون ولى ذراع المشروعيه لصالح هدف معين أو غرض معين فمن ثم يتعين على الحهه الحاكمه أو المجلس العسكرى اتخاذ الاجراءات الكفيله بفض الاعتصام وحظر التجول. 

لم أر والبادى أنى لن أرى من يدرك ويعمل على قوة الوطن وازدهاره.  إن قوة أى وطن تكمن فى التعاون والتنافس المشروع والعمل كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا.  هذا المبدأ والشعار لم أسمعه والبادى أنى لن أسممعه.  إن قوة أى وطن تكمن فى قوته وهذه لن تتأتى إلا بالتضافر والتعاون.  ومن الابجديات أن الصراعات تضعف الوط ن وتفقده قوته لو كانت قائمه.  ولكن كل فرد يسعى إلى مجده الشخصى أولا.  وهذه الصوره الامينه والحقيقيه لن تؤدى إلى ازدهار الوطن ونجاحه.   مع ذلك لم أسمع أحدا ينادى بوجوب مراعاة هذه الحقيقه.

فمن أين يأتى التفاؤل؟

أما عن الامن فحدث ولا حرج.     حتى إذا تفاءلنا يكون بعد كم من الضحايا؟

ولعل التفاؤل الذى تقصده الاعلاميه منى الشاذلى هو كما قال استاذنا توفيق حنا عن الكاتب:

John Keats:  There is a budding morn in midnight.

أى أنه "فى ظلام الليل توجد براعم متفتحه من النور".

ونرجو من الله أن يمد يده إلى مصر ويرفع عنها هذه الغمه. وهنا يمكن أن نتفاءل.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :