الأقباط متحدون | المعجـــزة .. بين الحقيقة والوهم
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٩:١٤ | الأحد ٢٢ ابريل ٢٠١٢ | ١٤برموده ١٧٢٨ ش | العدد ٢٧٣٨ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

المعجـــزة .. بين الحقيقة والوهم

الأحد ٢٢ ابريل ٢٠١٢ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم- آ. ف روز مولا


الحق أقول لكم إن أرامل كثيرة كن في إسرائيل في أيام إيليا حين أُغلقت السماء مدة ثلاث سنين و ستة أشهر لما كان جوع عظيم في الأرض كلها . ولم يرسل إيليا إلى واحدة منها ، إلا امرأة أرملة , إلى صرفة صيداء . وبرص كثيرون كانوا فى  إسرائيل فى زمان أليشع النبى , ولم يُطهر واحد منهم إلا نعمان السريانى ( لو 4 : 25 - 27)ا
 

يروق لى أن أستهل  كلماتى بهذه الآيات التى تكلم بها رب المجد  وإن كانت تشير بالدرجة الأولى إلى قبول الأمم بذكر إيليا النبى وأليشع كمثالين لأنبياء صنعا معجزات بين الأمم وإنما هى تدعونا للتساؤل ... لماذا فقط صنعت المعجزة مع امرأة صرفة صيداء .... ومع نعمان السريانى ؟؟؟؟
 
فى عملية إحصائية نستطيع تطبيق مثل هذا التساؤل على حياتنا اليوم .... كم مريض سرطان يعانى من المرض فى العالم ؟ كم منهم يتم شفاؤه المعجزى وكم يؤدى به الحال للوفاة ؟؟؟ ... هل الله غير قادر على صنع معجزة لكل المرضى المتعبين ؟ تعالوا الىّ ياجمــــــــــــــــــــيع المتعبين ..... ( مت 11 : 28 )ا
 
أم إن المعجزة لها شروط ما لابد توافرها فيهم ؟؟؟؟ وهل تعتمد المعجزة بالدرجة الأولى على تحقق الشروط أم تعتمد على إرادة الله ؟؟
 

كنت أجلس مع أحدهم فى ذلك اليوم الذى حدثنى عن بعض حوادث الطرقات وكيف أن من يحبه الله ينجيه من الموت المحقق ويكتب له السلامة
 
مما أستفزنى بشدة أن أسأله ... وهل أولئك المتوفون لا يحبهم الله ؟؟؟ أم أنه لا يحب ذويهم ؟؟؟!!!! ..... مع إختلاف وتباين حالات الوفاة وأشخاص المتوفين وإحتياج عائلاتهم لهم ........ نفس درجة المحبة والإرتباط الأسرى .... دراسة كل حالة لا تجد إختلافات حقيقية تجعلك تدرك أو تقرر لماذا هذا دون ذاك .... ويبقى التساؤل معلقاً ..... ولا يسعك إلا أن تُبكٍم صوت عقلك وتروح تردد : إنها الحكمة الفائقة التى لن أدركها ابداً
 
الحقيقة إننى .. أستأت بشدة من هذه الكلمات ... متبنية شعور أهالى المتوفون ... فعدت لأتسائل  
 
وهل ذوي المتوفون لا يتوجب عليهم الإحساس بتلك الغصة التى تعتمل فى الصدور ليس فقط لفقدان أحباؤهم وإنما أيضاً لنعت الكثيرين لهم إن الله لا يحبهم فماتوا تحت عجلات السيارات .. مسدحين على الأرصفة تغطيهم ورقات الجرائد ؟؟؟؟؟ أهل فى هذا القليل من الرحمة  بهم ؟؟؟
 
 
ازدراء بمشاعر الحزن لا يحمل أدنى قدر من التعزية 
 
 
من وقتها وأنا أفكر ملياً فى الأمر .... أحاول أن أحصل على ردود شافية .... لا أقتنع بمنطق عدم إعمال العقل ... آراه يناقض مبدأ الإتجار بالوزنة والربح ..... أليس العقل وزنة ؟؟ ألم يقل القدماء ان ( ربنا عرفوه بالعقل ) ؟؟ وهل يتوجب الأن إلغاء العقل لمعرفة الله ؟؟؟ كلها أمور تجعلنى فى حيرة من أمرى
 
 ًيقول البعض إن الإيمان شرط أساسى وجوهرى لإتمام المعجزة.... فإن كان كذلك  فلما إحتمل السيد الرب شك توما إذن.؟.... كاسرا بذلك شرط الإيمان إذا كان رئيسياً لإتمام المعجزة ؟؟؟ .
 
هل هناك ثبات فى مثل هذه الأمور ؟ بمعنى خطوات معينة تضمن حدوث المعجزة ؟؟؟ بالرجوع للكتاب نجد أن الحال يختلف بين الكثيرين ممن أُتمت إليهم معجزات على إختلافها ..... فمثلا معجزة شفاء المفلوج ( مر 2 : 4 ) لم ترتبط بإيمان المريض وإنما إيمان أصحابه .... فى ( مر 4 : 40 ) معجزة تهدئة العاصفة .... هل توقف العمل المعجزى على إيمان التلاميذ ... أم إن الرب نفسه بعد أن هدّء العاصفة  إلتفت إلى تلاميذه متسائلا .. " مابالكم خائفين هكذا ؟ كيف لا ايمان لكم ؟"
 
 
أتم المعجزة دونما إيمان ...... بل إنه بعد تمام المعجزة يقول الكتاب خاف التلاميذ خوفا عظيماً , وقالوا بعضهم لبعض " من هو هذا ؟ فإن الريح أيضا والبحر يطيعانه .. مر 4 : 41 )ا من هو هذا !!!!!!ا والسؤال هل الإيمان هو شرط لإتمام المعجزة أم هو نتيجة لحدوثها ؟؟؟ فما الهدف إذن من المعجزة إذا كان الكتاب نفسه قال " الآيات تتبع المؤمنين ( مر 16 : 17 )ا
 
فى إعتقادى أن المعجزة الأعظم هى تلك التى صارت حين تشكك التلاميذ وقت الصلب ... فتبددوا جميعا بين الإختباء والنكران والخيانة .... أهل ثمة إيمان بين أولئك الأشد إلتصاقا بالسيد الرب آنذاك ؟؟؟ ثم يحدث التشدد بعد القيامة ... فيجاهرون أمام ولاة وملوك مقدمين حياتهم كذبيحة حب وشهادة حية .... فهل هذا الذى حدث يفوق الطبيعة ؟؟؟؟ وهل شك التلاميذ جميعهم كان حائلاً دون إتمام المعجزة ؟؟!!!!!!!!!!!! فالقيامة وحدها أحدثت التغيير .... ولم يكن تشككهم وإنصرافهم عنه حائلاً لعدم إتمام ظهوره المعضد
 
فيما بعد .... تلك الظهورات التى كانت العامل الأول فى تثبيتهم .....
 

ما أستخلصه من هذا أن العملية ليست هى نمطية والا هى سلوكيات موحدة بترتيبات طقسية معينة تضمن إتمام المعجزة
 
وهو مايدعونا للتفكير ... فى ماهية المعجزة وأسبابها وأهدافها ؟؟؟؟؟

 
 
 
يقول.. (ريتشارد ل . بورتيل ) فى الصفات المميزة للمعجزة - ويتفق معه الكثيرون  ...  أن المعجزة هى خرق للمسار الطبيعى للطبيعة  ... من قبل قوى الله . بشكل مؤقت ... وإسثنائى .. لغرض إظهار عمل الله فى التاريخ
 
وهنا تثار العديد من التساؤلات ... هل المعجزة هى خرق للمسار الطبيعى للطبيعة أم هى خرق لمفاهيمنا عن هذا المسار ؟؟؟

بمعنى هل لإننا نجهل الأمر فصار حدوثه بالنسبة لنا فائق لإستيعابنا وعليه قررنا إنها معجزة ؟؟ فمثلا قد يجهل البعض إنه يمكن للحديد أن يطفو .... هذا حينما يرى حديداً طافياً...  فبالنسبة له قد كسرت نواميس الطبيعة وتحقق العمل الاعجازى
 
 
كما قد يجهل أحدهم أن مغناطيسا هائلاً يمكنه أن يجذب قطعاً من الحديد ... وعليه تتحقق لديه المعجزة إذا حدث الأمر .........ا الآن  أتذكر  موسى النبى ( خر 7 ) .. وكيف أتم من المعجزات ما لم يعجز السحرة وعرافوا مصر على إتمامها .... و عليه يمكننا التقرير أن إتيان ظواهر غير معتادة تبدو خارقة للطبيعة لا يشير بحال إلى عمل الله الإعجازى
 
 
 
. فمثلاً لو أخترق أحدهم حائط ...فهذا تناقض للطبيعة .. قد يراه البعض إنه حقق معجزة ولكن ماذا بعد ؟؟؟ إن الله لا يحقق تناقضات فى الطبيعة وانما معجزات هادفة وعليه يلزمنا البحث عن دليل أخر  لمعرفة ما إذا كان هذا العمل من الله أم لا ...... بخلاف  قاعدة إن المعجزة إستثنائية ومؤقتة .....
 
المعجزة هى مؤقتة .واستثنائية ... ليست عمل يتسم بالثبات والاستمرارية ... ولا مثلما يعتقد البعض إنها ناتجة عن حدوث طفرة ما فى الطبيعة كالطفرات التى غيرت شكل الأرض مثلاً .... وإنما هى مؤقتة تحدث مرة.. لهدف معين ... ثم لا توجد أيضاً بعد ذلك ...... فمثلاً أن يمشى بطرس على الماء مع الرب ( مت 14 : 29 )  هو عمل إعجازى ... مؤقت ... أما أن يستمر بطرس مالكاً لهذه الطبيعة التى تجعله مستمراً فى القيام بنفس الفعل ( المشى على الماء ) فهو ما لم يحدث  ... كما إن الأمر  لم يتكرر مع بطرس أو سواه ربما إستلزم الأمر إعلاناً إلهياً فى بعض الأوقات عن برارة أحدهم فأعطاه نفس الخاصية .... التى أعطاها فى السابق لبطرس ... ولكنها تبقى أيضا مؤقتة وإستثنائية .... لا تتوقف على إرادة الشخص ذاته وإنما على قوى ربما هو ذاته يجهل ماهيتها .... وهنا تتحقق المعجزة ... ليس فقط بالنسبة للأخرون وإنما أيضا له ذاته .... فالمريض الذى يتحقق له الشفاء هو عاجز فى حقيقة الأمر عن إدراك ما حدث ... ولا يد له وإنما هى تلك القوى العليا التى تفوق حدود إدراكه
 
 
وإنى لأقول أن المعجزة على ذلك ستتحقق لا محال .... وإنما آرى إنها لا ترتكن لثوابت ... حتى الإيمان الذى أكد الرب على ضرورة وجوده قد يتغاضى عنه إذا توجب إحداث المعجزة لتعضيد مثل هذا الإيمان ...
 
فالمعجزات هى  رسالة موجهة من الله .... لتقرير حقيقة ما ... وعليه إذا خلت الظاهرة التى تبدو معجزة من الرسالة فلا أعتقد إن ثمة معجزة حدثت ...... فربما يحدث طوفان ليقرر الله حقيقة إنه الخالق وإنه كما يمتلك القدرة على العمل يمتلك نفس القدرة على الهدم .... الرسالة ربما لا تفيد الشخص بذاته فمثلا الهالكون فى الطوفان لم يستوعبوا تلك الرسالة وإنما أستوعبها نوح وأهل بيته .... وأستوعبتها الاجيال المتعاقبة
 
 
 
وعليه يلزمنا دوماً البحث عن أهداف وراء ما يعلن إنه إعجازى ... إذا تحققت من وراءه فائدة كان هو عمل الله وإن لم يتحقق فهو للبلبلة والتشويش فرئيس سلطان الهواء  ( اف 2 : 2 ) هو قادر أيضا على إحداث بعضا من الامور الخارقة
 
أيضا أعطيت المعجزات للمؤمنين .... لتأييد رسالتهم ... وهكذا نرى أن المعجزة أنتشرت على مستوى الأنبياء قديما والرسل وما بعد عصر الرسل
 
 
 المعجزة تؤيد الصلاح وتمجد الله فكيف لمعجزة ان تحدث من الله يخلفها شر ..... او كيف لمعجزة تؤدى بنا إلى عكس ذلك ( عكس تمجيد الله )
 
 
إن المعجزات لا تحدث إعتباطاً ..... وهذا مايبرر إن يشفى أحدهم من مرض عضال فى الوقت ذاته الذى تنهى حياة أخر متأثراً بنفس المرض مادام هناك هدفاً من وراء إتمام المعجزة فربما يتوافر الهدف فى حالة بينما ينتفى فى أخرى
 
 
 
ومن هنا أيضاً يبرز منطق  المحبة الإلهية ... وينتفى ما يزعمه البعض من أن مثلا إتمام الشفاء لمريض  هو دليل محبة الله ..... لأنه وإن كان قد أقام لعازر بعد أن بكى عليه .. حتى أن  قال اليهود .. أنظروا كيف كان يحبه (يو  11 :  36)
 
 
 
ولكن المعجزة ليست هى الضمانة أو الدليل على المحبة .... لأنه وإن كان كذلك لأنتفت إذن  محبته للمعمدان إذ تركه للسجن وقطع الرأس !!!!!!!!!!!... دونما تدخل منه ...... وعليه فبماذا نجيب عن التساؤل ألم يكن يحب القديس المعمدان ؟؟؟؟؟ !!!!!!!!!!!!!!!ا
 
والآن ختاماً إليك هذه التساؤلات التى ربما لا يملك الرد عنها غيرك
 

هل  ونحن بصدد الذهاب إلى أحد الأديرة لنوال بركة من أجساد القديسين ... أو ماشابه ... - حينما نتزاحم كلما رأينا متسع مكانى فى تسابق وتبارى واضح لإنجاز وإتمام ما أتينا من أجله ( نوال البركة )  - يتهيأ الجو الملائم لإتمام معجزة ما؟؟؟؟ ... ألم يقل الكتاب كل شىء بلياقة وحسب ترتيب ( 1 كو 14 : 40 )كلنا نعلم بالطبع إنه كانت الجموع تزحمه فى ذلك الزمن .... البعض للفرجة والبعض بغية تحقيق مطلب ما والبعض للتشكيك فى قدرته الربانية .... والآن .... لماذا نزحمه ؟؟ هل للتفاخر ببرارتنا ... أم للتأكد من محبته الفائقة والتى نفينا أن المعجزة لا تدلل بحال عليها .... أم تشككاً فى قدرته ... أم لإعلان أن مصلحتنا هى الأعلى وإننا سنصل حتى لو كنا فى سبيل الوصول سندهس العديد من الضحايا مسحوقين تحت أرجل تصلفنا الأعمى وآنانيتنا المقززة ؟؟؟؟؟؟ ألا يعد تشكيك فى قدرته الفائقة .. وإرداته العظيمة ان نربط المعجزة بمكان ما ونقاط للوصول ؟؟ فهل الله لو ارتآى الحاجة للمعجزة ... فهل لن يتممها لشاول الطرسوسى فى طريقه ويحوله الى بولس العظيم ؟؟؟ وهل لو ارتآى ان هناك حاجة للمعجزة ألن يمكنه الذهاب الى السامرية قاطعاً نصف المسافة وملتقياً معها  
 
 
هل المعجزة تناقض لإتمامها هذا الترتيب .وتلك اللياقة ؟؟؟ ... أم إن المعجزة هى إخلال بالروحيات ؟؟؟ ...... حتى إننا ننشد اللجوء إلى عمل صفقات وهمية مع السماء .... وكأنى دفعت ثمن المعجزة حينما ألححت فى طلبها بشكل يفتقر للروحانية ؟؟؟
 
  بل كيف يقول الكتاب " مقدمين بعضكم بعضاً فى الكرامة " ( رو 12 : 10 )
 
 
ثم تحدث المعجزة وتهبنا السماء بركات ونحن ندهس  بعضنا البعض ؟؟!!!!!! كم من مرة نضحت بعض الصور فى الكنائس والبيوت بعضاً من قطرات الزيت .... وكم مرة هرولنا إبتغاء الحصول على بركة ما ... أو فلنقل معجزة تغير مسار حياتنا ... وماذا بعد ؟؟؟؟
 
الحقيقة إننى أتجاوز لأعلن أن السماء وإن أمطرت مثل هذه المعجزات التى يرددها البعض ولكن دون تغيير واضح فى حياة الفرد والمجتمع فانها انتفت الرسالة والهدف وصارت المعجزات هى ظواهر ربما أحيانا خارقة لمفاهيمنا وتفوق إدراكنا للأمور .......وإنما بلا جدوى ... فصارت كتلك التى فعلها سحرة وعرافو مصر أيام موسى النبى ....
 
 
فإن اتفقنا إن كل  معجزة هى تمس النفس سواء كانت معجزة شفاء من مرض جسدى ... فهى تهدف أيضاً لتحويل الحياة الروحية للأفضل ....والإرتقاء بالنفس
 
فإننا بحاجة ماسة لحدوث معجزة كبرى داخل النفس البشرية .... تلك المعجزة التى تجعل البشر يحيون فى حياة محبة ... مقدمين بعضهم بعضاً فى الكرامة ... محبين لبعضهم مايحبون لأنفسهم ....يئن عضو فيتداعى الجميع فى أنين ووجع حقيقى لآجله .....  فى إرتقاء بطبيعتهم البشرية كيفما خلقها الله
 
تلك هى المعجزة الكبرى التى أتمنى أن يلح جميعنا فى طلبها بلجاجة واضحة .....
 
 والتى أرى الحاجة إليها قصوى ..... والتى آرى جميعنا يفتقر إليها

 




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :