جديد الموقع
سقوط الإسلاميين فى أول اختبارات السياسة!
توصلت الحضارة الإنسانية عبر رحلتها الطويلة إلى صعوبة، إن لم يكن استحالة، الربط بين الدين والسياسة، وذلك اعتماداً على منطق عدم إمكانية ربط الثابت - وهو الدين - بالمتغير، ألا وهو المقتضيات السياسية وما تفرضه من تغيير دائم فى المواقف.
ومع قيام ثورة ٢٥ يناير وخروج التيار الإسلامى من العمل السرى والدعوى إلى العمل السياسى المعلن، وبالرغم من مرور شهور قليلة، إلا أن كل الاختبارات والامتحانات التى مر بها التيار الإسلامى أكدت فشل هذا التيار فى التعامل مع الظروف السياسية، وأظهرت، بما لا يدع مجالا للشك، استحالة دخول الدين فى السياسة.
فى التيار السلفى، يبدو مسلسل الشيخ حازم أبوإسماعيل كوميديا عبثية جعلت الشيخ يبتعد عن ثوابت الدين، ويرتكز على متغيرات السياسة، فراح يتمسح فى نواقص قوانين وضعية ليرتكن عليها، ليس فى الإجابة الصادقة عما إذا كانت أمه حملت الجنسية الأمريكية أم لا، لكن فى موضوع فرعى هو: هل يوجد لدى الداخلية أوراق تثبت جنسية أمه الأمريكية؟ وحصل على حكم غريب، فحواه أن تعطيه الداخلية شهادة بأنه لا يوجد فى سجلاتها ما يؤكد أن أم الشيخ أمريكية، وهى بالطبع إجابة سياسية وليست دينية.
الأخطر أيضاً أن الشيخ اعتمد على إحدى الأدوات السياسية، ألا وهى جماعات الضغط التى تستخدم أساليب تتسم بالغوغائية بعيداً عن الأساليب الدينية السمحة، التى يعتمد فيها الشخص على ناموس العدالة الإلهية، حتى لو لم تنصفه المحاكم الدنيوية.
التيار الإخوانى على الجانب الآخر أكد فى جميع المواقف التى مرت بها مصر أنه يتعامل كفصيل سياسى يبحث عن مصالحه بعيداً عن الإطار الأخلاقى المفترض أن يكون الصورة المعبرة عن رجال دين ودعوة.. فمنذ اللحظة الأولى التى تشكلت فيها اللجنة المثيرة للجدل التى رأسها المستشار طارق البشرى، وحركتها أجندة الإخوان، كان واضحاً تماماً أن القضية ليست ديناً، لكنها قضية الاستيلاء على دولة!
كل ما التزم به الإخوان فى المجال السياسى عادوا وانقلبوا عليه، وفعلوا عكسه تماماً، وبصورة الشخص الذى إذا وعد أخلف، بعيداً عن كل الثوابت التى يدعون إليها على المنابر وفى وسائل الإعلام، وبالطبع فكلكم تعرفون مواقفهم مع الثورة ومع باقى الأحزاب ومع المجلس العسكرى، وأخيراً مع كل الشعب، عندما خرجوا يوم الجمعة فى محاولة لإظهار أنهم يدافعون عن الثورة، والكل يعرف أنهم يدافعون عن مرشحيهم اللذين دفعوا بهما ليحصدوا منصب الرئيس.. مهما كانت العواقب، بما جرجرنا إلى حالة سائلة جديدة لا نعرف إلى أين ستقودنا!
الحقيقة أن الدين أبيض طاهر، والسياسة رمادية انتهازية، ولا أعرف من ذلك العبقرى الذى يستطيع أن يجمعهما فى بوتقة واحدة، فهذا الشخص، إن وجد، لا يمكن إلا أن يكون حاوياً من هؤلاء الذين يستغلون نقص الخبرة والدراية والانتباه من الناس ليمرر من بينهم ما يريده رغم كونه غير حقيقى.
حتى إيران الشيعية، التى تملك إماماً واحداً، له الكلمة الأخيرة فى أى فتوى يمكن أن تصف موقفاً ما، لم تنجح فيها الدولة فى تحقيق هدف شعبها فى الحرية والعدالة والرخاء والمساواة، وصار الناس يترحمون على أيام الشاه التى قامت عليها الثورة، فما بالك فى دولة سنية يرى كل شيخ فيها أن له حق الفتوى وحق التحريم والتحليل دون الاحتكام إلى المرجعية التى أنشأها السلف الفاهم لتوحد الأحكام والفتوى (الأزهر ودار الإفتاء)؟
مصر لن تتقدم بحكم الشيوخ ولا الذقون ولا العمم ولا الكابات ولا الرتب، مصر يمكن أن تتقدم عندما يحكمها مدير حقيقى له رؤية تنموية واضحة مصوغة فى صورة مشروع حقيقى للنهضة بلا مبالغة ولا شطط، دون أن يكون أساس هذا المشروع هو الاعتماد فقط على القوة الإلهية، فهذه القوة لم تنصر المسلمين الأوائل فى غزوة «أُحد» أو غزوة «حنين» لأنهم لم يأخذوا بالأسباب.
علينا أن نعرف وأن نتأكد أنه يستحيل ربط الثابت النقى مع المتغير الرمادى، لذا فدعونا نبعد الدين عن السياسة حتى لا نفقد الاثنين!
نقلاً عن المصري اليوم
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :