الأقباط متحدون | بعد سنة على حظر النقاب..كيف تعيش المنقبات في فرنسا؟
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٨:٣٦ | الاربعاء ١١ ابريل ٢٠١٢ | ٣برموده ١٧٢٨ ش | العدد ٢٧٢٧ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

بعد سنة على حظر النقاب..كيف تعيش المنقبات في فرنسا؟

DW.DE | الاربعاء ١١ ابريل ٢٠١٢ - ٥٧: ٠٦ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

 عندما صدر في فرنسا قانون يحظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة، كان الهدف هو تحقيق المساواة بين الجنسين وحماية حرية المرأة واستقلاليتها، ولكن وبعد عام تجد بعض المنقبات أنفسهن مقصيات من الحياة العامة وحريتهن أكثر تقييدا!


في إحدى ضواحي باريس الشمالية تلاعب مبروكة ابنتها ذات العامين في شقة، أضحت لا تفارقها إلا نادرا ولقضاء حاجياتها اليومية. وتعد مبروكة، ذات الثلاثين عاما، واحدة من نحو ألفي امرأة في فرنسا ترتدين النقاب، الذي أصبح ارتداؤه في فرنسا منذ سنة محظورا بحكم القانون. ولا تخرج مبروكة إلى الشارع إلا لقضاء بعض الحاجيات في المتاجر والمحلات القريبة من بيتها مرتدية النقاب. وتخاطر كل مرة بدفع غرامة مالية قدرها 150 يورو أو بأن يفرض عليها حضور دروس في الاندماج. وتقول مبروكة إن الشرطة تغض النظر عندما تكون ابنتها برفقتها، ولكنها تروي أيضا أن البنك، الذي تجري فيه معاملاتها المالية، قد طلب منها عدم الدخول إليه وهي مرتدية النقاب، الأمر الذي دفعها إلى توكيل زوجها على حسابها البنكي.
 
وقد صادقت حكومة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي اليمنية المحافظة في 11 من أبريل / نيسان عام 2011 على قانون يحظر النقاب على أمل تحقيق المساواة بين الجنسين ودعم الأمن وحماية كرامة النساء. ولكن بالنسبة لتلك النساء اللواتي لا زلن متمسكات بارتداء النقاب فقد أصبح منذ ذلك التاريخ العكس ينطبق عليهن، فمبروكة مثلا، التي لا تريد نشر اسمها العائلي، تؤكد، أنها فقدت الكثير من حرياتها وأصبحت الآن تعتمد في الكثير من الأشياء على زوجها منذ دخول قانون حظر النقاب حيز التنفيذ. وتقول في حديث مع DW: "الآن أصبحت في تبعية كبيرة". وتضيف: "قبل زواجي كنت أعمل لمدة خمس سنوات. كنت حينها أيضا أرتدي النقاب وأستخدم المواصلات العمومية وأقوم بسفرات طويلة، كما كنت أخرج مع أصدقائي والآن أصبح يتعين عليّ أن أقضي وقتي داخل شقتي ولا شيء آخر."
 
نقاشات كثيرة وجدل حاد والمعنيات قليلات
 
وعلى الرغم من أن الحظر قد أثار نقاشات كثيرة وجدلا حادا، إلا أن عدد النساء المعنيات بهذا الحظر قليل جدا. ووفق بيانات وزارة العدل الفرنسية فإن عدد الحالات، التي سجلت خلال الأشهر الست الماضية لنساء منقبات استوقفتهم الشرطة، لم يتعد 100 حالة، ولم يتم إحالة إلا 10 بالمائة منها على القضاء. من بينها قضيتا هند أحماس ونجاة نايت علي، اللتان أجبرتا على دفع غرامة مالية قدرها 120 يورو و80 يور عندما استوقفتهما الشرطة بالقرب من بلدية مو الواقعة شرقي باريس. وكانتا حينهما في طريقهما إلى رئيس بلدية مو جون فرانسوا كوب ليحملا إليه كعكة بمناسبة عيد ميلاده. ويعتبر كوب مهندس قانون حظر النقاب في فرنسا. وترى كل من أحماس ونايت علي أن هذا القانون يتضارب مع الحرية الشخصية وحرية المعتقد، مشددتان على أنهما سيلجآن إذا اقتضى الأمر إلى المحكمة الدستورية الأوروبية.
 
ولكن ما يثير غضب الأغلبية العظمى من المسلمين في فرنسا هو قانون دخل حيز التنفيذ عام 2004 ويقضي بحظر كل الرموز الدينية في المدارس، وهو قانون يشمل التلميذات والمدرسات، اللواتي يردن ارتداء الحجاب. وتعيش في فرنسا أكبر نسبة من المسلمين في غربي أوروبا، حيث يشكل المسلمون 9 بالمائة من إجمالي السكان البالغ عددهم نحو 65 مليون نسمة. وينحدر غالبية المسلمين الفرنسيين من أصول مغاربية، أي من الجزائر والمغرب وتونس. والمهاجرون عادة ما يواجهون صعوبات إزاء المبدأ اللائكي (العلماني) المتبع في فرنسا والذي يقضي بفصل الدين عن الدولة والحياة العامة.
وتنحدر الوزيرة المحافظة السابقة المكلفة بشؤون المدينة، فضيلة عمارة من أصول جزائرية، لكنها تصف النقاب على أنه "قبر ورعب لتلك اللواتي يسجنَّ فيه". ولكن حتى في صفوف المعارضين لساركوزي فإن عدد الذين يطالبون برفع الحظر عن النقاب في الحياة العامة قليل جدا، ذلك أن فصل الدين عن الدولة هو من المبادئ القليلة التي لا تزال تربط بين تيارات اليسار السياسي في فرنسا المنقسمة. وبالتالي فإن نورة جاب الله، رئيسة المنتدى الأوروبي للنساء المسلمات، لا تعتقد أن الوضع سيتغير عما هو عليه في حال فاز مرشح الاشتراكيين فرانسوا أولوند بالانتخابات الرئاسية بعد أقل من شهر من الآن. وتقول جاب الله لDW: "فرنسا حساسة فيما يتعلق بالجالية المسلمة فيها، لدى الناس مخاوف من أولئك الذين يصفون أنفسهم بالمسلمين ويصنعون القنابل، من أولئك العنيفين، على الرغم من أن عددهم قليل جدا."
 
هل يغذي النقاب المخاوف من التطرف الإسلامي؟
 
وقد زادت هذه المخاوف الشهر الماضي عندما قتل أحد الموالين لتنظيم القاعدة الإرهابي سبعة أشخاص، من بينهم ثلاثة أطفال، الأمر الذي أدى إلى حملة أمنية ضد الإسلاميين في شتى أنحاء فرنسا. وتقول جاب الله: "ما لا مجال فيه للشك فإن هذا الشخص لم يفهم ما قاله الله". وتضيف: "لم يكن أبدا في حياته جزءا من الإسلام والمسلمين. لقد اتبع بين عشية وضحاها الإرهاب ونحن طبعا ندين أفعاله غير الإنسانية بأشد معاني الإدانة." وتعمل جاب الله بجد على مكافحة الأحكام المسبقة ضد المسلمات ومد جسور بين ما ينظر إليه على أنه تناقضات. وعلى الرغم من أنها لا ترتدي النقاب إلاّ أنها تنظر إلى القانون الذي يحظره بعيون ناقدة. وتؤكد أنه "لم يساهم في تحرير المرأة بل على العكس فقد ساهم في دحر المنقبات إلى حافة المجتمع". ولكنها تدعو المسلمين في جميع أنحاء أوروبا إلى تطبيق دينهم الإسلامي بشكل يتلاءم مع الإطار الغربي." "لا أنصح المسلمات في أوروبا بإخفاء وجهوهن وراء نقاب، لأن كل من تحجب وجهها بهذه الطريقة تعزل نفسها عن المجتمع. (النقاب) يخلق حواجز ويحول دون مشاركة النساء في الحياة العامة."
 
وفي الواقع تشعر مبروكة في ضواحي باريس بإنها قد أصبحت مقصاة من الحياة العامة، على الرغم أنها لا تتناسب مع الصورة النمطية عن المرأة المضطهدة. فقد ولدت في مدينة ليون لأبوين تونسيين وتعمل كمدرسة خصوصية بنصف دوام. كما أنها حصلت على شهادة جامعية في اللغة العربية والتاريخ وحصلت على تأهيل إضافي في تدريس الفرنسية كلغة أجنبية. وقد قررت قبل سبع سنوات ارتداء النقاب كرمز لتدينها. وتؤكد أنه لا علاقة لزوجها بهذا القرار وأنها تعرفت عليه بعد اتخاذها قرار ارتداء النقاب. وعلى الرغم من أنه لم يتم حتى الآن تسجيل أي حالة لشخص أرغم زوجته على ارتداء النقاب، فإن القانون يقضي بتسليط غرامة مالية على من يجبر زوجته على ارتداء النقاب تصل إلى 30 ألف يورو.
وعلى الرغم من أن مبروكة تعترف أن الأمر قد يبدو للوهلة الأولى غريبا أن يقبل المرء بتضييق حرياته مقابل قطعة قماش. ولكنها تشدد على أن "المجتمع الفرنسي هو الذي قيد حريتها وليس دينها." واليوم وبعد أن عاشت التضييقات التي جاء بها قانون حظر النقاب لمدة سنة كاملة، تفكر مبروكة في الرحيل عن فرنسا، البلد الذي ولدت فيه، والعيش في بلد آخر.
 
"لا أريد أن أقضي بقية حياتي هنا، أريد الرحيل لأني لا أريد العيش بهذا الشكل. ولكن في الوقت الحالي من الصعب علي اتخاذ أي قرار، لأنه يتعين علي أيضا في أوروبا أن أتقن لغة البلد الذي يمكن العيش فيه. والوضع في العالم العربي في الوقت الحالي متوتر. بلجيكا مثلا بلد يتكلم الفرنسية ولكن هناك أيضا قانون يحظر النقاب. في الوقت الراهن أشعر وكأنني في شراك لا أستطيع الخروج منه".




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.
تقييم الموضوع :