الأقباط متحدون | كنت في الهيكل.. تأملات في أحد الشعانين 2012
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٤:٥٦ | الأحد ٨ ابريل ٢٠١٢ | ٣٠ برمهات ١٧٢٨ ش | العدد ٢٧٢٤ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

كنت في الهيكل.. تأملات في أحد الشعانين 2012

بقلم- Oliver | الأحد ٨ ابريل ٢٠١٢ - ٠٧: ٠٨ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

 المرأة الأمينة والتلميذ الخائن..

سكَبَتْ الطيب... سكبتْ الطيب على من يعطي الأطياب رائحتها الذكية.. سكبت الطيب لأجله اليوم وهو سينسكب بعدها لأجلنا.
 
الطِيبُ لا ينال رضا السارق الخائن، والكهنة المنحرفين، ورؤساء الكهنة الضالين. لا يعجبهم مانح الكهنوت، والكتبة والفريسيون يرفضون تعليم المعلم الصالح.
 
يغتاظ السارق لأجل ثلاثمائة دينار ثم يرضى بثلاثين من الفضة، ثمن هلاكه، وينزوي إلى الأبد بخزيه.
 
تسكب المرأة طيبًا غال الثمن، فيسجل المسيح كرامتها في بشارته المفرحة، ويبقى إلى الأبد ذكرها.
 
يدخل المتعطر بالطيب "أورشليم" راكبًا على سحابة.
 
لقد كان أهم من الأطياب هو الإتضاع الذي أظهرته المرأة، والحب الذي ملأها. لقد قبل منها الرب القدوس مشاعرها القلبية المخلصة قبل أن يقبل منها الطيب. دائمًا يقبل الرب يسوع الدموع والمسوح، وهو قرن المذبح الذي به يتمسك المحكوم عليهم.
 
كما يضع الكهنة البخور على المذبح هكذا وضعت المرأة الأطياب على المسيح، وهو مذبحنا وذبيحتنا. ولأن محبته فاضت وهو قد ارتضى أن نكون هيكلاً؛ فها رائحة المسيح الذكية قد فاحت في الهياكل، هياكل القديسين، وملأت أرجاء المسكونة، وصارت لنا رائحة الحياة للمسيح، الحياة لحياة، بعد أن كان الموت يفوح منا، وكنا رائحة موت لموت.
 
عطرتك المرأة بالطيب وأنت عطرتنا برائحتك السمائية. هي وضعت ناردين وأنت سكبت علينا روحك القدوس. هي مسحت قدميك وأنت غسلتنا بجملتنا. هي جاءت في ضعفها ومسكنتها وأنت أيضًا جئتنا وديعًا متواضع القلب.
 
لذا أعجبتك لأنها شابهتك، ومدحتها، وفي مدحها مدحت كل الودعاء ومتواضعي القلب مثلك.
 
معطر باللبان وبكل أذرة التاجر حبيبي لي. أين نحن من تجارة رائحة الحياة فننشرها ونقدمها بمهارة للراغبين في المسيح؟.
 
لقد امتدح الرب هذه التي أرادت أن رائحة المسيح تفوح حيثما حل بشخصه المجيد. أليست هذه المرأة كارزة؟.. كرازاتها إعلان حضور المسيح. لذا لم يخذلها، ووضع خبرها ضمن بشارته، فتكون بشارته هي شخصه، وتقدم أيضًا نماذج للمبشرين بشخصه.
 
سكيب الطيب أيضًا عهد جديد؛ لأن الطيب المسكوب هو انكسار أمام المسيح. الطيب المسكوب يستحيل أن يعود لحالته الأولى حين كان منغلقًا على نفسه في قارورته، وهكذا الذي يفتح قلبه وينسحق  أمام مخلصنا ويعيش العهد الجديد مع المسيح.
 
بينما كان يحسب التلميذ الخائن مقدار الأخذركانت المرأة الرائعة لا تحسب مقدارًا للعطاء. 
 
كنت في الهيكل وقت دخول الملك
دخل العالم طفلًا لا يجد مضجعًا، ودخل "أورشليم" ملكًا يكادوا أن يحملونه علي الأعناق، حتى أنه لم يلمس الأرض لأنهم فرشوا قمصانهم ليمشي عليها.
 
نعم، إن شئت تضع نفسك، وإن شئت ترفعها..
سأله الشعب أن يصبح ملكًا، وسألته أم إبني زبدي أن يجلس ولديها عن يمينه وعن يساره، وسأله التلاميذ أن يسكت الأطفال المرحبين بقدومه. 
 
عند قدومه تكثر الأسئلة.
وبقيت أنا أشاهد في خجل في أحد أرجاء الرواق الذي بناه "سليمان" ورممه "هيرودس". كنت أسمع صوته وهو يرمقني.. نظراته تخترق الكيان كله. نظراته فاحصة حتى الأعماق. كانت تكشفني. بينما ظننتني أتوارى عنه، وهو فاحص الأستار، كنت لم أزل بعيدًا جدًا عنه ومع هذا كنت أشعر أنه بجواري جدًا، بل فوقي. كانت أنفاسي تتصاعد مشحونة برهبة، وكنت كمن يريد أن يتلمس حضنًا يتوارى فيه.
 
رأيت شيخًا يمرق مستنير الوجه، يهتف في فرح، يهتف راقصًا: "ابتهجي يا ابنة صهيون هوذا ملكك قد أتاك راكبًا على أتان".. لعله "زكريا" النبي.. لم أره من قبل ههنا، لكنه يردد ما قال النبي.. كان الرجل يظهر ويختفي حتى ظننتني أتوهم، لكن نورًا من الملك الداخل الهيكل كان متصلاً بوجه الشيخ، هل كان "زكريا" يعرف أنه مستنير بالمسيح؟
 
كان صوت الدراهم وصليل العملات يعلو فوق كل الأصوات. كنت أريد أن أستوضح صوت الملك، لكن صوت المال أعاقني، وضجيج الذبائح ينشر رائحة كريهة بالمكان. ورغم مذبح البخور المتقد اليوم والليل بتواصل، إلا أن روائح الغنم والبقر قد أفسدت كل شيء. ذبائح الناس أفسدت الحقيقة. فالمطلوب ذبيح سماوي. لا تمد يدك يا إبراهيم على الغلام لأن الرب لا يطلب منا ذبيحة بل هو قد أعد ابنه ذبيحة.
 
لم أر ماذا حدث بالخارج لأنني كنت بالداخل، لكنني سمعت هتافًا عظيمًا. كانوا يدعون للملك ويرحبون بالملك، لكنهم أبدًا لم ينطقوا باسمه؟ قالوا عنه "ابن داود"، قالوا أنه "الملك الآتي باسم الرب"، قالوا "أوصنا", ولكنهم لم يقولوا عنه يسوع المسيح، مع أنه دخل الهيكل كيسوع أي مخلص.
 
هذا الشعب لا يعرف اسمه بعد.. 
كنت أريد أن أقترب منه أردد اسمه. كنت أريد أن أقول له أنا أعرفك. المعمدان قال لي عنك. هو أيضًا لم يكن يعرفك لكنه عرفك فيما بعد. وأنا واقف قريبًا من الرواق الذي تشرّب من دماء "زكريا بن برخيا".
 
فيما كان الهتاف يتصاعد من الخارج رأيت خمسة وعشرون رجلاً ظهروا فجأة أعطوا ظهورهم للهيكل واتجهت أبصارهم نحو باب المشرق حيث يدخل الملك.. (حز16:8)، وكانوا يلوحون بشيء في أياديهم لم أستطع أن أميزه، ربما كان في أيديهم كتاب؟ أو لوحة؟ أو عصا أو سيفًا؟.. كانوا كمن ينادون الشمس، ما أدركوا أن الشمس يمكن أن تدخل أيضًا من باب الهيكل.
 
سمعت هرجًا وتصفيقًا، فأدركت أنه على وشك الدخول. ثم سمعت موائد تنقلب كما انقلبت منذ شهور أيضًا. رأيت الحمام يطير حول كل مكان...ما هذا كله؟ هل أطلقوا كل الحمام احتفالاً بملك السلام؟ ليتهم فعلوا ذلك بمرضاتهم، ولكن المخلص فعل ذلك بنفسه كما عرفت فيما بعد.
 
كان صوت الأطفال يؤرّقهم، فانتهروهم وصاحوا في المعلم كي يسكتهم.. ما أدري أن هكذا يتوبخ الحكماء من البسطاء! ما كنت أستوعب كيف تخزي بساطة الإيمان عبقرية الفلاسفة، وكيف تهزم البراءة كل الألاعيب القديمة الأيام.
 
سمعت قولاً ما سمعته من قبل، حين رد معلمنا الصالح يسوع "ولو سكت هؤلاء فالحجارة تصرخ"، ولكن هؤلاء لم يسكتوا. تشجع الأطفال وصاحوا، ورأيت رضيعًا يتهته مثل بقية الأطفال وهو يلوح للمسيح. هؤلاء الأطفال ما كان يهمهم مملكة ولا كانوا يبحثون عن ملك. ما كانوا يهتفون ضد أحد ولا لإغاظة أحد. من يهتف كالأطفال؟؟؟
 
هؤلاء يهتفون فقط لأنهم شعروا بحب المسيح، هو الذي كلما قابل طفلاً كان يحتضنه أو يداعبه أو يشجعه. كان يبارك الأطفال ويشبعهم مع الكبار، هو النبي الوحيد الذي لم يتجاهل الأطفال ولا اعتبر عمله النبوي مقصورًا على الكبار.
هو الملك الوحيد الذي فضل الأطفال عن الكبار.
هو الكاهن الوحيد الذي صنع الخلاص بطفولته وصباه وشبابه.
هو الرب الوحيد الذي اضطجع كطفل وعاش كطفل وكبر كالأطفال.
لقد قدس المسيح الطفولة فصارت مشتهى المؤمنين.
 
هل نهتف كالأطفال؟ فهم يهتفون لمن يحبهم. ونصلي كالأطفال؟ فهم يصلون لمن يحبونه. ونفرح كالأطفال؟ فهم يفرحون بالمسيح شخصيًا. ونحزن كالأطفال؟ فهم يحزنون ولا يحقدون. ونؤمن كالأطفال؟ فهم يؤمنون ويعاينون ملكوت الله. ليتني أفعل هذا يا سيدي وأنال رضاك. لأنه لم يكن هناك أحب من هتاف هؤلاء الأبرياء الخالين من المطامع، غير المتوقعين منصبًا أو مكسبًا. يكفيهم أن ينظر إليهم بعينه الحانية، يكفيهم أن يربت على رؤوسهم بحنانه البالغ وحبه العميق. الأطفال كالقلوب تشعر بنبض القلوب الأخرى.
 
لما رأيت تشجيعه للأطفال تشجعت. هممت أن أخرج من الهيكل لكنني ما استطعت، إذ منظر الرجال الذي ظهروا فجأة أدهشني. لماذا أعطوا ظهورهم للمذبح؟ هذا ليس عاديًا. أنا أقدس المذبح ولا يمكن أن أعطه ظهري. ولماذا هم صامتون؟ لم يقل واحد منهم كلمةً؟ 
 
ثم رأيت في كل ركن كتابات مكتوبة. كل ما عملته الكهنة مكتوب هنا.
كل رجاسات دخل الناس بها مكتوبة هنا.
تاريخ الظلم وتزييف القضاء مكتوب أيضًا. رأيت رجلاً ينقب في الحائط. مهموم هو هذا النبي، لعله "حزقيال" (حز 8).. لم يأخذ وقتًا طويلاً، بل بسرعة أخرج من الحائط مجلدًا طويلاً، تاريخ المظالم عليه، ومحاباة الأغنياء في الهيكل، ونفاق الكهنة للرؤساء، جهل الشعب ورياء الكتبة، حروب غير مقدسة وخصومات مكروهة، كان المجلد طويلاً طويلًا. انتزعه النبي وخرج لتوه لعله يسلم الملك الآتي باسم الرب كتاب رجاسات الإنسان، لعله اعتراف منا بالحقيقة.
 
في أحد الأركان رأيت أشكالاً غريبة، صور أوثان! ما هذا؟ من أدخل الأوثان هنا؟ هل الكهنة صاروا يعبدون الأوثان؟ هذا وثن السلطة وذاك وثن المال وآخر وثن الجميلات والتنين؟ أشكال لم يكن هذا موضعها؟
 
كان الشعب في الخارج يزجر الأطفال وفي الداخل كانت كل الموبوءات ترتع في أركان الهيكل، وأنا كنت في الهيكل أتلوى، كنت أتوجع كالمذبوح، ليس عن تقوى بل عن خوف من عدل الله.
 
أزعجتني عبارة "هوذا بيتكم يُترك لكم خرابًا".. وا أسفاه!.. بيتنا نحن؟ ألم يكن بيتك؟ هل نزعت اسمك عنه؟ وماذا يبقى لنا لو نزعت اسمك عنا؟ ليس سوى نفس الخراب؟
 
أرجوك يا سيدنا لا تنزع اسمك عنا، فأنا هنا لأعتذر. لأستسمحك. لأرجو أن تغفر وتصفح. أنا هنا أطلب هيكلاً جديدًا. أنا هنا لكي أتطهر بلقاءك. بقبولك مخلصًا لي. باتحادي بك كذبيح وكذبيحة. أنا هنا لأنال من روحك عمرًا جديدًا.
 
ظللت أردد هذه العبارات حتى إذا ما دخل الملك الفادي أقولها له بطلاقة.
 
كان يجدر بالشعب أن يتبع الملك حين يدخل الهيكل، وكنت أحمل هم الوصول إليه في الزحام، لكن ويا لغرابة هذا الشعب!! لقد بقي في الخارج يهتف!! يبدو أنه دائمًا يهتف في الخارج!! متى نهتف في أعماقنا؟ فالهيكل خالٍ، والملك وحده لا يستضيفه أحد. كان يجب أن الذبيحة تجد من يستقبلها، والكاهن الأعظم يُرحَبُ به من الكهنة الأصغر، ويطلبون بركته.
 
لكنه دخل منفردًا. دخل وحده الأقداس. كل الشعب كان يلزمه التطهير ليدخل الهيكل أما مسيحنا فهو طاهر في كل شيء ولا يعوقه عائق ليدخل الهيكل ويتقدم بجسارة نحو قدس الأقداس ويضع نفسه على المذبح، لا يضعه أحد.
 
بمجرد رؤيتي له ضاعت مني كل العبارات المرتبة، عيناه لم تدعياني أقول شيئًا مما أعددته، شيئًا لا أفهمه يتغلغلني، ذاتي تنقسم بين تاريخين، دخوله الهيكل أي هيكلي ودخوله الهيكل أي هيكله. لن أشرح شيئًا بعد، كل ما أعرفه أنني كنت هناك، وكان المسيح حاضرًا.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :