لأني أنا الرب إلهك إله غيور
بقلم : السيناريست جرجس ثروت
الغيرة وردت بالكتاب المقدس في كثير من المواضع على أنها شئ حسن كما جاء في أنجيل يوحنا 2 : 17 " فَتَذَكَّرَ تَلاَمِيذُهُ أَنَّهُ مَكْتُوبٌ : " غَيْرَةُ بَيْتِكَ أَكَلَتْنِي " والتعبيرالمستخدم في سفر الخروج 20 :3- 5 " أَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ الَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ الْعُبُودِيَّةِ لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي لاَ تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالاً مَنْحُوتًا ، وَلاَ صُورَةً مَا مِمَّا فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ تَحْتُ ، وَمَا فِي الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ الأَرْض. لاَ تَسْجُدْ لَهُنَّ وَلاَ تَعْبُدْهُنَّ ، لأَنِّي أَنَا الرَّبَّ إِلهَكَ إِلهٌ غَيُورٌ أَفْتَقِدُ ذُنُوبَ الآبَاءِ فِي الأَبْنَاءِ فِي الْجِيلِ الثَّالِثِ وَالرَّابعِ مِنْ مُبْغِضِيَّ " فبالتدقيق في هذه الآيات نري أن الله لا يغار أو يحقد كالبشرعلي شيء ليس له , بل يقصد الأشخاص الذين يصنعون أصناماً ويقوموا بعبادتها بدلاً من عبادة الله وحده , والله يعلمنا في الوصايا العشرالا نعبد أو ننحني لغيره " لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ : لِلرَّبِّ إِلهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ متى 4 : 10 " فعندما يتحدث الكتاب عن غيرة الله علي مايمتلكه علي خاصته وعلي أن السجود والعبادة والتسبيح له وحده.
وربما يساعدنا مثل عملي لفهم الفرق بين النوعين من الغيرة , أن غيرة الرجل علي زوجته من حقه لأنها زوجته فهذا لا يعتبر خطيئة ولكنه رد فعل طبيعي , ولكن تعتبر الغيرة خطيئة عندما تبتغي شيء لا يخصك والتسبيح والحمد والعبادة تخص الله وحده فهو وحده المستحق , فلذا أنه من الطبيعي ومن حق الله أن يغار عندما يقوم الناس بعبادة آلهة أخري , أما عن الغيرة الخاطئة أن نشتهي أو نحقد أو نغار من شخص ما يمتلك شيئاً لا نمتلكه , كما غار أخوة يوسف منه والقوه في الجب وباعوه حسدا , وهكذا صنع اليهود مع السيد المسيح وسلموه حسداً , فعندما نستخدم تعبير غيور فأننا نصف شخصاً حاقد علي شيء لا يمتلكه , فالشخص يمكن أن يغار من شخص آخر يمتلك سيارة أو منزل أفضل مما لديه أو زوجة جميلة , أو ربما يغار الشخص من آخر بسبب مواهب أو قدرات معينة مثل المواهب المختلفة , بل وربما يغار الشخص من آخر أفضل منه في المظهر والشكل .
والتعبير المستخدم لوصف خطيئة الغيرة في رسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية 17:4 ” يَغَارُونَ لَكُمْ لَيْسَ حَسَنًا ، بَلْ يُرِيدُونَ أَنْ يَصُدُّوكُمْ لِكَيْ تَغَارُوا لَهُمْ " وبعدها مباشرة في الآية 18 " حَسَنَةٌ هِيَ الْغَيْرَةُ فِي الْحُسْنَى كُلَّ حِينٍ " ومن كل ما تقدم نستطيع أن نفرق بسهولة بين الغيرة المقدسة والغيرة الرديئة التي تجلب غضب الله , ومن هنا أيضا كان من الخطيئة أن ينسب الشخص المجد لذاته ويقبل أن تمجده الناس على الأرض وهو في الجسد , ولذلك وضعت الكنيسة ترتيباً خاصا بالقديسين الذين ينتقلون أنه بعد مرور خمسون عاماً يعترفون بقداستهم رسميا , ويذكروا في المجمع بالقداس حيث يكون مر عليهم جيل كامل وثبتت قداستهم , ومهما كان الخلاف حول ذلك بالتأييد أو الرفض فهذا هو الحال , أقول لذلك لأن هناك الكثير من مظاهر العظمة وشهوة الكراسي قد بدأت فى الظهور بين الأكليروس والعلمانيين مع أن الكتاب يقول " لَيْسَ التِّلْمِيذُ أَفْضَلَ مِنْ مُعَلِّمِهِ، بَلْ كُلُّ مَنْ صَارَ كَامِلاً يَكُونُ مِثْلَ مُعَلِّمِهِ " لوقا 6 : 40 .
ونحن في طريقنا إلى أحد الشعانين بعد أيام قليلة نتذكر المشهد الرائع للسيد المسيح وهو يدخل أورشليم على أتان وجحش مع أنهم كانوا يطلبونه كملك ورفض , هل الدواب من مواكب الملوك ؟؟؟ ومع ذلك ارتجت المدينة صنع ذلك من اجل أن يعطى مثلاً في البساطة ورفض مظاهر الملك الكاذبة الزائلة , مع أنه كان يستحق أن تتقدمه جوقات الملائكة النورانيين فكم بالحرى نحن المساكين التراب وعندما غسل أرجل التلاميذ , بل وفى كل الأناجيل كان يتحاور ويتشاور مع تلاميذه العلمانيين وهو الكاهن الأعظم بل وكانوا يتجاسرون وينتقدونه وهم صيادي سمك , في الوقت الذي نجد فيه رجالات الكنيسة يهمشون المتخصصون في السياسة والعلوم , ويلعبون مكانهم بغير حرفية مما يجلب علينا الويلات , فهل هم أعظم من مسيحهم , أم أنهم لا يقبلون النقد لكونهم يسلبون لأنفسهم مجدا ليس لهم , ومن أعطاهم السلطان لذلك وقد نكشف سر التجارب والمحن التي مرت بنا على مر العقود الماضية بسبب انتفاخ الذات وتعظم المعيشة .
هل الحياة في المسيح هي تجارب فقط دون تعزية ؟؟؟ حاشا لأنه مكتوب : " لان نيري هين و حملي خفيف " متى 3:11
لابد أن هناك خطأ , وقد يخدعون البسطاء بتفسير ذلك بسبب خطاياهم , مع أنها خطاياهم هم لأن الشعب قد استوفا البلايا كلعازر وليس له سوى الفردوس , ولكن خطية العلمانيين أنهم ببساطة أحبوا الأكليروس لدرجة العبادة وجلبوا لأنفسهم غضب الله الغيور الذي لا يعطى مجده لآخر , والدليل التلاميذ عند الصليب هربوا كلهم وتلميذ غريب في الخفاء اسمه يوسف الرامي تبرع له بقبره , ولم يزوره سوى المريمات فقط , أما خدام المسيح حاليا بتموت الناس في قبورهم عشان البركة , مهما كان أولئك يستحقون ذلك لكن لا يجب أن يكرموا بطريقة تفوق كرامة سيدهم الذي أعطاهم هذه الخدمة ليرفعوا شعبه إلى عبادته والتعلق به ذاته وليس بهم , وإلا يكونوا قد استوفوا خيراتهم على الأرض وسلبوا كرامة ليست لهم ويجلبون علينا غضب الله , جاء الوقت الذي يرجع فيه المؤمن الحقيقي لمجد اسم الله وليس الناس مهما كانوا .
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :