الأقباط متحدون | حياة السلام الداخلى
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٣:٤٦ | الاربعاء ٧ مارس ٢٠١٢ | ٢٨ أمشير ١٧٢٨ ش | العدد ٢٦٩٢ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

حياة السلام الداخلى

الاربعاء ٧ مارس ٢٠١٢ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 


بقلم :اللأب القمص أفرايم الانبا بيشوى

أهمية السلام الداخلى ....
+ ما احوج الإنسان فى عالمنا المعاصر الى السلام الداخلى وعدم الأنقسام بين متطلبات الجسد والروح، وما اجمل حياة الهدوء والطمانينة وضرورتها لسعادة ورقي وتقدم  الفرد والجماعة . وكم يحتاج انسان اليوم للخلوة والخلود الى نفسه فى هدوء وتأمل  ليكتشف  الكنوز والقوة الروحية والنفسية لديه بعيداً عن ضوضاء العالم وصخبه . اننا نحيا وسط عالم ملئ بالحروب والقلاقل والنزاعات الداخلية والخارجية وتضارب المصالح والاهداف  وفى حياة الشعوب كما الافراد نسمع كثيراً عن الخلافات حتى بين الاخوة والاقارب ، وعن الخصومات والحوادث الماسأوية التى تحزن كل أنسان له ضمير حي ، وللأسف الشديد نجد البعض يعطى للبغضة والكراهية طابع دينى وينسب لله صفات تنفر الناس من الله والتدين .


 + اصبح عالمنا يفتقر الى السلام على المستوى الجماعي كما هو الحال على مستوى الفرد ، وعندما يغيب الإيمان السليم  يغيب الأمن والأمان والطمأنينة والهدوء . ان فاقد الشئ لا يعطيه . وكيف لمن يمجد القتال والكبرياء  ويحيا حياة الخطية والشر ان يحيا فى سلام {لا سلام قال الرب للاشرار} (اش  48 :  22). ان الله المحب يتعجب ويقول لنا كما قال لقايين { ماذا فعلت صوت دم اخيك صارخ الي من الارض} (تك 4 : 10). وهكذا تصرخ الدماء البرئية حتى الان واين يهرب الظالم من يد الله  . لقد امتدت يد الانسان للاساءة الى كوكبنا ولهذا راينا الطبيعة والارض تثور فى وجهنا مرة بزلازل مدمرة واخرى باعاصير هائلة وتارة ببركين وحمم ثائرة وهكذا نقترب بالحروب والأسلحتة الفتاكة الى نهاية العالم ومجئ يوم الرب العظيم  { ولكن سياتي كلص في الليل يوم الرب الذي فيه تزول السماوات بضجيج وتنحل العناصر محترقة وتحترق الارض والمصنوعات التي فيها. فبما ان هذه كلها تنحل اي اناس يجب ان تكونوا انتم في سيرة مقدسة وتقوى} 2بط10:3 -11.


 + بالرغم  من هذه الآلام  فان الإنسان المؤمن يحيا فى سلام داخلى عميق لان الرب حصناً وملجاً له ومع داود النبي يترنم { الرب نوري وخلاصي ممن اخاف الرب حصن حياتي ممن ارتعب. عندما اقترب الي الاشرار لياكلوا لحمي مضايقي واعدائي عثروا وسقطوا. ان نزل علي جيش لا يخاف قلبي ان قامت علي حرب ففي ذلك انا مطمئن. واحدة سالت من الرب واياها التمس ان اسكن في بيت الرب كل ايام حياتي لكي انظر الى جمال الرب واتفرس في هيكله. لانه يخبئني في مظلته في يوم الشر يسترني بستر خيمته على صخرة يرفعني} مز1:27-5. نعم نحن نحتاج للسلام الداخلى لنستطيع ان نعطى سلاما لبعضنا البعض وكم يحتاج العالم لقلوب صافية لا تكره وافكار سلام نحو الجميع وسعي حقيقى لصنع السلام الدائم والعادل لاسيما فى الشرق الاوسط الذى يعاني منذ  زمن بعيد فقدان السلام والصراع الذى طال أمده {طوبى لصانعي السلام لانهم ابناء الله يدعون} (مت  5 :  9)


السلام الداخلى فى عالم متغير
+ السلام هو عطية من الله..  السلام هبة من الله يهبها للإنسان المؤمن الذى يحيا فى ثقة بوعوده ويحيا فى مخافته . من أجل هذا السلام نصلي ونطلب ان يمنحنا اياه الله ونقول يا ملك السلام أعطنا سلامك، قرر لنا سلامك وأغفر لنا خطايانا  وهو يجيبنا قائلاً {سلاما اترك لكم سلامي اعطيكم ليس كما يعطي العالم اعطيكم انا لا تضطرب قلوبكم ولا ترهب} (يو 14 : 27). الله يعطينا الوعود المطمئنة { فان الجبال تزول والاكام تتزعزع اما احساني فلا يزول عنك وعهد سلامي لا يتزعزع قال راحمك الرب} (اش 54 : 10). ورغم الضيقات التي نمر بها والتجارب التى نتعرض لها فانه أمين {قد كلمتكم بهذا ليكون لكم في سلام في العالم سيكون لكم ضيق و لكن ثقوا انا قد غلبت العالم} (يو 16 : 33) .

لقد نجا الله يونان قديما  من بطن الحوت وخلص الفتية من أتون النار المتقدة ناراً وأنقذ دانيال من جب الأسود ، وكان القديس بطرس الرسول نائما فى سلام وهو مقيداً فى السجن وجاء الملاك وفك قيوده وفتح ابواب السجن وخلصه من موت محقق ، والله هو هو أمس واليوم والى الابد ، وحتى ان نسمح لنا بتجربة او اضطهاد فنحن لانخاف شراً  ولا نجزع من الموت حباً فى من مات من أجلنا فجميع الذين يريدوا ان يحيوا فى التقوى عانوا قبلنا { طوبى للمطرودين من اجل البر لان لهم ملكوت السماوات.طوبى لكم اذا عيروكم و طردوكم و قالوا عليكم كل كلمة شريرة من اجلي كاذبين. افرحوا  تهللوا لان اجركم عظيم في السماوات فانهم هكذا طردوا الانبياء الذين قبلكم}(مت 10:10-12).


 لقد واجه اجدادنا القديسين كل ظروف الحياة  سلام داخلى عميق لانهم وثقوا فيه وأمنوا بكلامه وهو قادهم فى موكب نصرته. السلام الحقيقي يبدأ بالقلب لا في ساحات المعارك. السلام الحقيقي هو نزع الأحقاد والبغضاء على مستوى كل إنسان لنحيا أنسانيتا الحقة، ومن ثم نستطيع ان نتعاون ونقود حتى القادة والمسئولين الي نزع الأسلحة الذرية والهيدروجينية من أيدي الجيوش. وعندما يمتلئ القلب بالسلام الحقيقي تُنـزع الأسلحة وتتوقف الحروب، وتحل المحبة مكان الحقد والضغينة والبغضاء. السلام الحقيقي هو انتصار تلكَ المحبة وسيطرتها على حياة الإنسان.


+ التوبة وحياة السلام ... ان الأنسان الخاطى لا ينعم بالسلام من اجل هذا قال الأنجيل { لا سلام قال الرب للاشرار }(اش  48 :  22). ولما كان الله اله رأفة ورحمة لذلك هو يدعونا الى التوبة {من يكتم خطاياه لا ينجح ومن يقر بها ويتركها يرحم }(ام  28 :  13). جاء السيد المسيح  ليهبنا التوبة لغفران الخطايا ولكى ما ننعم بالسلام { فلما سمع يسوع قال لهم لا يحتاج الاصحاء الى طبيب بل المرضى لم ات لادعو ابرارا بل خطاة الى التوبة} (مر 2 : 17). ولقد أشار الرب الى اهمية التوبة لحياة السلام الداخلى عندما غفر للمراة  الخاطئة فقال لها {فقال للمراة ايمانك قد خلصك اذهبي بسلام }(لو 7 : 50). ولهذا يجب علينا ان نسرع فى التوبة والأقلاع عن الخطية {لا تؤخر التوبة الى الرب ولا تتباطا من يوم الى يوم }(سيراخ  5 :  8).  يجب ان نعترف بخطايانا ونقترب من الله والأسرار المقدسة بتقوى وقداسة وبر ونعمل على إصلاح سيرتنا ومصالحة أنفسنا مع الله  وقبول الغفران منه وحينئذ نستطيع ان نسامح الذين يسئيون الينا { ومتى وقفتم تصلون فاغفروا ان كان لكم على احد شيء لكي يغفر لكم ايضا ابوكم الذي في السماوات زلاتكم }(مر 11 : 25). عندما نعلم ان الله يقبلنا كما نحن لنصير الى حال أفضل نستطيع ان نقبل الإخرين كما هم ونغفرلهم زلاتهم نحونا ونقول مع السيد المسيح المصلوب ظلماً وحسدا { يا ابتاه اغفر لهم لانهم لا يعلمون ماذا يفعلون }(لو  23 :  34).


+  الجهاد وعمل النعمة .. لابد ان نجاهد لكى ما نحصل على حياة السلام الداخلى ، ونبتعد عن الغضب والكراهية والشهوات التى تحارب النفس وعلينا بالصلاة طالبين عمل نعمة الله فينا بتواضع وثقة . نعم قد توجد حروب ومعوقات خارجية او داخلية ولنستمع لنصيحة القديس ثيؤفان الناسك لكسب السلام الداخلى ( يوجد اضطراب في الداخل وهذا تعرفه من الخبرة. يجب أن تقضي عليه، وهذا ما تريده وقد قررت ذلك. ابدأ مباشرة بإزالة سبب هذا الاضطراب. السبب هو أن روحنا فقدت أساسها الأصلي، الذي هو في الله، وهي تعود إليه مجدداً بتذكر الله. إذاً، الأمر الأول هو هذا ، ضروري أن تتعوّد على تذكّر الله بدون انقطاع، إلى جانب خوفه وتوقيره. كًنْ مع الله، مهما فعلت، ووجّه نحوه كل عقلك، محاولاً أن تتصرّف كما في حضرة ملك. سوف تعتاد على هذا سريعاً، فقط لا تستسلم أو تتوقف. إذا تبِعتَ هذا القانون البسيط بضمير حي، سوف تقهر الاضطراب الداخلي) .
 
+ الهدوء والسلام الداخلى .. الهدوء شجرة حياة لا يموت الذين يأكلون منها  لقد جاء عن مخلصنا الصالح انه كان { لا يخاصم ولا يصيح ولا يسمع احد في الشوارع صوته} (مت 12 : 19).  يجب ان يكون لنا هدوء ورقة اللسان {هدوء اللسان شجرة حياة واعوجاجه سحق في الروح }(ام 15 : 4). الكلام الوديع يسمع ويأتى بنتيجة أفضل من الصراخ والتسلط {كلمات الحكماء تسمع في الهدوء اكثر من صراخ المتسلط بين الجهال} (جا 9 : 17) . عندما تحاربنا أفكار الغضب او المرارة من اساءة أحد ما فيجب ان نهدء ولا نسرع الى الحديث او الرد {ان صعدت عليك روح المتسلط فلا تترك مكانك لان الهدوء يسكن خطايا عظيمة }(جا  10 :  4)  كم مرة تكلمنا ونحن فى لحظات الثورة والغضب فخسرنا أحباء لنا وندمنا ولم ينفع الندم {انه هكذا قال السيد الرب قدوس اسرائيل بالرجوع والسكون تخلصون بالهدوء والطمانينة تكون قوتكم فلم تشاءوا }(اش 30 : 15). ان كنا لا نستطيع ان نتحكم فى الظروف الخارجية او الضجيج فيجب ان نسرع لاقتناء الهدوء الداخلى  من هدوء الحواس والفكر والقلب وعدم التقلب فى الاراء او السير وراء الاهواء وفى الهدوء نتحدث الي الله ونصغى لصوته الحنون ونقتنى بالإيمان نعمة قيادة روحه القدوس لنا ذلك الروح الوديع الهادئ يقودنا  فقط فى الهدوء بعيداٌ عن الضجيج والغضب فى سلام حتى لو وسط  أمواج وتيارات العالم .
 
+ المحبة  طريقنا للسلام الداخلى ...  المحبة تجعلنا نحيا فى تناغم وانسجام مع الله والناس . الله محبة ومن يثبت فى المحبة يثيت فى الله والله فيه .ان محبة الله اذ تدخل القلب تطرد الخوف المرضي الي خارج وتجعلنا نحيا فى سلام . ان الله يقدر ان يحررنا  من الخوف والضعف والأضطراب والقلق { فان حرركم الابن فبالحقيقة تكونون احرارا }(يو 8 : 36) . وان ارضى الأنسان ربه جعل حتى أعدائه يسالمونه . المحبة تجعلنا ودعاء ولطفاء مسالمين. وتعطينا القدرة والحكمة للعيش فى هدوء { البغضة تهيج خصومات والمحبة تستر كل الذنوب }(ام 10 : 12). { المحبة تتانى وترفق المحبة لا تحسد المحبة لا تتفاخر ولا تنتفخ }(1كو  13 :  4) . المحبة لا تسقط ابداً . نصلى اذا  ان يحل سلام ربنا يسوع المسيح  في حياتنا.


 +التطلع الي الأبدية ..  اننا نحيا الان كغرباء على الأرض وكسفراء للسماء يجب ان نحيا وعيون قلوبنا ناظرة الى رئيس ايماننا ومكمله { لذلك لا نفشل بل وان كان انساننا الخارج يفنى فالداخل يتجدد يوما فيوما. لان خفة ضيقتنا الوقتية تنشئ لنا اكثر فاكثر ثقل مجد ابديا. ونحن غير ناظرين الى الاشياء التي ترى بل الى التي لا ترى لان التي ترى وقتية واما التي لا ترى  }2كو 12:4-16. ومن أجل الابدية السعيدة نحيا فى حياة التواضع وانكار الذات والمحبة نحو الجميع وعدم التعلق بمقتنيات العالم . ان كثيراً من الصرعات الفردية والجماعية تنشأ من الأنانية ونزعات السيطرة ومحبة الذات واللذات ولهذا نجاهد ونفرح لا لشهوة ننالها ولكن لرغبة غير مقدسة نُخضعها ونسيطر عليها وضابط نفسه خير من مالك مدينة .


ياملك السلام أعطنا سلامك
 + ايها الرب الاله ياملك السلام ، وسط عالم يسوده الأنقسام والصراعات والحروب والأنانية وعدم الهدوء . انت هو سلامنا وقوتنا ، منك نستمد السلام ونحيا فى هدوء وأنسجام ، نسعى فى أثر السلام وصنعه ونتصالح معك بالتوبة والرجوع اليك  ومحبتك من كل القلب والفكر والنفس والقدرة ونصلى طالبين ان يحل سلامك فى قلوبنا وحياتنا وبيوتنا وكنسيتنا وبلادنا.


+ انت هو سلامنا ومنك نتعلم كيف نحيا متواضعين ولوصاياك طائعين ولعمل نعمتك وارشاد روحك القدوس منقادين . فعلمنا يارب ان نحيا فى أنسجام ووئام فلا يكون لدينا الأنقسام بين مطالب الروح وشهوات الجسد بل نضبط ذواتنا فى كل شئ مستأسرين كل فكر الى طاعتك ، وعندما يهيج علينا العدو فاننا بك نحتمى وبروحك القدوس نجد الرائحة والامن والأيمان الواثق .


+ الهى ومخلصى علمنا ان نكون رسل سلام ووحدة ومحبة ، وارشدنا فى دروب السلام ومسالك الحق والعدل والفضيلة ، وانت الهنا القوى قادر ان تُسكت أمواج بحر العالم الهائجة ضدنا وتسد أفواه الأسود وتطفئ سهام أبليس المتقدة ناراً . واشملنا بعطفك ورحمتك لنحيا فى سلام ومحبة وهدوء وبك يعظم أنتصارنا  ومعك يجرى السلام كينبوع متجدد فى قلوبنا لمجد اسمك القدوس . أمين




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :