الأقباط متحدون | الفضائيات الدينية الجاهلة
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٢:٢٤ | الجمعة ٢٤ فبراير ٢٠١٢ | ١٦ أمشير ١٧٢٨ ش | العدد ٢٦٨٠ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

الفضائيات الدينية الجاهلة

الجمعة ٢٤ فبراير ٢٠١٢ - ٢٠: ١١ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم : فايز فرح 
 
لم أتمالك نفسي وضحكت، عملًا بالمثل القائل: "وشر البلية ما يُضحك".. فقد كانت الفضائية الدينية "الأمة" تذيع برنامجًا أطلقت عليه عنوان "برنامج ثقافة الحوار"، والحقيقة أن البرنامج لا ثقافة فيه ولا حوار، وإنما شيخ جليل يجلس أمامنا هو الشيخ "أبو إسلام أحمد عبد الله"، يتحدث عن المسيحية ويفندها ويشرحها ويقول إنه لا يرجع إلا إلى الكتب لمسيحية ليقدّم لنا خلاصة بحثه الكاذب وكلماته غير المناسبة، والتي لا تتفق مع حديث رجل الدين. 
 
في البداية، أحب أن أتسائل: "ما هو عمل رجل الدين؟ أليس تشجيع الناس على الإيمان بالله وبالدين الذي يمثّله والتمسك بالفضائل المختلفة، وبخاصة فضيلة الحب بين الناس؟ لماذا يناقش رجل الدين، أي رجل دين، دينًا آخر ويعتمد على نصوصه ليهاجمه ويتهجم عليه ويحط من شأنه؟ هل هذا هو دور وعمل رجل الدين؟ ليس دوره بالطبع؛ لأن دوره الرئيسي والمهم أن يخرج أهل دينه من أميتهم الدينية ويعرفهم صحيح الدين، وأن الدين هو المعاملة والحب والتعاون.
 
أما أن يتفرغ رجل الدين للهجوم على دين آخر ويترك عمله ودوره الرئيسي، فهذا مضيعة للوقت، والصعود إلى أسفل، بل والسقوط في الهاوية. 
 
قلت في البداية، إنني ضحكت كثيرًا عندما استمعت وشاهدت مولانا "أبو الإسلام أحمد عبد الله" يقدّم برنامجًا تحت عنوان: "برنامج ثقافة الحوار"؛ لأن ثقافة الحوار لا تتحدث من جانب واحد فقط، وثقافة الحوار تحترم الآخر ودين الآخر ولا تسفهه أو تتهكم عليه، فهذا عيب، وهذا للأسف ما يفعله مولانا وعمنا أبو الإسلام، بل أقول للحق إن ما يفعله الشيخ أبو الإسلام لا يتفق حتى مع اسمه؛ لأنه يهاجم المسيحية ويحط من قدرها، ويتحدث حديثًا معيبًا عن الراهبات، في نفس الوقت الذي يذكرهم القرآن الكريم بكل احترام، ذلك لأن منهم قسيسين ورهبانا وهم لا يستكبرون. ثم القرآن نفسه يا رجل يقول: لكم دينك ولي دين؟.. وأيضًا يقول: لو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة.. فلماذا هذا الهجوم؟ ولماذا تترك عملك الرئيسي لتشتغل بالتفاهات وتدعو إلى الشقاق والاختلاف؟!.
 
ثم أنك يا مولانا "أبو الإسلام" تهاجم المسيحية، فلماذا مثلًا لا تهاجم الهنود والهندوسية التي تحترم البقرة ولا تقترب منها إذا مشيت في الشارع؟ هل هذا المنظر يعجبك؟! ولماذا تتركه وتهاجم المسيحية؟ هل أنت غيور عليها أكثر من غيرتك على الهندوسية أم ماذا بالضبط؟!. 
أليس من العيب يا مولانا الشيخ أبو الإسلام أن تقول عن السيد المسيح أنه خروف، وأن المسيحيين عبدة الصليب، وأن.. وأن.. مالك أنت والإيمان المسيحي والعقيدة المسيحية التي لا تعرفها ولا تفهمها؟ أليس من الأجدى أن تتفرغ لدينك الإسلامي الحنيف لتستزيد معرفة به ثم تنقل هذه المعرفة إلى شعبك ومريديك وتفيدهم وتنهي جهلهم؟. 
 
إن الفضائيات الدينية التي انتشرت بكثرة عليها واجب مهم ومُلح، فإن لم تعمل على نشر الإيمان والحب بين الناس، والرحمة، ومساعدة الآخرين ومحاولة التفاهم بينهم، واحترام كل الأديان، حتى الأديان أو المذاهب الوضعية، كالكنفوشيوسية والبوذية والزرادشتية وغيرها، فإنها ستلعب بالنار، وستحرق كل شئ، وتبعد عن روح الأديان الحقيقية، لتكون النهاية الدمار والقتل والعودة إلى شريعة الغاب والإنسان الأول.
 
وعلى الرغم من انتشار هذه الفضائيات الدينية، إلا أننا مازلنا أمنامنا وقت لنُعمل عقلنا، ونبحث عن ما يبني مجتمعنا ويصل بنا إلى الحياة الكريمة؛ لأنه ما أسهل من أن نحطِّم وندمّر ونقتل ثم نندم على كل هذا. 
 
وكاتب هذه السطور لا يهاجم الفضائيات الدينية الإسلامية وحسب، بل إنني أهاجم الفضائيات المسيحية وغير المسيحية، والتي تسمح لنفسها بالهجوم وتسفيه الأديان الأخرى، فهدفي هو تنقية تنقية الأديان من الشوائب ومن كراهيتها وهجومها على بعضها، فالأديان كلها ثورات إنسانية من أجل الإنسان وحريته وكرامته وسعادته، أما هجوم أي دين على آخر فهو ما لا يتفق مع روح الدين الذي يدفع فينا الحب والتسامح واحترام الآخر. 
 
يا مولانا الشيخ، لك كل الحب والاحترام، وأرجو أن تتفرغ لتعليم أبناء ديتك وتلامذتك جوهر الإسلام، وأن المسلم من سلم الناس من لسانه ويده، وأن المسلم من آمن بالله وملائكته ورسله واليوم الآخر.
 
يا أبي القس، لك كل الحب، وأرجو أن تتفرغ لتعليم أبنائك جوهر المسيحية، وهو الحب والفداء والرحمة والتضحية. 
 
إن رجال الدين عليهم واجب كبير ومهمة صعبة في نشر السلام في العالم، والحب بين البشر، فهذه هي المهمة السامية للدين حتى يحب الناس بعضهم ويتعاملوا مع بعضهم بالحسنى؛ لأن الله خلقنا جميعًا، وشاءت إرادته أن نكون مختلفين، فلتكن إرادته، ولنحققها بالحب والتسامح.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :