الأقباط متحدون | أين العيش الكريم لكل المصريين يا سيادة المشير؟!
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٠:١٢ | الاثنين ١٣ فبراير ٢٠١٢ | ٥ أمشير ١٧٢٨ ش | العدد ٢٦٦٩ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

أين العيش الكريم لكل المصريين يا سيادة المشير؟!

الاثنين ١٣ فبراير ٢٠١٢ - ٥٠: ٠٨ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

 بقلم منير بشاى- لوس انجلوس

 
 
ألقى السيد المشير طنطاوى خطابا فى مناسبة الذكرى السنوية الأولى لتنحى الرئيس السابق مبارك.  فى خطابه هذا عدد المشير انجازات الثورة بمساعدة القوات المسلحة ومن ضمنها قوله ان الثورة حققت "العيش الكريم لكل المصريين".
 
وفى ضوء ما يعانيه أقباط مصر من مشاكل تضاعفت عن ما كانت عليه قبل الثورة يبدو أن الكلام عن العيش الكريم لكل المصريين  كلام مرسل لا أساس له من الصحة. وان سياسة الخطب الرنانة الجوفاء التى تعودنا عليها من النظام السابق ما تزال مستمرة معنا حتى بعد مرور أكثر من عام على سقوطه. وربما يكون كاتب هذه الخطب هو نفس الشخص وهو مستمر فى تقديم خدماته لمن يجلس على كرسى الحكم حتى بعد تغيير رؤوس النظام..
 
ولضيق المساحة المتاحة اركز هنا على ما يجرى حاليا فى العامرية محافظة الاسكندرية وقت كتابتى للمقال وهو تهجير ثمانى عائلات قبطية من مساكنهم وبلادهم التى عاشوا فيها أبا عن جد لمدى آلاف السنين.  يحدث هذا دون جريمة ارتكبوها ودون محاكمة أو قرار من جهة رسمية. فجأة  يضطر هؤلاء المواطنون لترك بيوتهم وأعمالهم ويهيموا على وجوههم هم وأطفالهم على أرض مصر ملتمسين تعطف من يقبلهم للعيش فى وسطهم بعد أن فقدوا كل ما يملكون. شىء مثل هذا يصعب وصفه  على أنه "تحقيق العيش الكريم لكل المصريين!"
 
كانت المشكلة التى فجرت هذه الأزمة هى علاقة غير مشروعة بين رجل قبطى وفتاة مسلمة (ذات سمعة سيئة). وعندما انتشرت الأخبار فى القرية قامت القيامة فجاء المتظاهرون الى بيت الرجل فأحرقوه وامتدت عملية الحرق لتشمل بيوت المسيحيين المجاورة فاشعلوا النيران فيها بينما كان السكان ما يزالوا فيها. وهنا يجب أن نسجل كلمة عرفان للمسلمين المعتدلين فى القرية الذين تحملوا المخاطرة ودخلوا البيوت المشتعلة بالنيران لينقذوا الناس من موت محقق. 
 
والحادث وتداعياته يفرض علينا الكثير من التساؤلات:
 
1-الرجل القبطى لم يغتصب المرأة المسلمة بل كانت علاقة بموافقة الطرفين. ليس هذا محاولة لتبرير ما حدث، فما حدث بينهما هو مرفوض من كل العقائد والقيم سواء فى الاسلام أو المسيحية. ولكن ما حدث يخرج عن كونه جريمة قانونية يعاقب عليها القانون بل يندرج تحت كونه مخالفة أخلاقية لا يرضى عنها الله ولا يقبلها المجتمع.
 
2- ولكن حتى لو افترضنا أن ما حدث كان جريمة فالرجل مقبوض عليه ويتم التحقيق معه بواسطة رجال القانون وسيظهر بعد ذلك أمام القضاء ليأخذ عقابه طبقا للقانون.  ولكن بينما القانون يأخذ مجراه لماذا نرى المجالس العرفية وجلسات المصاطب تنظر فى الموضوع وتنتهى الى قرار تهجير هذه العائلات من بيوتهم؟
 
3-لو افترضنا ان الرجل مذنب اليست الفتاة أيضا مذنبة؟ ولكن بكيفية ما تم اعتبار الرجل هو المذنب والفتاة هى الضحية. ولكن المصيبة الأكبر اعتبار أن الرجل يمثل كل مسيحى فى القرية وان السيدة تمثل كل مسلم.  وبذلك أصبح كل مسيحيى القرية معتدين على كل مسلمى القرية! منطق غريب ومغلوط يفتقر الى الحيادية والعدل. ماذا فعل مسيحيوا القرية من غير ذلك الرجل ومنهم الأطفال والنساء والشيوخ حتى يعانوا هذا العقاب الجماعى؟ ان العقاب الجماعى لشريحة من الناس تدفع الثمن لخطأ اقترفه فرد لا يمت لهم بصلة هو عمل استبدادى لا مكان له فى المجتمع الحديث المتحضر.
 
4-قيل أن معظم المسلمين فى القرية لا يوافقوا على قرار التهجير ولكنهم رضخوا للمبدأ لخوفهم على المسيحيين من اعتداءات أفراد معروفين بالاسم يقال ان عددهم حوالى 7 أشخاص!. وهنا يأتى التساؤل أين الأمن؟ أين القوات المسلحة لتفرض الشرعية فى القرية واذا لزم الأمر يقبضوا على هؤلاء البلطجية الذين يرعبوا المسيحيين والمسلمين؟ أليس هذا جزء من توفير العيش الكريم لكل المصريين الذى يدعى خطاب السيد المشير ان الثورة بمساعدة القوات المسلحة قد حققته لكل المصريين؟  ان صمت المجلس العسكرى ازاء هذه الجريمة يصم الآذان، ويضعه فى واحدة من ثلاث شبهات: إما أنه عاجزعن حماية الاقباط  أو متواطىء مع الجناة أو لا يهمه ما يحدث للاقباط.
 
5- أين مجلس الشعب من هذا كله؟ ماذا تغير في المجلس الجديد عن القديم؟ هل استبدلنا تحالف الحزب الوطنى مع سرور بتحالف الاخوان مع الكتاتنى؟  نفس السيناريو القديم يتكرر، عن علاقة مفتعلة بين قبطى ومسلمة، ما يزال يستخدم لأغراض سياسية تنتهى بأن يدفع الأقباط ثمن التوازنات المصطنعة فى المجتمع التى تخدم مصالح من يجلسون على كراسى السلطة.  هذا وقد ذكر الدكتور عماد جاد عضو المجلس أنه سلم ورقة للدكتور سعد الكتاتنى رئيس المجلس يشرح له فيها أبعاد ما يجرى فى العامرية. ولكن الدكتور الكتاتنى تجاهل الأمر ورفض مناقشة القضية. وقد هدد الدكتور عماد جاد أنه قد يضطر الى الاستقالة اذا استمر المجلس فى تجاهله للمشكلة.
 
نحن أمام قضية أخلاقية تدق ناقوس الخطر فى مصر كلها. وهى اختبار لمعرفة ما اذا كانت مصر ما زالت فعلا دولة القانون أم قد تحولت الى دولة الفوضى والبلطجة؟ هل هناك أمان للناس فى بيوتهم أم هناك تهديد مستمر أن يأتى اليهم فى أى وقت من النهار أو الليل من يقتحم بيوتهم وينهبها ثم يشعل النيران بها ومن فيها؟ 
 
التهجير القسرى الجماعى للاقباط الذى يحدث الآن فى العامرية هو نوع من التطهير العرقى المجرم دوليا، وقد حدث فى عدة أماكن فى مصر وأخيرا فى العامرية، ويخشى ان يتحول الى قاعدة يتم السير عليها من قبل المتطرفين لتهجير الأقباط من قرى ومحافظات أخرى. على السلطات أن توقف فورا هذه المهزلة، أو على الأقل يجب ان تتوقف عن ترديد الادعاء ان هناك شىء فى مصر اسمه العيش الكريم لكل المصريين!! 
 
Mounir.bishay@sbcglobal.net




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :