الصديق رياض العطار في ذمة الخلود
بقلم: د.عبدالخالق حسين
رحل عنا الشخصية الوطنية، والصديق العزيز، الأستاذ رياض العطار (أبو علي)، يوم 1/12/2011، بعد مرض عضال عانى منه كثيراً وطويلاً. والمؤسف جداً أنه غادرنا بصمت، وحتى دون علم غالبية الجالية العراقية في مدينة يوتيبوري/ السويد، حيث مكان إقامة الراحل مع عائلته الكريمة لنحو عقدين من السنين. والمؤلم جداً أيضاً، أني لم أعرف عن رحيله إلا بعد قراءة مقال نعيه الذي تفضلت بكتابته الكاتبة المتميزة، الأخت العزيزة نادية كاظم (أم ربيع) ونشرته على موقع الحوار المتمدن، يوم 24 كانون الثاني الجاري، فكان للنبأ الجلل وقع الصدمة لي ولكل أصدقاء الفقيد.
كان أبو علي مثالاً للمناضل العراقي اليساري الملتزم، فقد دخل حركة اليسار العراقي منذ شبابه في العهد الملكي، وواكبها في العهد الجمهوري إلى آخر لحظة من حياته، ودخل السجون من جرائها في جميع العهود دون استثناء، وأخيراً، كغيره من الملايين من العراقيين، في عهد البعث الصدامي، اضطر إلى الهجرة ليضمن العيش بكرامة في المهجر له ولعائلته بعد تنقل وإقامة مؤقتة في إيران وسوريا إلى أن استقر بهم المقام في مدينة يوتيبوري السويدية.
لقد كرس فقيدنا كل جهده ووقته في النضال السياسي المعارض ضد الفاشية البعثية، وكان من أوائل الذين ساهموا في تأسيس منظمة (التجمع الديمقراطي العراقي) اليسارية التوجه في أوائل الثمانينات، وكان عضواً في لجنتها المركزية، والتي كان لي شرف العمل فيها منذ أواسط الثمانينات إلى وفاة أمينها العام المناضل الراحل صالح مهدي دكله (أبو سعد) في تموز عام 1998، حيث تفكك التنظيم من بعده بعام. وكان الراحل أبو علي حريصاً كل الحرص على حضور جميع مؤتمرات التجمع، ومعظم اجتماعات لجنته المركزية، فيتحمل عناء السفر من يوتيبوري إلى لندن لهذا الغرض.
ولم يكتف بالنضال السياسي، بل كان ناشطاً في مجال حقوق الإنسان، فكرس جهوده الكتابية في هذا المجال، إذ ساهم كثيراً في فضح انتهاكات البعث الفاشي لحقوق الإنسان في العراق، وعمل على نشر ثقافة حقوق الإنسان التي حاول العهد البعثي محوها، وسحقها بلا رحمة. فنشر فقيدنا مئات المقالات في جريدتنا المركزية (الغد الديمقراطي)، ومن بعدها في صحيفة (المؤتمر) اللندنية، وصحف أخرى في المهجر وحتى سقوط حكم البعث عام 2003. وقد جمع مقالاته ودراساته، ونقحها، ونشرها في ثلاثة كتب تلقت رواجاً جيداً في العراق، وبين أوساط الجاليات العراقية في الخارج، إضافة إلى كتابين آخرين قيد الطبع. ويمكن الإطلاع على بعض مقالاته في أرشيفه على موقع الحوار المتمدن (الرابط في الهامش).
ولم يتوقف نضال فقيدنا على الجانب النظري في مجال حقوق الإنسان، بل وشارك بفعالية في حضور العديد من المؤتمرات واللقاءات لمنظمات حقوق الإنسان، العراقية والدولية، التي كانت تعقد في مختلف العواصم الأوربية. كما وساهم عملياً في مساعدة العشرات من العراقيين المشردين في الشتات للحصول على لجوء لهم في السويد وغيرها، وحقق نجاحاً كبيراً في هذا المجال.
كان أبو علي كريماً جداً في علاقته مع أصدقائه ورفاقه ومعارفه، إذ عرف عنه بكرم الضيافة لهم، فقد دعاني مرة لزيارته في يوتيبوري عام 1998، وكان هو ونجله الدكتور علي في استقبالي في المطار مع الصديقين العزيزين، الأستاذ محمد عيسى الربيعي (أبو ربيع)، والكاتب المتميز الأستاذ فريد هادي التكريتي، وكان الجميع في منتهى الكرم والحفاوة. وصادف وأنا في ضيافة الأصدقاء في السويد أن تلقينا النبأ الجلل بوفاة المناضل صالح مهدي دكلة (أبو سعد)، الأمين العام للتجمع، فكان للأصدقاء الدور البارز في إقامة حفل تأبيني في المنتدى الثقافي العراقي في المدينة، وقد حضره عدد غفير من الجالية العراقية.
لفقيدنا العزيز الذكر الطيب دوماً، ولعائلته الكريمة، ونجليه الصديقين العزيزين، الدكتور علي وليث، تعازينا الحارة.
Abdulkhaliq.Hussein@btinternet.com
ــــــــــــــــــــــ
مقال ذو علاقة بالموضوع:
ناديه كاظم: وداعا أبا علي !
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=292578
أرشيف مقالات الراحل رياض العطار على موقع الحوار المتمدن
http://www.ahewar.org/m.asp?i=1294
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :