الأقباط متحدون | الذهنية الاصولية
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٠:١٢ | الاثنين ٢٣ يناير ٢٠١٢ | ١٤ طوبة ١٧٢٨ ش | العدد ٢٦٤٨ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

الذهنية الاصولية

الاثنين ٢٣ يناير ٢٠١٢ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

 بقلم : لطيف شاكر

ماذا يجري في ذهن الأصوليين سواء أكانوا سياسيين أم دينيين أم فلسفيين؟ ما هي أعراضهم؟
يقول فرانسو باور عالم الاجتماع الفرنسي يتكلّم الأصوليون كثيرا عن النّشاط الجنسيّ ودائما بطريقة سلبيّة كما لو أنّ الجنس شرّ من حيث الأصل. هاجسهم هو الجنس. وهذا أمر منطقيّ من حيث أنّهم قبل كلّ شيء بشر محبَطون. الإحباط، عندهم، هو الافتقار إلى القدرة، وبمزيد من الدّقّة، هو انعدام الفحولة.

للأصوليين مشكلة مع فحولتهم الخاصّة. كما أنّ الأصوليّ يخلط بين الفحولة والخشونة. فهو بحاجة إلى أن يكون خشنا، أي إلى أن يهيمن، أن يحتقر الآخر ليشعر بأنّه فحل. ومن خلال ظاهرة التّعويض المفرط، فإنّ هذا النّوع من السّلوك هو نفسه لدى جميع أولئك الّذين استقرّوا في اليقينيات , فكلّ معتنقي الإيديولوجيا لهم نفس التّصوّر للتّاريخ .
 

جميع الأصوليات تشترك في نفس الاستيهام. جميعها تحلم بإعادة إقامة ماض أسطوريّ. جميعها تلتزم بحقيقة قيلت من قبل مرّة واحدة وأخيرة، جميعها تدين الحداثة والدّيمقراطيّة، جميعها ترى في كلّ فكرة جديدة خطأ لا بدّ من محاربته وفي كلّ من يبتكرها عدوّا لا بدّ من القضاء عليه. جميع الأصوليين، في أعماقهم، يطمحون إلى استعادة الوضع المثاليّ أو الاندماجيّ الّذي عرفوه عندما كانوا في رحم أمّهاتهم..

وإنّه من الدّامغ أن نرى جميع الأصوليات خصوصا منها الدّينيّة تكرّم الأمّ وتمقت النّساء اللّواتي هنّ على الدّوام أولى ضحاياها. لم كلّ هذا الكره تجاه النّساء؟ كلّ شيء يحدث لدى المتزمّتين كما لو أنّ الاختلاف الجنسيّ مرض مخجل، كما لو أنّ الأنوثة تخفي خطرا غامضا، يكون الموت أفضل منه ألف مرّة. لا يخاف الأصوليون المتصلّبون من الموت : إنّهم يخافون من المرأة. ولكن لم يخشى أناس بهذه القوّة أناسا بمثل هذا "الضّعف" هنّ النّساء كما يُفترَضن؟ وهؤلاء الرّجال الّذين لا يكفّون عن تأكيد فحولتهم القويّة من خلال احتقارهم للنّساء واستعدادهم للتّضحية بالنّفس، لماذا يجدون كلّ هذه الصّعوبة في إظهار فحولتهم؟ هل يكون لديهم شكّ في هذا الخصوص؟ إنّ الخوف من فقدان سيطرته الفحلة هو أمر مركزيّ في المعضلة الذّكريّة..

 

إنّ المرأة ترمز إلى الإغراء والغواية، إنّها الّتي تحيد بالمرء عن الصّراط المستقيم. لهذا السّبب فإنّ حجب النّساء ليس فقط إنكارا للواقع بل هو أيضا تجنّب للاختلاف الجنسيّ، وفي نهاية الأمر، للنّشاط الجنسيّ الذّكوريّ ونتيجة لذلك، ينبغي أن يُحصر مكانها في البيت. وما بين الإقصاء والشّيطنة خطوة واحدة. لا بدّ مهما كان الثّمن من حماية المجتمع من النّساء. فبسبب المرأة أُبعد الرّجل من جنته الموعودة

إنّ جميع الأصوليين أعداء للمرأة. فهم جميعا يؤكّدون أنّهم يكنّون التّقدير الكبير للمرأة وأنّ كلّ ما يقومون به من أجلها إنّما هو تكريم لها. أمّا في الواقع، فالمرأة الوحيدة الّتي يحترمونها هي الأمّ, من الواضح تماما أنّ فرض الحجاب على النّساء، وأنّ مطالبتهنّ بأن يخضعن للأب وللزّوج وللأخ لا يمتّ بصلة إلى مشاعر الحبّ ! على أنّ هذه السّلوكيات، داخل نظام تصوّر الأصوليين، تجد بالنّسبة إلى الأغلبيّة مبرّرات لها مرتبطة بمفهوم الطّهارة. فللنّساء القدرة على الحمل. فلا بدّ إذن من مراقبتهنّ لضمان طهارة المجموعة. ولأنّ النّساء هنّ من يحملن، لا يستطيع الرّجل أبدا أن يتحقّق من انتساب الطّفل إليه، لهذا يكون من الضّروريّ مراقبة نّشاط المرأة الجنسيّ. ليس للتّشادور والبرقع والخمار والحجاب من وظيفة أخرى غير تلك. ولكنّ النّساء دائما يُرتاب في أنّهنّ مخلوقات غير عفيفات، لأنّهنّ يفقدن الدّم باستمرار. وهكذا مهما فعلن فهنّ مذنبات ! إنّ استيهام الطّهارة هو الأساس اللاّواعي لجميع الإيديولوجيات الاصولية. إنّ كلمة السّرّ الّتي تدعو إلى المجازر وإلى الهمجيّة هي "التّطهير". ومن نتائج أسطورة التّطهير هذه الحقد على من هو مختلف معه في العقيدة او المذهب او المفكّر الحرّ، الخ. وأصل هذا الحقد هو كره الذّات، إذ توجد فعليّا مسافة بين صورة الذّات كما نرغب في أن ننقلها إلى الآخرين وبين ما نكونه فعليّا ويعبّر عن نفسه أحببنا أم كرهنا..

هذا الرّفض للطّبيعة العميقة يمكن إن يصل إلى حدّ التّحطيم الذّاتيّ الّذي يسمّيه الأصوليون التّضحية. ومن هنا فائدة الحروب المقدّسة ! إنّ الأصوليّ في أكثر الأحيان عنيف تجاه من يجاوره. فالنّاس الّذين يستقرّون بقوّة في يقينياتهم يدينون فعليّا أولئك الّذين لا يشاطرونهم إيّاها..

 

لأنّهم مطمئنّون إلى قانونهم الي الحقيقة الّتي يؤمنون بها، فهم يخضعون إلى الرّغبة في فرض إيمانهم بالعنف. فإذا رفض رجل مّا أن يبدّل دينه فإنّ حبّ الحقيقة يوصيه حينئذ بأن يرغمه على ذلك. والحجّة هي : أنا أحاربه لمصلحته. وهكذا، يشرَّع العنف، وهو سبب إضافيّ لاعتبار الحرب يمكن أن تكون مقدّسة !. يخاف الأصوليون من النّشاط الجنسيّ. فالمسألة المطروحة عندهم دائما هي هذا الشّكّ في الفحولة. ولكي يصارع المتعصّب قلقه الذّاتيّ يتجنّب ما استطاع أن يتلذّذ. ومن يمنع نفسه من أن تتلذّذ لا يتحمّل منطقيّا أن يتلذّذ الآخر. وهكذا يصبح الهدف واضحا : إنّه قمع اللّذّة.
و ماذا ينجم عن هذا؟ رجال يشعرون بالذّنب وبالتّالي خاضعون، ولكن أيضا مجانين هائجون، قاتلون. من بين جميع الإيديولوجيات، الدّيانات هي الأسلحة الأكثر رعبا لأنّه بإمكانها أن تحوّل إنسانا مّا إلى مقاتل بل إلى انتحاريّ. لا يمكننا مع ذلك أن نستخلص من هذا أنّ الأديان خطيرة. ذلك أنّ الرّسالة السّماويّة مزدوجة، فهي في نفس الوقت حربيّة ومسالمة .


إنّ الأصوليّ لا يناقش لأنّه يمتلك سلاحا مطلقا : هو اليقين بأنّه على حقّ. الأصوليّ هو أوّلا رجل تُضخِّم معرفته المطلقة عُجبه بنفسه، إلى حدّ أنّه يعتبر فرض حقيقته على الجميع أمرا مشروعا، ولو بالقوّة. إنّه يدّعي امتلاك الحقيقة، وهذا الامتياز يجعله رجلا لا يُقهَر. وبما أنّه يمتلكها، بإمكانه استخدامها كسلاح خاصّة. ! حين تُدرَك الحقيقة هكذا تكون فريدة وثابتة. ولكنّ حضور الأنوثة بالذّات، لأنّها تجسّد الاختلاف، يدعو إلى الشّكّ في تحقيق استيهام مجتمع مثاليّ. هكذا يحدث الفرق بين أولئك الّذين يخطبون وأولئك الّذين يتحاورون.
في كتابه " الأصوليات المعاصرة أسبابها و مظاهرها" يقول المفكر الفرنسي رجا غارودي :
الأصوليات .. كل الأصوليات :.تشكل اليوم الخطر الأكبر على المستقبل.

 

وبضيف :تقوم الأصولية على معتقد ديني أو سياسي مع الشكل الثقافي أو المؤسسي الذي تمكنت من ارتدائه في عصر سابق من تاريخها. وهكذا تعتقد أنها تمتلك حقيقة مطلقة و أنها تملك حق فرضها
و المكونات الأساسية للأصولية هي
الجمودية،و رفض التكيف،جمودا معارضا لكل نمو أو تطور.
) العودة الى الماضي ( و الانتساب الى التراث،والمحافظة
عدم التسامح ،الانغلاق،التحجر المذهبي،التصلب، العناد والكفاح

 

ويردف قائلا: فيما يخص الأصولية الإسلامية قائلا: "لا ينطلق الأصوليون المسلمون من الماضي لأحياء أسلام يجيب عن أسئلة عصرنا الحيوية،بل الأمور تجري كلها و كأن المسلم في نظرهم،يعني العيش كرعية الخلفاء العباسيين منذ أكثر من عشرة قرون تقريبا.و الحال فأن الألف سنة التي توقظ الأمل لدى الجماهير الشعبية بعصر ذهبي،توجه شطر تعابير رمزية عن هذا الرجوع:محرمات كسائية أو عبادية تحول شرطا جميلا من شروط الطهارة الى طهرانية شكلية، و من هنا عجز الأصوليين عن تكوين مشروع مجتمعي- تكوين فقه القرن العشرين-. فهم بذلك لا يدعون الى إعمال الفكر و مبدأ المشاركة،بل يدعون الى الانقياد السلبي للزعماء الدينيين، محترفي الدين ومرتزقته، الذين يجعلون أنفسهم بمثابة موظفين لدى المطلق.
ان حركات كهذه تكون طريدة سهلة لقوى أجنبية جاهزة دائما لتمويلها بسخاء،لأنها تعزز كل السلطات الأمر الذي يسمح لهذه القوى بتوطيد وصايتها الأيديولوجية من خلال تبعية اقتصادية وبالتمويل وهم مجرد اداة في يد الغير ..بلا عقل اوفكر او فهم .




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :