الأقباط متحدون | الهمـزة المفقــودة بين الرعـاة والرعـية
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠١:٥٧ | الأحد ٢٢ يناير ٢٠١٢ | ١٣طوبة ١٧٢٨ ش | العدد ٢٦٤٧ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

الهمـزة المفقــودة بين الرعـاة والرعـية

الأحد ٢٢ يناير ٢٠١٢ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

 بقلم : هـاني شــهدي

عزيزي القارئ.. لا يخدعك عنوان المقال "الهمزة" بأن المقال قصير الحجم، لكني خدعت قبلك حين ظننت أن المسافة بين الرعاة والرعية يكفيها همزة وصل ، لكن عندما بدأت اكتب فوجئت بأن المسافة بينهما حقاً بعيدة ، فجاءت همزة الوصل تلك طويلة ، وما أكد ذلك شاهدت كما شاهد وترقب الملايين عبر
شاشات التلفاز إحتفال كنيسة مصر القبطية الأرثوذكسية بعيد الميلاد المجيد ٢٠١٢ من داخل الكاتدرائية بالعباسية وقد توقفت عند بعد النقاط التي من شأنها تقصير المسافة بين الطرفين بلا مجاملة.

نقاط توضيحية لما حدث:

أولا: مراسم الإحتفال وتوجيه الدعاوي للحضور قسمت جمهور الأقباط لفريقين ما بين مؤيد ومعارض لأفعال واتجاهات الكنيسة، وهو حقاً مؤشر خطير جداً داخل الشعب . قديماً كان الفريق المؤيد أغلبية والمعارض أقلية فكان هدوء وتلاشي صوت الفريق المعارض طبيعي ومتوقع نابع من احساسهم بالذنب وتأنيب الضمير أمام الأكثرية ،أو يستمر على رأيه وقناعته ليجد نفسه مرذول ومشلوح خارج الأسوار وتجد الأغلبية أسباب منطقية ومقنعة لهذا الطرد والبتر ، فظل المؤيدون أكثرية. أما الأن وبعد ثورة ٢٥ يناير (وسأشرح لاحقاً لماذا بعد ٢٥ يناير)اقترب الفريقين المؤيد والمعارض أن يتساويا في العدد وهذا هو الخطر الذي اتحدث عنه ، أن يتولي جمع كبير من الأقباط -علناً-عكس ما تولته الكنيسة وقادتها وشعبها نفسه من مباديء وأفعال وهنا السؤال هل زيادة عدد أصوات المعارضين جاءت من تحررهم من احساسهم بالذنب عند معارضتهم السياسة الكنسية فزاد عددهم بزيادة اقتناعهم ما جعلهم ينطقوا وبجرأة ، أم جاءت من زيادة الأخطاء والمأزق السياسية التي تزج بها الكنيسة ورجالها أنفسهم أمام الرأي العام مجبرة أم مخيرة في ذلك وتخبطها السياسي لعدم وجود سياسية واضحة للكنيسة أمام الشعب والدولة لكنها ما زالت تنفذ "سياسة البركة" . أم جاء الإنقسام من عدم رضا كثير ممن كانوا في الماضي مؤيدين ولكن لوجودهم على المحك اكتشفوا سذاجتهم وأمور لا ترضيهم داخل اتجاهات الكنيسة فأصبحوا غير قادرين على التكيف معها...أم أنه كما في السياسة هكذا في الكنيسة توجد" أصابع خفية" و"طرف تالت" لضرب ابناء الكنيسة وقادتها بعضهم ببعض؟.

ثانيا: هل الكنيسة تقف شجاعة (مرفوعة الرأس) كأيام الاضهاد الاولى وتتبنى موقف و سياسة واضحة و صريحة مستمدة من الدستور المسيحى (الكتاب المقدس) كما الكنيسة الاولى فاتجاهتها واضحة للكل حتى وان كانت عكس التيار السياسى و الدينى حولها و تعلم اولادها ان صوت الحق عالٍ .ام تتبنى سياسة (الرأس المرفوعة ) التى تقف خلف الستار منتظرة من يفوز لتصفق له و تحتضنه و مهما ان اتفق مع مبادئها أم اختلف المهم يتماشى مع مصالحها يعنى هى مع الكسبان و هى قادرة على التكيف مع الفائز . و هذا يتضح تماما من قبول تعاون الكنيسة مع السلفيين و الاخوان على عكس رفضهم المطلق فى البداية لكن افاقوا على الامر الواقع ،أم تتبنى سياسة ثالثة و هى سياسة المضغوط المغلوب على أمره الضعيف أو (الرأس المنكوسة) و ذلك لسببين حقيقيين اولهما عدم الاستنارة الروحية الحقيقية التى يمكنها ان تقودنا فى عالم وضع فى الشرير إما روحانيات زائفة خادعة فقط تمكنها من السيطرة على الشعب و تحقيق مصالحها وعدم معاداة الدولة وثانيها عدم وجود اساقفة ( و ليس البابا ) مخضرمين فى العمل الساسي لكنهم يدفعون بانفسهم فى السياسة عنوة ليحصدوا مكاسب للاسف شخصية من شهرة و طمع و كراسى قادمة ضاربين بالشعب عرض الحائط ... فهل يوجد الان فى الكنيسة رجلاً يقول " لا " بوضوح و شجاعة ؟وهذا اذا ما كانت الكنيسة توافق على الدخول في لعبة السياسة ، لكنها ما زالت تملك حق"الفيتو" في الإنسحاب من اللعبة ورفع شعار " عفواً.. ممنوع الدخول منطقة روحانية" ، لن يلومها أحد.

ثالثا: نجاح ثورة 25 يناير على المستوى السياسى شجع الشعب المصري كله على ان يقول لا و يتكلم و يدافع عن حقوقه و يعبر عن رأيه الذي هو ضد النظام كله و منه تشجع فئات الشعب المصري كفئات مستقلة كازهريين و اخوان و سلفيين لكن اكثرهم الاقباط على المستوى الكنسى ان يعترضوا و يختلفوا فى سياسة الكنيسة بل و يعلو صوتهم فوق صوت رجل الكنيسة و تحررهم من عقدة " ان تعترض فانت ذاهب الى جهنم " هتاف مجموعة من الشباب القبطى ضد العسكر اثناء عظة البابا تعبر عن اعتراض الكثير و الكثير من الاقباط على اتجاهات الكنيسة و رجالها التى يجب ان تحتضن اولادها و تشعر بآلامهم و مطالبهم المشروعة (و تشعرهم بذلك ) اكثر مما تشعر بانتصار الغرباء وتميزهم و تشرفهم . الكنيسة لم تخلق لأجل "النظام السياسى " الثورة السياسية والدم المسفوك حررت الشباب من مبادئ " كله للخير- كله بركة – اكيد فيه حكمة " و أصبح يرى نفسه افضل و اقيم فى وضع الفاعل من وضع المفعول به فى كل شئ من قبل الكنيسة. المارد خارج من "القمقم" وصعب ارجاعه.

رابعاً: الكنيسة تواجه خطر الانقسام ما بين انفراد قادتها بصنع القرار و ما بين هياج الشباب و اندفاعهم فى المطالبة بحقوقهم المشروعة دينياً و مدنياً من الآباء . لابد ان يلتقى الجميع فى الرأي فى منطقة وسطى (ما بين الجنة و النار ) تجمع بين تماشى الكنيسة مع السياسة و بين استعادة حقوقنا المهدورة .. على سبيل المثال ماذا لو جلس على مائدة الحوار قادة الكنيسة مع جمهور الشباب المعترض على اقامة الاحتفال اصلا و الاستماع لهم ( وليس تهداتهم ) و انما التفكير معهم فى حل وسط يرضى الكل و الاستفادة من خبرات هؤلاء الشباب السياسية كونهم نشطاء سياسيون فى الشارع السياسى . لابد ان يتصالح الاب مع اولاده قبل ان يستقبل ضيوفه لكن للاسف اسرع قادة الكنيسة لتسوية امورهم مع الاخوان و السلفيين و العسكر قبل ان يساوا امورهم و يتحاوروا مع اولادهم .

(خطوات تائهة من الكنيسة (الرعاة

أولا:يجب سريعاً ان يتدارك رجال الكنيسة ان الخطر الحقيقي الذي يهدد الكنيسة من داخلها و ليس من خارجها . الخطر الحقيقي هو من الشباب المطالب بدمه و حقوقه و ليس من الاخوان و السلفيين و العسكر . يجب سريعا ان يأخذ قادة الكنيسة المبادرة نحو شبابهم (فهم اولى بالمعروف) و يستمعوا بانصات لعدم رضاهم قبل ان يستمعوا للغرباء . و عدم المغالاة فى استفزازهؤلاء الشباب . فمثلا عظة البابا كانت هادئة وهادفة وعدت بسلام اما عن نفسى توقفت عند مقدمة تعريف العسكر " بالمميز و المشرف " فهل كان يقصد قداسة البابا حضورهم المميز و المشرف منذ اربعين عاما و بالتحديد فى حرب اكتوبر 1973 فهو حقا كان مميزا و مشرفا ام حضورهم المميز و المشرف ايضا منذ اربعين يوما فقط فى حرب محمد محمود بمجلس الوزراء و استخدامهم ايضا نفس نظرية "خراطيم المياه"؟

ثانياً: هل قدمت الكنيسة ورجالها أفضل مالديهم؟ نعم قدمت الكثير لا ننكر ، لكنها لم تقدم الافضل وهو المطلوب منها ، قدمت خدمات اجتماعية وطبية واعلامية وهو ما تفعله المنظمات الإسلامية ومنظمات العمل المدني ،لكنها للأسف فقدت التميز الروحي والتعليمي وهو المطلوب منها وهذا يأتي من دراسات الكتاب المقدس والصلاه وهي للأسف خدمات "ملهاش سوق وملهاش بياع" داخل الكنيسة .
ثالثا :الكنيسة فقدت الشفافية على الاقل أمام الشعب نفسه في أمور كثيرة ،ما جعل الشعب يثور في قلبه قبل أن يثور لسانه،مثلا:المغالاة في تهنئة الأساقفة والكهنة بسلامة الوصول وأعياد الرسامة في وقت لا يجد كثير من الشباب تمن تذكرة السفر ليذهب ليقضي العيد مع أسرته ، مشاريع اقتصاديا عملاقة وعقارية شاهقة وكثير من الأسر عايشين في العشوائيات،وخدام أخوة الرب يدركون هذا جيداً لكن لا يقدروا على الإعتراض، قنوات اعلامية موجهة من قبل الكنيسة لمدح وتلميع رجال الكنيسة أمام الشعب والسلطة وفي كل هذا استشهد الشعب الغلبان "معنوياً"على أيدي رجال ألكنيسة قبل أن يستشهدوا على أيدي الإخوان والسلفيين "جسدياً" .ازدواجية المعايير استفزت الشعب .. مثال بسيط :التصفيق والإعتراض سلبي ومحرم داخل صحن الكنيسة لأنها مكان مقدس ولا يخدم مع مصالحنا،لكنه محبب ومحلل وأيجابي أيام الأعياد وأيام مبارك وأيام الأربعاء لأنه يخدم مصالحنا ويعلي من أمور نريدها أن ترتفع .. طب ازاي؟؟

(خطوات تائهة من الشعب (ا لرعية

أولاً: وقفت كثيراً في أسبوع العيد أمام ألاف الرسائل القصيرة على شريط أعلانات القنوات الفضائية المسيحية "يهنئ س وزوجته ص والأبناء ع، ل،ن قداسة البابا بالعيد " بالطبع هدف الرسالة هو تلميع أسم العائلة أما العالم كله وليس تهنئة البابا،والظن الأبعد أن الشعب من السذاجة أن يظن أن أسماء العائلة هتكون أول أسماء على مكتب البابا صباح يوم العيد، والظن الأطمع هو لإشباع رغبة في التملك بأننا يمكننا أن نشتري القناه بمذيعيها ب-"جنيه ونصف" ثمن الرسالة.. مش عارف!! كنت حقاً ومن كل قلبي اتمنى أن أجد رسالة واحدة صادقة من القلب تقول" فلان وعائلته يهنئون أسرة الشهيد فلان وزوجته وأولاده وكل عام وهم بخير " متى تكون مشاعر قلوبنا حقيقية ، لنجعل قلوبنا زهرة حب ملونة ترسل رسائل تعزية لأناس غطى السواد ملابسهم ونحر الحزن قلوبهم، وقصف ألهم ما تبقي من ملامح الفرح من وجوههم.

ثانياً :الشعب القبطي عامة (للأسف مثقفين) يفضل علاج مشاكل الكنيسة الداخلية بما يسمى "طب الأمثال" مثل (ننشر غسيلنا اللي مش نضيف) أو "الأحاديث الإسلامية " (اذا بليتم فأستتروا).الأمور الهندسية تحكمها قواعد الهندسة فقط والأمور الكنسية تحكمها قواعد الكتاب المقدس الذي تاه بيننا ، وليس رأيي ورأيك ورأي أبونا ، وغير هذا "هلك شعبي من عدم المعرفة"الكتاب المقدس هو المرأة التي نري فيها أنفسنا ونقيم أفعالنا. الكتاب المقدس هو الجراح القادر على فتح الجرح بمهارة حيث هناك حالات لابد من الجراحة لأن الحالة حقاً متأخرة،وخير مثل على ذلك الرب يسوع نفسه كان يمكنه أن "يطنش" على رؤساء الكهنة واليهود لأنهم أهله وعشيرته ، انما كشف أفعالهم على الأقل أمام أنفسهم.

ثالثا: هل قدم الشعب أفضل ما لديه لأخوته من الشعب نفسه ثم من دعم لرجال الكنيسة .. نعم قدمنا لكن للحق قدمنا القليل ، وليفحص كل انسان ذاته ؟لابد أيضاً أن يتحرك الشعب خطوات ليقف في ظهر الكنيسة بالعمل وألحق وليس بالهتافات واللوم والنفاق.فما أن نسمع عن كاهن يحتمل الملامة في موقف ما حتى نهيج عليه ونجلده بسياط كلماتنا على المواقع الإجتماعية قبل أن يجلده الغرباء (وأنا واحد منكم)، وكاهن أخر نرفعه فوق اعناقنا لأن كلماته وافقت هونا . احذروا الفتنة.

رابعاً:الآف التفاح سقط الآف المرات بفعل الجاذبية الأرضية ولكن نيوتن واحد هو الذي اكتشف أن الجاذبية الأرضية لها قانون،الأمر لا يحتاج الى نيوتن جديد حتى نكتشف أن الشيخوخة أيضاً لها قوانين واعتبارت تؤثر على عطاء صحة الإنسان وتهبط بها من أعلى الى أسفل، و قداسة البابا واحد منهم. وقبل ان يعلو صوتنا فوق صوت الكنيسة و قادتها يجب ان نصلى من اجلهم .. نصلى من اجل البابا شنودة ان "يعينه ربنا و يساعده" على المسئولية الجسيمة و الشيخوخة المتعبة وفعلاً "كتر خيره"

-اختتم.. عندما كنت أعمل بالتدريس جمعني القدر بطالب متمرد مشاكس متأخر عن مواعيد الحصص دائما ، عندما كنت أصحح أوراق اجابة امتحانات الشهر أستفزتني ورقة اجابة تستحق "الصفر" بجدارة ، علمت بعدها أنها لهذا المتمرد، فكانت فرصتي الذهبية للإنتقام منه، واجهته.. لكنه طلب مني دقيقة واحدة لشرح موقفه،هذا الطفل يعمل بائع جرائد في الصباح ويعول أسرة مكونة من أم مطلقة وأخت صغرى، والصفر الذي حصل عليه هو أفضل ما عنده، دموعه المختبئة وراء معاناته كانت كافية. ومشاكسته كانت تمرد على الواقع الذي يعيشه وليس على شخصي..

فهل من لحظة صدق بين الرعاة والرعية يتقدم كل منهما فيها خطوة نحو الأخر ...
 




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :