الأقباط متحدون | البلاد خلعت قميص نومها وتركتنا عراة
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٥:١٩ | الاثنين ١٢ ديسمبر ٢٠١١ | ٢ كيهك ١٧٢٨ ش | العدد ٢٦٠٦ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

البلاد خلعت قميص نومها وتركتنا عراة

الاثنين ١٢ ديسمبر ٢٠١١ - ٠٣: ٠٦ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

 انفجار يناير كشف مستور مصر، وكشف عن عورتها. أتساءل كيف لشعب يقضي حياته يقظا في الشوارع يزج به بين قضبان القهر السلفي.

بقلم: ماجدة سيدهم

من على رصيفي المتخم ببسطاء وفهماء شعبي، نشهر سيف ضمائرنا، صفاء عقولنا وارتفاع قامة إنسانيتنا صوب أمواج الفكر العقيم وعواصف الآراء القبيحة والشرهة للتخلف والخراب كي تنمو حماقتها على جثة الجمال والنور والحضارة، ورغم عدم يقيني باستكمال المرحلة الثالثة من الانتخابات المرحلية وفق هذا الكثير من المخالفات والتجاوزات والتي دفعت للمطالبة ببطلانها، لكن حتى لو تصورنا أن الأمور تتبع سياق التيار الديني الذي يعمل جاهدا على قوى الجهل وعدم المعرفة لدعم حملته وتربعه على سدة المجلس. فلن يقبل الشعب المصري بكل طوائفه على السواء بهذه النتائج المخزية والمحزنة معا رغم توقعها، وهو ما بدا واضحا بحالة الوجوم واليأس التي أصابت ملمح الشارع المصري بعد نتائج المرحلة الأولى لصالح التيار آنف الذكر.

 

فدماء يناير وسحق أحلام الشباب الوردي وصفع قلوب الأمهات في مقتل لم تكن من اجل دولة العار، وعلى افتراض أننا في ظل مناخ ندعي انه ديمقراطي إذا يتطلب الأمر أن نكون قدر تلك المسؤولية الديمقراطية ونقبل بل وندعم أيه تيار كان لخير البلاد، لكن هل صارت الانتخابات وفق المعايير القانونية والأخلاقية بلا استقطاب رخيص والتواء للحقائق المسماة بالنزاهة؟

وعلى افتراض أن النتائج جاءت لصالح الدولة المدنية، فهل ستقبل بها صفوف التيار الديني الذي اعد العتاد للحكم مسبقا.. اشك! بل ستكون النتائج مدعاة كبرى للجهاد في سبيل الله كما يزعمون..

 

نعم..نحن إذا في كلتا الحالتين بصدد الثورة الحقيقية التي كانت مقصد الشباب أولا وحلم الشعب برمته، ثورة على العقل المغيب والفكر السقيم، ثورة تمحو تماما كل أثار الماضي المؤسف والحاضر المشلول على أثار الوجع والخيبة والانحدار إلى هوة عصور الظلام والتخلف وقمح الحريات، ثورة صارخة بلا هوادة أو مهادنة أو تفاوض لمنح فرصا أخرى للتلاعب، فما يتم ألان بالبلاد ليس أكثر من عملية ترقيع أو موائمة مابين خيبات الماضي وتشرد الحاضر لإعادة حالة من التكيف والتعايش لنعود مجددا في السياق التبعي والقمعي للقطيع، أما المستقبل لم يرد في الحسبان لأنه أ ُسقط عمدا..فيما أن انفجار يناير كشف مستور البلاد، كشف عن عورتها وبتنا حقا عراة..

 

أشبه ما تعرضت له مصر مؤخرا مثل فتاة فارعة الجمال والنقاء، تحرش بها قطاع الطرق وذا بها تصرخ لتجد في طريقها شيخ الخفر المؤتمن على حمايتها وتهرع إليه آنذاك الحين، فإذ به يغتصبها مدعيا صونها بل ويعرضها لإنتهاك المارين بدعوى رتق الحدث المشين، وكلما صرخت وصرخت ودافعت عن نفسها لم يتحرك لها ساكنا، بل بوقار مكانته يدعو الجمع ألاّ يقتربوا أو يعترضوا غضبها وعصيانها فهذا ابخس حقوقها ،لكن لا يمانع من تكرار التمثيل بجسدها على مرأى عينيه مفسحا المجال للجهلاء وأنصاف الهامة ليفتوا في إقصائها وسحلها والاقتراع لمبادرة ردمها حية كي لا تعاود وتثور ثانية، أو أن تحاول قائمة وتنول منتقمة من مغتصبيها، فنحن إذا نعيش حالة من العهر السياسي والفكري الفاضح..

 

الآن، ولكل عابر بسطوري المتواضعة، لننتبه: ان كل ما يتبناه أصحاب الأفكار الرزيلة والمدعومة لا علاقة لهم بالإسلام الذي نعرف ونحب ونحترم ونعايش وننصهر،لذا لن تفرض جزية ولن تقهر مرآة ولن يفرض حجاب قسرا ولن تهدم حضارة ولن يعدم أدب أو فن ولن يقمع فكر ويصادر رأي ولن تطبق حدود على بشر خلقوا ليمتلكوا حريتهم وإرادتهم ليصنعوا تاريخا إنسانيا راقيا ومتحضرا، لننتبه جيدا إلى كافه المحاولات الخارجية الموجهة لتخريب البلاد تضامنا مع التيار الديني ليس حبا أو اقتناعا بل شريطة تأمين الحدود الإستراتيجية والاتفاقيات الدولية المبرمة مسبقا، وان كانت تلك المصالح لا غضاضة منها فعلى الأقل لا تكن بأساليب خبيثة وعلى حساب كرامة شعب يريد أن يحيا حرا، وليكن نصب أعيننا انه وعلى مر العصور كم فشلت كل أنظمة الحكم الدينية وكم جلبت لشعوبها المزيد من التعاسة والشقاء، الأمر الذي يدفع حتما لسقوط تلك الحكومات اثر انقلاب شديد الشراسة والعنف.

 

عندما أسير في ليل شوارع بلادي وارى الزحام الآمن، رغم ما نعاني من غياب امني وفراغ سياسي، أتعجب لفرط سير الحياة وفق الطبيعة الفطرة، وأتساءل كيف لشعب يقضي حياته يقظا في الشوارع يزج به بين قضبان القهر السلفي. لذا لن تكون مصر ولو بعد حين غير دولة القانون والفكر والجمال والحضارة هذا لن يصنعه غير شعب عظيم يفتخر بحضارته الرفيعة وامتيازاته النبيلة وتاريخه المكلل بالمزيد من الدماء والدماء..

ماجدة سيدهم

العنوان، مقطع شعري للشاعر الليبي عبدالسلام العجيلي




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :