الأقباط متحدون | السيد الأستاذ المستشار وزير العدل
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٢:٢٠ | الأحد ١١ ديسمبر ٢٠١١ | ١ كيهك ١٧٢٨ ش | العدد ٢٦٠٥ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

السيد الأستاذ المستشار وزير العدل

الأحد ١١ ديسمبر ٢٠١١ - ٠٩: ١١ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: حنا حنا المحامي  
تحيةً وإجلالًا
هذا الخطاب يا سيدي المستشار يعبِّر عما يجيش في صدور ملايين المصريين إزاء ما قام به بعض أعضاء قضائنا الموقَّر في الانتخابات البرلمانية.
 
لقد نص القانون على أن الدعاية الانتخابية يتعيَّن أن تتوقف قبل الانتخاب بثمانية وأربعين ساعة. وقد كان هذا قرارًا حكيمًا حتى يتم الانتخاب في جو يسوده الهدوء والسكينة، حتى يُدلي كل مواطن بواجبه في سلام وطمأنينة. إذ أن الدعاية الانتخابية تكون قد أتت ثمارها في الفترة السابقة على الانتخاب، ومن ثم يكون كل مواطن قد ترسَّخ في ذهنه اسم المرشَّح الذي سيعطي له صوته، وبذلك تتم العملية الانتخابية بالصورة التي يتعيَّن أن تكون عليها أي دولة راقية ومتقدِّمة.
 
 
وإني يا سيدي لن أتعرَّض للعامة الذين خالفوا هذا القانون، ولكن ما يملأ كياني وكيان أي قانوني في "مصر" تلك المخالفات التي حدثت من القضاة الذين كان منوطًا بهم حفظ القانون والالتزام بكل القواعد الانتخابية، بما فيها الدعاية بكل ألوانها وأشكالها ودرجاتها.
 
إن بعض القضاة كانوا يقولون للناخبين "انتخب حزب الحرية والعدالة". وأصارحكم القول إني انزعجت لهذا الخبر أشد انزعاج. فقد كنت أخشى أن نعود إلى العهد السابق بما فيه من فساد. ذلك أن الفساد كان قد طال للأسف الشديد قضاءنا الشامخ العظيم، أو بمعنى أدق، الذي كان عظيمًا.
 
لقد تمت تلك التجاوزات في العهد السابق تحت ستار المادة الثانية التي تنادي بأن "دين الدولة الإسلام والشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع". ورغم أنه واضح من النص وضوح الشمس أن تلك المادة تخاطب المشرِّع فقط، إلا أننا وجدنا أن قضاة كثيرين كانوا يطبقونها فينصِّبوا أنفسهم مشرعين وقضاة في نفس الوقت.
 
فمثلًا في جريمة أخلاقية اُرتكبت من شاب مسيحي مع فتاة مسلمة بإرادتها المطلقة، تطوَّع أربعة من الرجال لاغتيال الشاب، وحين لم يجدوه اغتالوا والده البرئ الذي لم يرتكب ذنبًا أو إثمًا. لم يترددوا في أن يغتالوه رغم أن الشريعة الإسلامية تقول "لا تزر وازرة وزر أخرى". ثم أُحيل الشباب الأربعة إلى محكمة الجنايات. صدر الحكم ببراءة المتهمين الأربعة. وقد كان ذلك تأسيسًا على أنه "لا يؤخذ دم مسلم بكافر"، كما أنه كان مباركة لفكرة الانتقام "والثأر" المتخلف. وفي حقيقة الأمر كان القانون الذي يلتزم به القاضي هو الذي اُغتيل.
 
 
لم يكن هذا غريبًا في عهد عُرف بالفساد والإفساد لكل الحياة السياسية والمدنية والاقتصادية وكذلك.. القضائية. ولكن حيث أن هناك ثورة، وأنه يتعين على "مصر" أن تخطو خطوات الحرية والديمقراطية اللذين لن يتحققا إلا بدولة القانون، فمن ثم يكون القانون هو الذي يعلو المجتمع والمواطنين، وعلى أولهم "القضاة".
 
ولكن، للأسف نجد أن بعض القضاة يقومون بدور الدعاة في الانتخابات وهم في عقر محراب الانتخاب!. فيطلبون من الناخبين انتخاب "الحرية والعدالة". وبذلك يخالفون دورهم الحيادي حيادًا مطلقًا في الانتخابات. وإذا كان لا يجوز لقاض أن يقوم بدور الداعي للانتخاب، فما بالكم إذا كان هذا الانتخاب هو رقيب عليه وعلى كل سلوكياته وتصرفاته وتصرفات الناخبين؟. هل يجوز أن ينهى عن خُلق ويأتي مثله؟  كذلك ينص القانون على أن الدعاية الانتخابية تنتهي قبل التصويت بيومين، فكيف يقوم القاضي المنوط به الالتزام بهذا القانون أن يخالفه وقت الانتخاب؟؟
 
سيدي وزير العدل..، لم يكن الأمر قاصرًا على الدعاية الانتخابية، بل تعدت هذا إلى التزوير. نعم يا سيدي المستشار... التزوير. كان بعض القضاة يقومون بملء نماذج الانتخاب ويضعونها في صندوق الانتخاب!.
 
هل يمكن أن يكون هذا مسلك القاضي أيًا كانت عقيدته أو معتقده أو الحزب الذي ينتمي إليه؟
 
سيدي المستشار، وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل. فكيف أطمئن إلى قاضىّ الطبيعي؟ وكيف ألجأ إليه إذا كان خصمي له "زبيبة"؟ كيف أطمئن إلى أي حكم يصدره أي قاض يطبِّق القانون وفق ما يرتأيه بعيدًا عن نصوص القانون  أو الدستور، بينما المفروض أنه يلتزم التزامًا مقيدًا قيدًا مطلقًا بأحكامه؟. لا تقل لي يا سيدي إن في الاستئناف خير ملاذ. ذلك أنه ليس من القاعدة أن أخسر أي درجة من درجات التقاضي دون وجه حق.. ثم من أدراني أن يكون قاضي الاستئناف له نفس مبدأ قاضي أول درجة؟


 
كيف أطمئن إلى أي قاض في أي نزاع بيني وبين متخاصم مسلم؟ إنه لن يتردَّد في أن يساند خصمي المسلم؛ لأنه "انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا"، وطبعًا لن يلتفت إلى باقي الحديث "بأن ترده عن ظلمه". كيف أطمئن إلى قاض سمح لنفسه أن يحنث باليمين الذي أقسمه فيخالف القانون؟ كيف يمكن أن أطمئن إلى مثل هذا القاضي؟ كيف يدَّعي أو أتصوَّر أنه يمكن أن يطبِّق القانون بنزاهة وحيدة تامة؟
 
سيدي،.. إن القاضي الذي يسمح لنفسه بأن يخالف القانون، بل أكثر من هذا وأخطر إذ يسمح لنفسه بأن يقوم بالتزوير، هل يمكن أن يقيم العدالة المطلقة والعمياء التي لا تنظر إلى دين المتخاصم أو عقيدته؟.
 
في العهد السابق، والذي لن أتردَّد في أن أسمِّيه العهد الأسود، كان هناك نزاعًا بشأن أرض ملك لدير الأنبا "أنطونيوس"، وهو أقدَّم دير في "مصر". بعد طول النزاع وجدت الكنيسة مستندات ملكية الدير فقدَّمتها وهي مطمئنة غاية الاطمئنان. لما كان هناك اضطهادًا ممنهجًا ضد الكنيسة، فلم يتردَّد الأستاذ القاضي بأن يفتي بأنه تأسيسًا على قدم هذا الدير، هذه الأرض تدخل في ملكية الدولة بحسبان هذه الأرض أرضًا أثرية. ما رأيكم في مثل هذا الحكم الذي ينم على أن التعصب وصل إلى عصب القضاء؟ أرض صحراوية وبعضها مزروع بواسطة الرهبان تصبح أثرية!. وهذا الحكم لم يكن إلا تعبيرًا عن روح التعصب البغيض الذي جعل كل مسيحي غير آمن على يومه أو غده.
 
أمام ثورة اللوتس كنا نتوقَّع أن يكون قضاؤنا شامخًا كما كان قبل ستين عامًا، ولكن أقولها بملء الفم، هذا لم يحدث، والبادي أنه لن يحدث.
 
سيدي المستشار،.. إن العدالة "عمياء"، لا تعرف دينًا ولا جنسًا ولا موطنًا، ولا أي اعتبار آخر إلا الحق والحق وحده، وتحت مظلة واحدة فقط هي مظلة القانون الذي يطبِّقه وليس القانون الذي يأتي به من عندياته وفق ما يراه من هوى أو تعصب.


 
سيدي،.. إن العهد الأسود عمل على تصفية كل الجهات الحساسة بما فيها القضاء من المسيحيين، فكانت هذه هي النتيجة، أن حل محلهم المتطرفون الذين لا يؤمنون إلا بعقيدة "انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا (فقط)"، ومن ثم تداعت كل قيم العدالة التي لا تفرِّق بين متخاصم وآخر أيًا كان، فتداعت كل مبادئ تكافؤ الفرص.
 
سيدي، حدث في "الفيوم" منذ أيام معدودة حادث لا يُرتكب في شريعة الغاب؛ ثلاثة من الرجال حاولوا خطف سيدة كانت تسير مع زوجها. كانت هذه السيدة "سافرة".. أي أنها "مسيحية"!!. العهد الأسود عمل على ترسيخ مفهوم أن أموال ونساء وفتيات المسيحيين مباحة للمسلمين. لم يتردَّد الثلاثة من محاولة خطف الزوجة لاغتصابها طبعًا. لماذا؟ لأنه قد ترسَّخ في أذهانهم أن القانون سوف يحميهم بطريقة أو بأخرى لأن المُعتَدى عليها "كافرة". هذا ما تعلموه من النظام السابق الأسود. هنا يا سيدي سؤال يفرض نفسه، كيف سيكون الأمر بعد ثوره 25 يناير؟
 
سيدي الوزير،.. إننا نطرح هذه القضية أمام عدالتكم، وليس لنا توجيه لا سمح الله، بل نتركها لعدالتكم لاتخاذ ما ترونه مناسبًا من إجراءات حتى يطمئن كل مواطن إلى قاضيه الطبيعي فيدخل المحكمة وهو يعلم أن منْ بها هو المتخاصم وخصمه والمحاميان والقاضي وصوت الله لأنه صوت الحق والعدل. وقبل هذا وذاك.. حتى تكون الانتخابات نزيهة.
 
سيدي،.. إننا نريد أن يكون صوت القاضي المصري صوت العدل والحق.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام والإجلال.

 




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :