الأقباط متحدون | خوف غير مبرر
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٧:٢٦ | الأحد ١١ ديسمبر ٢٠١١ | ١ كيهك ١٧٢٨ ش | العدد ٢٦٠٥ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

خوف غير مبرر

الأحد ١١ ديسمبر ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: أحمد صُبح
إنني أرى الخوف من نجاح الإسلاميين في الانتخابات البرلمانية الأخيرة غير مبرر على الإطلاق ؛ حيث أن التيار الديني في مصر لم ينجح في التغيير بالأدبيات الفقهية التي تبناها على مدار تاريخه الطويل ، سواء كانت مذكورة في" معالم في الطريق " لسيد قطب ، أو في أدبيات الجماعة الإسلامية ، والتي تراجعت عنها بعدما خاضت حرباً طاحنة مع النظام السابق في فترة التسعينات ، معتمدين على أدبيات مثل " حتمية المواجهة " و" الطائفة " وغيرهما من الأبحاث التي كانت تتخذها مُستَنَداً لها في خروجها على النظام الحاكم ، كما أن معظم التيار السلفي في مصر ليس من أدبياته المواجهة العملية ، وإن كان بعضه يكفُر بالعملية الانتخابية والديمقراطية ، والبعض االآخر من التيار راهَن على النظام السابق ؛ فاعتبر الخروج عليه خروجاً على الحاكم المسلم ، وارتبط مع جهاز أمن الدولة ليقدم نفسه على أنه صاحب الإسلام المعتدل ، وهناك نوع آخر من السلفيين توارى في سردابه مكتفياً بما يتاح له من مساحة دعوية في مساجدهم والتي كانت تقع تحت عيون أمن الدولة مثل غيرها من التيارات الإسلامية ، ولازلت أذكر قول أحد ضباط أمن الدولة في جهاز مدينة نصر وهو في زيارته للسجون أثناء ندوات مراجعة الجماعة الإسلامية لأفكارها ، حيث قال : " أنا اللي في المطبخ وأخرج الوجبات سواء كانت في المساجد أو في الفضائيات ! " ، وأنا أوقن أن المصريين يعلمون ذلك جيداً ، ولكن دعونا نتساءل لماذا الخوف من قدوم التيار الديني ليتصدر المشهد ؟!
إن الخوف الذي يبديه الليبراليون والأقباط وغيرهم قد يكون له ما يبرره ، حيث أن رسائل الاطمئنان لم تكن كافية من التيار الديني ، وخاصة أن البعض منهم قام بحرق وهدم بعض دور العبادة للأقباط ، وآخرون قاموا بقطع بعض الأعضاء لمن يرونهم مخالفين في أمر ما ، هذه الهمجية من بعض المنتسبين إلى التيار الديني ساعد عليها غياب سلطة الدولة في الردع والزجر ، حيث لم نر جدية في تقديم المخالفين للقضاء العادل ، واعتمدنا على بعض الجلسات العرفية في سيناريو هابط لا يمكن أن يعبر عن دولة ضاربة في جذور التاريخ ، وإن كنت كمراقب للأحداث أرى أن ذلك من قبيل الثورة المضادة لإجهاض الثورة ، قد تكون ضالعة فيها أجهزة داخلية ومخابرات أجنبية ، معتمدة على غباء من يقوم بذلك ، ولكن الله متمّ نوره بنجاح الثورة ولو كره الحاقدون ، ومن هنا أرى أن الخوف من صعود التيار الديني ليس مبرراً للآتي :

1. من المستحيل أن نرى من شعب ذاق الذلة والهوان منطقاً سليماً ، وقد تحدث مفاجآت من أناس آخرين لم نتصور أنهم يأتون بذلك ! فما الحل ؟! الحل أنه لابد من كفاح صامد ضد المعطيات والشروط ، لأننا قبل كل تحليل أو بعده ، لابد أن تبحث عن دورنا الإنساني .
2. أن بعض السلفية والتي كانت تُكَفّر العملية الديمقراطية لم نكن نخشاها وهي تفعل ذلك ، فكيف نخاف منهم وهم الآن يأخذون بالديمقراطية من إنشاء الأحزاب والاحتكام إلى صندوق الانتخاب ، أى إلى إرادة الشعب ، ومعلوم منطقياً أن بداية الطريق يؤدي إلى نهايته ، وبالتالي فهم آمنوا بالديمقراطية كإجراء ، فلابد أن يؤمنوا بها كقيمة يوماً ما .

3. نحن الذين حددنا قواعد اللعبة ونضع قوانينها ، وبالتالي فمن شارك في العملية الانتخابية لابد أن يخضع لقوانينها ، وإن اختلف ظاهره وهديه الظاهر ، فمثلاً لو أن رجلاً سلفياً لعب مباراة كرة قدم سوف تنطبق عليه قوانينها ، ولن يخترع قانوناً جديداً ، وهذا ما سنراه في العملية الديمقراطية والتي ارتضت بها السلفية خاصة والتيار الديني عامة .

4. إن الشعب المصري شعب ذكي بطبعه ، وهو صانع الحضارة ، وبالتالي لن يترك طائفة معينة أو حزباً سياسياً يأخذه إلى الوراء ، وهذا ما رأيناه في انتخابات الإعادة في الجولة الأولى ، حيث كان رد الشعب قاسياً على السلفية ، عندما صرحوا بعبارات غير مسئولة تؤدي إلى تفكيك هذا المجتمع ، ولعل أبرزها كلمات عبد المنعم الشحات الذي أعلن أن الديمقراطية كفر بواح ، فتم الاحتكام للشعب الذي صفعه في انتخابات نزيهة وأسقطه هو ومن يمثله ، مع أنه كان يقدم نفسه بأنه المتحدث باسم السلفية ، ألم أقل لكم نحن الذين نضع قوانين اللعبة ؟
5. يقولون دائماً إن أشد ساعات الليل ظلمة هي الساعة التي تسبق طلوع الفجر ، لأن الفساد والظلم والسواد يستجمعون قواهم من أجل البقاء حتى لايظهر النور والحق والإبداع ، ولكن أنـَّي لهم ذلك ؟ فالليل ينتسب إلى الماضي ، والفجر يأتي بالمستقبل ، لذلك فأنا مطمئن أن شمس الثورة ستسطع على الجميع وسيشعر بشعاعها الدافيء الخصيب والجديب ، والعامر والغامر ، والنجد والوهد ، والأخضر واليابس ، والمسلم والقبطي وجميع شعب مصر .
6. لقد أوصى نابليون بونابرت خليفته في الحملة الفرنسية كليبر ، قائلاً عليك أن تحذر روح التعصب ، وتعمل على تنويمها ، وذلك بأن تحوز ثقة كبار المشايخ ، فلا شىء أكثر خطراً من المشايخ الذين يرهبون القتال ولايعرفون طرقه ولكنهم مثل القسيسين يوحون بالتعصب دون أن يكونوا هم أنفسهم متعصبين ، لذلك فإنني أرى أن أكثر الناس الـمُتوقَّع اندماجهم المستقبلي في المجتمع المصري هم التيار الديني ، وخاصة السلفية ، ولكم أن تنظروا إلى فتاويهم الأخيرة من جواز كشف المرأة لوجهها لإعطاء صوتها أمام القاضي ، أو جواز عمل المرأة ، أو الصور التي يتم تعليقها في الدعاية الانتخابية ، كل هذه الامور – والتي كانت في الماضي القريب ضرباً من ضروب الخيال - توحي بأن التيار الديني في مصر سوف ينخرط في الحداثة ، وأن مصر بالذات تنفي الخبث عنها وتطرده .
7. إن التاريخ شاهد أن كل من يحاول حل قضيته بالعنف يكون قد باع قضيته لأشد خصومه ؛ لذلك إذا أخرجنا من قلوبنا فرحتها بالعنف فإننا سنفتح طرقاً لانهائية للحلول ، فعالم الكبار لايمكن أن يتقاتلوا ، وقد وقع الاتحاد السوفيتي بدون قتال ، ولعلنا قرأنا " اليابان البلد الذي يستطيع أن يقول لا " ، وعالم الصغار إذا أرادوا أن يحلوا مشاكلهم بالعنف والإقصاء فمصيرهم مصير العراق وأفغانستان .
من هنا فأنا أوقن أن المستقبل في مصر باهر ، وأن المواطَنة الحقيقية سوف تظهر في أسمى معانيها لدى الشعب المصري ، وأن التيار الديني سوف يكون في خدمة مصر ، وإن كان ظاهر بعضهم يوحي بالتعصب ، فإننا نحن الذين نضع قوانين اللعبة ، وإن كنت من منبر أقباط متحدون أدعو التيار الديني السلفي بالذات أن يتعلم " النحو " ، أى نحو الممارسة التطبيقية لأننا لا نستطيع أن نمحو أمية جماعة معينة بالقدر الذي نريده ، بل لابد من تعريفهم طريقة " النحو " ، وليس المقصود جمع المفردات داخل جملة واحدة ، ولكنه نحو الممارسة التي تعني المواءمة بين الواقع وماينبغي أن يكون ، وفي نهاية مقالي أدعو الشعب المصري إلى عدم الخوف من التيار الديني ، فقد جاء عن طريق عملية ديمقراطية سليمة ، كنا نتوق إليها بعد عقود من الظلم والاستبداد ، وإذا أحسن التيار الديني إلى شعب مصر أقباطه قبل مسلميه ، فسوف نجدد الثقة فيه ، أما إذا كانت الأخرى والتي لا أتوقعها ، فسوف يكون في الجانب الخاطيء من التاريخ وقانون الله دائماً " وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِـــبُونَ "




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :